الإرهابي الحوثي يوسف المداني.. العقوبات تكسر همزة وصل إيران وحزب الله
صهر زعيم مليشيات الحوثي، وهمزة وصل بين إيران وحزب الله مع جماعته، هكذا يوصف الإرهابي يوسف المداني الذي شملته عقوبات مجلس الأمن الأخيرة.
ووصفت حيثيات قرار مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة الإرهابي والقيادي في جماعة الحوثي يوسف المداني بأنه "حلقة وصل بين الحوثيين والحرس الثوري وحزب الله".
"العين الإخبارية"، تتبعت مسار المداني، ودوره القيادي في مليشيات الحوثي، الموالية لإيران، وكيف أصبح رجل الحرس الثوري في العاصمة اليمنية صنعاء.
مطلوب على القوائم
لم يكن إدراج مجلس الأمن المداني على قائمة العقوبات الأول، فهو على لائحة الإرهاب الأمريكية، منذ مايو/آيار الماضي، ويضعه التحالف العربي في المرتبة الـ8 ضمن قائمة الـ40 إرهابيًا حوثيًا، ويرصد 20 مليون دولار أمريكي لمن يدلي بأي معلومات للقبض عليه أو مكان وجوده، لسجله الوحشي.
لكن حيثيات قرار مجلس الأمن بفرض عقوبات على المداني، لم تكن فقط بسبب مسؤولياته العسكرية أو علاقة المصاهرة التي تربطه بمؤسس الحوثيين، بل لكونه وثيق الصلة بالقيادي الراحل في الحرس الثوري الإيراني، الجنرال قاسم سليماني.
وكانت قائمة مجلس الأمن المشمولين بالعقوبات، تضمنت المداني وصالح الشاعر، المسؤول المالي واللوجستي لمليشيات الحوثي، ومحمد الغماري، رئيس أركان مليشيات الحوثي.
وذكرت الأمم المتحدة أن القيادات الحوثية الثلاث نفذت أنشطة تهدد السلام والأمن والاستقرار في اليمن.
وتلاحق المداني جرائم كثيرة ضد اليمنيين، كونه من أهم قادة الحوثي العسكريين، وقائد أغلب محارق الموت، بل إن المليشيات تصفه بـ"مهندس الحروب الستة"، بين الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح، والجماعة، التي دمرت البلاد، وأسفرت عن مقتل الكثيرين.
حاليا يشغل المداني منصب قائد المنطقة العسكرية الخامسة للمليشيات الحوثية، والتي تشمل محافظات غرب اليمن، والمناطق الحدودية الشمالية مع السعودية.
المداني وحزب الله
يوصف يوسف المداني (45 عاما) بأنه المؤسس الثاني للجناح العسكري للمليشيات، وذلك بعد مصرع المؤسس الأول حسين الحوثي عام 2004، وفرار زعيم الجماعة الحالي عبدالملك الحوثي إلى أحد كهوف بلدة نقعة، شمال شرق صعدة.
وينحدر "المداني" من أسرة إمامية استوطنت مديرية "مستبأ" بمحافظة حجة، ويعد من أوائل رجالات مليشيات الحوثي الذين انتقلوا إلى إيران وجنوب لبنان، وقد تلقى تدريبه العسكري باكرا على أيدي خبراء حزب الله.
وحسب مصادر خاصة لـ"العين الإخبارية"، فإن القيادي في حزب الله عماد مغنية، هو من وقف خلف تزكية "المداني" للارتباط بقائد فيلق القدس قاسم سليماني؛ لتستمر هذه العلاقة إلى أن تم قتل الجنرال الإيراني بغارة جوية أمريكية قرب مطار بغداد مطلع 2020.
ذراع سليماني
ووفقا للمصادر فإن "سليماني" كان المسؤول عن التدخلات الإيرانية في البحر الأحمر، فيما كان ذراعه "المداني" القائد الميداني لمليشيات الحوثية على امتداد شريط الساحل الغربي لليمن.
ولا يزال المداني، الذي يكنى "أبو حسين"، ومتزوج من ابنة مؤسس الجماعة "حسين الحوثي"، حتى اليوم يدير المسرح الغربي لليمن أو ما يعرف بـ"المنطقة العسكرية الخامسة"، ونظرا لأهميتها استمرت العلاقة التي تربطه بقائد العمليات الخارجية في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني.
وبحسب المصادر فإن سليماني كان يولي اهتماماً كبيراً للعمليات في الساحل الغربي لليمن، لأهميته الاستراتيجية في مسار الصراع وتحركات إيران المهددة للملاحة الدولية.
وتشير مصادر لـ"العين الإخبارية" إلى أن "سليماني" هرّب العديد من خبراء العسكريين الأجانب للحديدة للعمل مع "المداني" في إدارة العمليات العسكرية، سواء ما يتعلق بتهريب السلاح والمعدات، أو في التدريب وإدارة العمليات الميدانية على الأرض، والهجمات البحرية.
وأشرف أولئك الخبراء على تشكيل كتائب عسكرية في المنطقة الحوثية الخامسة باسم "كتائب المندب"، التي تلقت تدريبات مكثفة في العمليات البحرية والبرية، وتم تسليحها بشكل خاص من قبل الحرس الثوري الإيراني، وفقا لذات المصادر.
مهندس الحروب
يرجع تلقيب المداني بـ"مهندس الحروب"، إلى دوره العسكري عقب مقتل "حسين الحوثي" عام 2004 وصراعه الحاد مع القيادي الحوثي البارز "عبدالله الرزامي" الذي حاول فرض نفسه زعيما للجماعة باعتباره أبرز أتباعه والمقربين منه.
لكن المداني فرض نفسه قائدا عسكريا للمليشيات ليحسم "بدر الدين الحوثي" الصراع بينه والرزامي بتعيين نجله "عبدالملك" زعيما للجماعة، رغم أن "مهندس الحروب"، الأكثر التصاقا بقاسم سليماني والحرس الثوري الإيراني، كان يعتبر نفسه الأحق بالقيادة لانتمائه لما يسمى "العائلات السلالية".
وبحسب مصادر يمنية تحدثت لـ"العين الإخبارية"، فإن المداني بعد تولي "عبدالملك" زعامة جماعة الحوثي استمر قائدا عسكريا للمليشيات مع شقيقه "طه المداني" (قتل منتصف 2015 بضربة للتحالف)؛ لتمضي الترتيبات في المسار القيادي للتنظيم الإرهابي وفق توافق العائلات الحوثية الكبيرة، والتي حسمت قرار بقاء القيادة في "بيت بدر الدين الحوثي".
تهميش عن السياسة
أطاح زعيم المليشيات بالمداني على مشارف صنعاء من القيادة وعين شقيقه "عبدالخالق الحوثي" قائدا لعملية اجتياح العاصمة صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014، ضمن ترتيبات حوثية لما بعد إسقاط العاصمة اليمنية، وتثبيت الانقلاب.
وعقب الانقلاب الحوثي في 21 سبتمبر/أيلول 2014، وإزاحته من قيادة الجناح العسكري، عين المداني نائبا لرئيس اللجنة الأمنية العليا ثم رئيسا للجنة برتبة "لواء" خلفا لشقيقه وهو منصب اعتبره المداني إقصاء مبكرا له، كون وجود القيادات العسكرية المرتبطة بالرئيس السابق علي عبدالله صالح، حينها حجّم نفوذه داخل المؤسسة العسكرية والأمنية.
وتلقى "المداني" ثاني ضرباته لدى تشكيل المليشيات مجلسا حاكما لمناطق سيطرتها وتعيين صالح الصماد (قتل 2018 بغارة للتحالف) رئيسا له، إذ عدت رسالة صريحة من زعيم المليشيا للمداني ببقاء دوره في العمل العسكري الميداني بعيدا عن مراكز القيادة العليا والقرار السياسي في صنعاء، بحسب مصادر "العين الإخبارية".
وعين المداني قائدا لما يسمى " المنطقة الخامسة" وتضم مسرحا عسكريا يمتد من مديرية ميدي مرورا بالحديدة، وحتى المرتفعات المطلة على باب المندب والمخا غربي محافظة تعز.
ورغم محاولات زعيم الحوثيين وجناح صعدة إضعاف المداني وإنهاء تأثيره، إلا أن ارتباطه بقائد فيلق القدس الرجل القوي في الحرس الثوري الإيراني قبل مصرعه، منحه نفوذا كبيرا داخل بنية التنظيم الهرمي للمليشيات.
كما لا يزال يحظى بثقة كبيرة لدى ضباط الحرس الثوري والمخابرات الإيرانية الموجودين في اليمن بمن فيهم "حسن إيرلو" قائد فيلق القدس بصنعاء، والذي يمارس مهامه هناك تحت غطاء "سفير" لطهران.