البن اليمني.. جهود لاستعادة أمجاد أصل قهوة الـ(موكا)
اشتهر البن اليمني عالميًا باسم (موكا كوفي)، باعتباره أجود وأفضل الأصناف، وهو اسم يرتبط بميناء تصدير حبوب القهوة من اليمن إلى العالم، منذ مئات السنين، وهو ميناء المخا، الواقع غرب البلاد.
حينها، كان البن اليمني المحصول النقدي الأول، ويدر على المزارعين اليمنيين دخلا كافيا، دفعهم إلى التفرغ لزراعته، فانتشر هذا المحصول في مختلف البلاد، غير أن مناطق يافع جنوبا، وبين حماد غربا، كانت الأكثر شهرة بزراعة أفضل أصناف البن.
لكن واقع زراعة البن اليوم في اليمن لا يبشر بالخير، رغم أنه كان ذات يوم محصولا نقديا، وهذا ما دفع الجهات الحكومية المعنية بالموضوع، بالتعاون مع مؤسسات مالية ومصرفية إلى تبني توجه عام بتشجيع زراعة البن وإنعاشها.
وفي هذا الصدد، اختتمت وزارة الزراعة والري والثروة السمكية اليمنية، يوم الإثنين، فعاليات المعرض الأول للبن، بمشاركة مزارعين وجمعيات متخصصة بزراعة هذا المحصول من مختلف البلاد.
المعرض، الذي استمر ثلاثة أيام، أقيم بالشراكة مع بنك التسليف التعاوني الزراعي التابع للحكومة اليمنية، وبالتعاون مع وزارات التخطيط والتعاون الدولي والشؤون الاجتماعية، والصناعة والتجارة، ورجال أعمال، وهدف إلى حشد الجهود الحكومية والقطاع المصرفي؛ للنهوض بواقع زراعة البُن باليمن.
النهوض بواقع البن
يقول الخبير الاقتصادي اليمني، ماجد الداعري، إن واقع البُن اليمني تراجع بشكل كبير خلال العقود الماضية، ما استدعى إقامة مثل هذه المعارض لتحسين واقع زراعة هذا المحصول النقدي الهام.
ويضيف الداعري، الذي حضر المعرض، لـ"العين الإخبارية" إن مساحة زراعة البن في اليمن انحسرت كثيرا لصالح محاصيل أخرى تدر دخلا ماليا كبيرا للمزارعين، مثل شجرة القات.
وأضاف الداعري أن المعرض يأتي في إطار التوجهات الحكومية لعدد من الوزارات المعنية، والبنوك والجهات المصرفية؛ لتشجيع المزارعين للعودة إلى زراعة البُن بكمياتٍ تجارية والعمل على تصديره.
تحديات أمام مزارعي البن
شارك في المعرض مزارعون يمثلون جمعيات زراعية من مختلف المناطق المهتمة بزراعة البن في اليمن، عرضوا فيه محاصيلهم التي تنافست في جودتها وأصنافها المختلفة.
أحد هؤلاء كان أنيس اليافعي، من جمعية وادي قطي لزراعة البن اليافعي، الذي تحدث لـ"العين الإخبارية" عن التحديات التي تواجه مزارعي البن في اليمن، وعلى رأسها ندرة المياه وشحتها في المناطق الجبلية من البلاد.
وقال اليافعي إن هذه المشكلة أدت إلى عزوف نسبة كبيرة من المزارعين عن زراعة البن، والتوجه نحو زراعة محاصيل أخرى بسبب أنها تدر أموالا أكثر وبتكلفة أقل، مثل شجرة القات، التي تستهلك مياها أكثر، إلا أن عائدها المالي يعوض كلفتها الباهظة.
وأشار المزارع اليمني إلى أن الفترة الأخيرة شهدت وعيا مجتمعيا بأهمية زراعة البن وضرورة استعادة أمجاده، خاصة وأن إنتاج كميات تجارية منه قد يعوض تكاليف زراعته.
كما أن المشاكل الصحية الناتجة عن القات؛ نتيجة استخدام المبيدات الزراعية، واستنزاف القات للثروة المائية، شجع المزارعين على العودة إلى زراعة البن كمحصول تجاري ونقدي يمكن تصديره؛ لإسناد الوضع الاقتصادي للبلاد من جديد، بحسب أنيس اليافعي.
مجتمع يدعم البن
شاركت في المعرض مؤسسات ومنظمات مجتمع مدني مهتمة بتشجيع المجتمعات المحلية في القرى ومناطق زراعة البن تاريخيًا على الاستمرار في العناية بهذا المحصول، ودعم المزارعين باحتياجاتهم، وتوفير بنية تحتية للزراعة كمشاريع المياه، ورفد المزارعين بمتطلبات الزراعة اللازمة.
وفي ذلك، يقول ممثل منظمة نمو يمن ومشروع دعم مجتمعات البن المحلية، عبدالهادي المليكي، إن كيانات محلية منظمة اجتهدت مؤخرا في القرى ومناطق زراعة البن لدعم المزارعين وتوفير بيئة مشجعة للعودة إلى أمجاد البن اليمني.
ويضيف المليكي لـ"العين الإخبارية" إن اليمن كانت تنتج قديما من 50 - 150 ألف طن من البن سنويا، غير أن هذه الكمية تراجعت إلى أقل من 15 ألف طن خلال السنوات الماضية؛ نتيجة شح المياه وتفشي زراعة القات، وأسباب سياسية أخرى.
لكن المليكي استدرك في ختام تصريحه بأن زراعة البن بدأت تنتعش مؤخرا، في ظل ارتفاع مستوى الوعي المحلي بأهمية هذا المحصول، ووجود توجه حكومي لدعم زراعة البن وتشجيع المزارعين، ووجود اهتمام من مؤسسات مالية ومصرفية محلية.