يافع اليمنية.. «حصون حمير» تدك فتنة «الثارات» الحوثية لـ«إسقاط الجنوب»
لا ينفك خطر الحوثي الداهم يتربص بقبائل يافع الحميرية، جنوب اليمن، مستغلا قضية "الثارات" التي اشتعلت مؤخرا بدوافع عدة وبصمات سياسية هدفها إسقاط معاقل الجنوب الحصينة.
وتواجه يافع اليوم خطرا محدقا من داخلها بعد أن عادت "الثارات" بين قبائلها للظهور مجددا، محدثة إرباكا للمشهد السياسي والعسكري جنوبا، باعتبارها هدفا ثمينا للحوثيين الذين عجزوا عن اجتياحها بالسلاح فلجأوا لتغذية خلافات الماضي الداخلية.
- "العفو القسري".. سلاح حوثي لتبييض الجرائم يضاعف الثارات
- «مبيدات الموت».. الحوثي يبدأ حملة قمع لإسكات نشطاء
إرث يافع
واحتفظت قبائل يافع عبر قرون من الزمن بإرث حضاري وقبلي وسياسي واجتماعي وثقافي فريد، تشهد لها "الحصون المنيعة" التي توصف بـ"ناطحات السحاب الحجرية الفريدة في العالم".
كما ظلت الجبال السامقة سدا لا يقهر في وجه الأطماع لتحفظ شرف البلاد من السقوط في قبضة المد الحوثي، وسطر اليافعيون ملاحم تاريخية في مختلف محافظات البلاد حتى غدت تضحياتهم عنوانا للنصر والبطولة والفداء.
تجدد الثارات
ومثلت المواجهات الدامية التي انفجرت، الخميس الماضي، بين قبيلتين يافعيتين في مديرية الحد بمحافظة لحج، على خلفية ثارات ونزاع أراض بمثابة درس جدّي للقادة الجنوبيين للتدخل في إيجاد حل جذري للخلافات المتراكمة في هذه المناطق ذات الحدود الملتهبة مع مليشيات الحوثي، ولقطع الطريق أمام أي اختراقات أمنية لهذه الجبهة الاستراتيجية البعيدة.
وحث زعماء قبائل ووجهات اجتماعية في حديثهم لـ"العين الإخبارية" المجلس الرئاسي والمجلس الانتقالي الجنوبي لإعطاء ملف يافع أولوية قصوى وتشكيل لجنة من زعماء قبائل المديرية، مدعومين بشخصيات قبلية جنوبية تتولى مسؤولية وضع حلول للقضايا القبلية المعقدة، وتعمل إلى جانب القوات العسكرية في الإشراف على تنفيذها، فضلا عن دعم السلطات المحلية لتعزيز حضورها في المديرية.
كما حثوا عقلاء يافع للتدخل والعمل على توحيد لحمة القبائل ضد مليشيات الحوثي، وعدم التسبب في زعزعة الجبهة الداخلية واللحمة المجتمعية، خصوصا أن مديرية الحد يافع تقع في خط تماس مباشر مع المليشيات، التي كثفت تحركاتها لاستثمار ملف الثارات والخلافات، في سبيل تحقيق أطماعها الرامي إلى إسقاط أهم معقل اجتماعي وقبلي لجنوب اليمن.
«العمالقة» و«الحزام» على خط الأزمة
وأجبرت الأحداث الدامية في مديرية الحد يافع قوات العمالقة للمشاركة مع قوات الحزام الأمني للتدخل على خط الأزمة، للعمل من أجل وقف الفوضى والاقتتال القبلي في هذه المديرية الواقعة على حدود البيضاء (وسط اليمن).
وقالت قوات العمالقة، في بيان، الإثنين، إنه و"بتوجيه من عضو مجلس القيادة الرئاسي، قائد ألوية العمالقة الجنوبية، انطلقت قوات عسكرية من ألوية العمالقة الجنوبية للمشاركة مع قوات الحزام الأمني في وقف الفوضى والاقتتال القبلي في مديرية الحدّ بمحافظة لحج".
وأكدت أنه "فور وصول القوات إلى مديرية الحدّ قامت قيادة القوات بالجلوس مع المشايخ والسلطة المحلية والأجهزة الأمنية والعسكرية ووجهاء من قبائل يافع، في اجتماع للوقوف أمام ما حدث من فوضى واقتتال في المديرية".
وأقر الاجتماع "إطلاق حملة أمنية لمنع الفوضى والاقتتال في المديرية، والقبض على المتسببين في الأحداث الدامية التي شهدتها المديرية في اليومين الماضيين، وسببت سقوط قتلى وجرحى".
كما أكد "الاجتماع إنهاء الفتن والفوضى وقضايا الثأر، ومنع أي ثارات أو صراعات قبلية، وأن أي حادثة تحدث بعد الآن تُعدُّ حادثة جنائية، يُقدَّم المتسبب فيها للمحاكمة القانونية".
ودعا البيان "إلى تسليم المطلوبين أمنيًّا والمدانين بقضايا جنائية إلى الجهات المختصة، وإذا لم يستجيبوا ستلاحقهم الحملة الأمنية وتقبض عليهم".
كما شدد "على إزالة جميع المتارس بين الأطراف المتنازعة، ويُعاقَب من يحاول استحداث أي متارس، ومُنِع استخدام الأسلحة بمختلف أنواعها بين القبائل، إضافة إلى منع إطلاق النار بطريقة عشوائية في المناسبات، ويتحمل من يخالف ذلك المسؤولية القانونية".
من جانبهم، أكد مشايخ ووجهاء وأعيان وشخصيات في الحدّ بيافع والسلطة المحلية والأجهزة الأمنية والعسكرية وقوفهم وتأييدهم ومباركتهم الحملة الأمنية والقرارات الصادرة عن الاجتماع، لِما فيه من مصلحة عامة، وخدمة أمن واستقرار المديرية، وإنهاء الفوضى والاقتتال بين قبائل المديرية.
ملف يافع الشائك
وتعود الخلافات بين قبائل يافع إلى عام 1990، بما في ذلك النزاع حول ترسيم الأراضي القبلية والثارات، قبل أن يتم استثماره لاحقا سياسيا لفتح جبهة بعيدة في معقل القوى الحية الجنوبية لإبقاء حالة التناحر قائمة حتى اليوم.
ومؤخرا وجدت مليشيات الحوثي، التي تتربص بيافع من الحد الفاصل بين شمال اليمن وجنوبه في الخلافات الداخلية بيافع، فرصة لتحقيق مطامعها في التوغل في أراضي يافع ضمن مشروع تمددها للسيطرة على جنوب البلاد.
وكانت السلطة المحلية في مديرية الحد يافع وقعت وثيقة هدنة بين القبائل لتوقف كل النزاعات والصراعات واتهمت في بيان "بعض الشخصيات" بتأجيج الثارات والخلافات بهدف إعادة فرض الوصاية على المديرية ذات التماس مع مليشيات الحوثي، محذرا من تنسيق بعض الشخصيات "المستمر مع حوثيين من مناطق مجاورة".
لكن مسؤولا عسكريا كبيرا في مديرية الحد يافع أكد لـ"العين الإخبارية" عدم وجود أدلة كافية عن تنسيق أي شخصيات مع موالين للمليشيات.
ولفت إلى أن هناك "أطرافا سياسية" تسعى لإثارة الخلافات القبلية خدمة للمتمردين، وهو ما يستدعي وقفه لتحصين أحد أهم جبهات جنوب اليمن.