هل سمع أحدكم باسم مشعل بن حمد آل ثاني من قبل؟
هل سمع أحدكم باسم مشعل بن حمد آل ثاني من قبل؟
أكاد أجزم بأن جمهور القراء وغالبية المثقفين العرب، بمن فيهم معظم المتابعين للشأن الخليجي، سيجيبون بالنفي، وحتى الذين يحاولون البحث في الإنترنت سيُرهقون قبل أن يعرفوا أنه سفير قطر في واشنطن، العاصمة الأمريكية الأكثر تأثيراً في العالم منذ عقود طويلة، ولن تجد له حتى سيرة ذاتية في شبكة الإنترنت التي لا تترك شاردة ولا واردة إلا قدّمت عنها الكثير.
بداية، حاشا لله أن أستهين بشخص السفير مشعل بن حمد آل ثاني، فذلك أبعد ما يكون عما أقصد، وما أتحدث عنه هنا يتعلق بالجانب المهني دون سواه، وسعادة السفير باهت الحضور في موقعه، قليل التأثير أو منعدمه، عاجز عن خدمة بلاده وتمثيلها على النحو الملائم لمكانه ومكانته المفترضة، فلا تكاد العاصمة الأمريكية التي يقع كل شيء فيها تحت دائرة الضوء الساطع، تعرف بوجوده، ولا تسعفه قدراته الدبلوماسية الضعيفة أو لغته الإنجليزية المهشمة التي لا تليق بموظف صغير في السفارة، ناهيك عن شاغل أكبر منصب فيها.
لم أكن لأتطرق إلى الرجل المسكين المحدود القدرات، لولا أن في حالته ما يفسر الهوس القطري المحموم بمهاجمة السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة، وما يُنفق من جهد ووقت ومال في التآمر والتخطيط وتنظيم الحملات الإعلامية الهائلة، وارتكاب أعمال قرصنة إلكترونية خائبة ومفضوحة.. كل هذا من أجل الإساءة إلى السفير العتيبة، ومحاولة تشويهه واغتياله معنوياً، وهو الأمر الذي فشل فشلاً ذريعا وارتدّ على مخططيه قبل غيرهم.
يوسف العتيبة هو النموذج المعاكس لمشعل بن حمد تماماً، بحضوره الساطع، وشخصيته القوية والمؤثرة، وثقافته الواسعة، وأدائه الدبلوماسي الرفيع المستند إلى ثقافة سياسية عميقة ومعرفة دقيقة بالمجتمع الأمريكي ومؤسساته وقيمه وأفكاره ومراكز الثقل السياسي والاقتصادي فيه، وطبيعة توازناته وقدرته على نسج العلاقات، وإقامة الصلات مع الرموز السياسية والشخصيات البارزة، وقد تضافرت هذه العوامل وسواها لتمنحه قدرة على التأثير في أوساط صنع القرار الأمريكي، بما يخدم دولة الإمارات وقضايا العالم العربي والإسلامي. ووراء النجاح أيضاً تقف قيادة الإمارات التي تمنح أبناءها ثقة ودعما لا حدود لهما، كما يقف كذلك فريق عمل كفء ومخلص يقوده السفير العتيبة باقتدار.
السفير العتيبة يجسد النجاح والتميز، وهذا أكثر ما يستفز قطر ويثير كوامن الشر لدى القابضين على القرار فيها؛ فقد أصبحت كراهية النجاح والسعي المحموم إلى تشويهه أبرزَ معالم السلوك القطري لأكثر من عقدين ونصف من الزمان
السفير العتيبة يجسد النجاح والتميز، وهذا أكثر ما يستفز قطر ويثير كوامن الشر لدى القابضين على القرار فيها؛ فقد أصبحت كراهية النجاح والسعي المحموم إلى تشويهه أبرز معالم السلوك القطري لأكثر من عقدين ونصف من الزمان، وهذا ما يفسر هجوم الدوحة وأبواقها المسعورة على كل نجاح في محيطها، وعلى كل ناجح، سواء أكان فرداً أم دولة أم مشروعاً يواجه المشروع القطري التخريبي.
المشروع القطري، ومن ورائه جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، هو مشروع يراهن على الفشل، ويسعى لرؤيته باسطاً ظله الأسود فوق كل الدول والمجتمعات العربية، ليتاح للجماعة الإرهابية أن تطرح نفسها بديلاً لما هو قائم، برعاية النظام القطري. وهذا التصور المعوج الذي يفترض أن التخريب وحده هو الطريق، ظاهرٌ في كل ممارسات الدوحة، ويمكن من خلاله تفسير سلوكها السياسي الذي أصرت على المضي فيه، ولا تزال.
نجاح السفير العتيبة هو نجاح لمنظومة كاملة تمثلها الإمارات، التي تختار الأكفأ والأفضل، وتوفر له كل العناصر التي تعزز نجاحه، على العكس من الدوحة التي تختار مسؤوليها بمعايير ليس من بينها الكفاءة، ولا تثق بقدراتهم أو ولائهم، ولا تسعى إلى تأهيل الكوادر الوطنية بشكل حقيقي في ظل العقلية التآمرية السائدة فيها، وفي ظل تفضيلها توظيف شركات العلاقات العامة وتوزيع الرشاوى وشراء المؤيدين، واستيراد المنبوذين ممن لفظتهم بلادهم، لإعادة توجيههم كحراب مسمومة إلى صدور البلاد التي جاؤوا منها. وهذه هي السياسة وفنونها كما فهمها ومارسها نظام الحمدين لأكثر من عقدين.
أبناء الإمارات الناجحون في مواقعهم أكثر من أن يحصوا، ويمكن أن نعدد منهم مئات الأسماء البارزة في كل المجالات؛ لأن القيادة الإماراتية تعرف أن نجاح أبنائها نجاح لها. وما دمنا في المجال الدبلوماسي يمكن أن نذكر أسماء مثل السفير عمر غباش، سفير الدولة في روسيا، بثقافته الموسوعية، وإتقانه للغات عدة من بينها الإنجليزية والروسية والعربية، وتأهيله العلمي الذي يجمع بين الرياضيات والقانون. ويعكس كتابه "رسائل إلى مسلم شاب" الذي صدر باللغة الإنجليزية العام الماضي تجربة فكرية وفلسفية وإنسانية يجدر بكل عربي ومسلم شاب أن يطلع عليها.. وأمثال يوسف العتيبة وعمر غباش كثيرون في الإمارات.
الإمارات تريد أن تقدم نفسها للعالم من خلال قصص النجاح.. نجاح الدولة ونجاح المتميزين من أبنائها الذين تسهر على إعدادهم، وتطلق طاقات نجاحهم إلى أقصى حد. وقطر تكره مثل هذا النجاح، وبدلاً من أن تحاول احتذاءه فإنها اختارت أن تعمل على تشويهه، وهذا هو جزء من مشكلتنا مع قطر، وفي هذا الإطار يمكن فهم محاولات تشويه السفير يوسف العتيبة، والهجوم البذيء عليه، فقد أوجع قطر أن يكون العتيبة هو الأكثر لمعاناً ونجاحاً؛ ولذا جعلته هدفاً لافتراءاتها.
الاغتيال المعنوي الذي تحاول قطر ممارسته إزاء كل تجارب النجاح ليس غريباً، فالذين يُسخّرون إمكاناتهم السياسية ومقدراتهم الاقتصادية من أجل دعم القتل الحقيقي في كل مكان من العالم، ونشر الرعب والفزع فيه، لن يصعب عليهم أن يحاولوا اغتيال سمعة الناجحين. والحقيقة أنه لا مصير لهذه الحملات الساقطة سوى الفشل، وسيبقى نجاح يوسف العتيبة ونجاح دولة الإمارات شوكة في عيون من أكل الحقد قلوبهم، ليزيد من عمى البصر والبصيرة الذي أطبق على النظام القطري، حتى يصل إلى مصيره المحتوم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة