اليوم العالمي للشباب.. آخر جيل يمكنه إنهاء تغير المناخ
"نحن آخر جيل بوسعه إنهاء تغير المناخ، فبوسعنا ذلك وسنقوم به".. هكذا يصف الناشط المناخي الشاب من منغوليا خيشيجراغال (24 سنة) دور الفئة التي ينتمي لها وهي الشباب في التعامل مع الطوارئ المناخية.
وفي اليوم العالمي للشبان الذي يوافق الثاني عشر من أغسطس/آب من كل عام يبرز دور الشباب الفاعل والمؤثر في قضية أجيالهم، وهي الأكثر تأثرا بها وربما يكون هم مناط الحل في قضايا مصيرية لكوكب الأرض، وعلى رأسها تغير المناخ.
يبدو أن وعي الشباب يفوق تصورات الكبار في تعاملهم واهتمامهم بقضية المناخ.. فمثلا الشاب يتموسي (14 سنة) من جزر فيجي (جنوب المحيط الهادئ) يصف الحالة المناخية في بلاده بالقول "لقد بدأ البحر يبتلع القرى، ويجرف خط الشاطئ، ويهلك المحاصيل. وبدأ نقل الناس.. الذين يبكون فراق أحبائهم، والذين يتضورون جوعاً وعطشاً. إن الوضع كارثي ومحزن.. ولكنه حقيقي".
دور الشباب في حماية الكوكب وبناء المستقبل الأخضر أصبح حتميا، وهو أحد أهداف العمل المناخي على المستوى الدولي وكذلك التجارب المحلية والإقليمية.. يقول الناشط المناخي الشاب غيرترود (16 سنة) من تنزانيا: "قد يعتقد المرء بأننا صغار ولا ندرك أخطار تغير المناخ وواقعه. ولكننا نرى تأثيراته في حياتنا اليومية".
لماذا الشباب؟
عدة أوراق ومدونات أعدها مجموعة تطوعية من الشباب في "Groundwork Greater Manchester" بدعم من مركز مانشستر لدراسات الشباب وجامعة مانشستر متروبوليتان، ناقشت قضية "الشباب والعمل المناخي" أكدت أن تغير المناخ والتلوث ومجموعة من المخاطر البيئية الأخرى تؤثر بشكل غير متناسب على مجتمعات ذوي الدخل المنخفض والطبقة العاملة.
ففي المملكة المتحدة تساهم أغنى 10٪ من الأسر في انبعاثات الكربون بثلاث مرات أكثر من أفقر 10٪، ومع ذلك فإن الحلول القائمة على المستهلك مثل الأغذية أو الملابس العضوية غالبًا ما تكون باهظة التكلفة بالنسبة للأسر الأشد فقرًا.
وتوصلت الأبحاث إلى أن الشباب يهتمون بالعدالة البيئية أكثر من اهتمامهم بالاستدامة، فهم يريدون بناء عالم أفضل وأكثر عدلاً للجميع، بدلاً من الحفاظ على العالم الذي لدينا، سعيا لتحقيق العدالة المناخية.
وغالبًا ما لا يشعر الشباب في المجتمعات المهمشة بأنهم ممثلون في النظام السياسي للمملكة المتحدة، وبالتالي قد لا يرغبون في الانخراط بطرق رسمية مع نظام ديمقراطي.
وفي جميع أنحاء العالم تشارك المجتمعات المعارف والمهارات الشعبية حول كيفية معالجة تغير المناخ والظلم، لإحداث تأثير، يجب أن يكون لكل شخص رأي في كيفية استجابتنا لحالة الطوارئ المناخية.
ويتمثل التحدي الذي يواجه الممارسين للعمل المناخي والمنظم في جعل العمل المناخي أكثر صلة بحياة الشباب وحركة المناخ أكثر تنوعًا وشمولية.
ودعت مجموعة العمل التطوعية إلى تركيز الأنشطة والتواصل على بناء عالم أفضل وأكثر عدلاً، وعدم جعل العالم الحالي أكثر استدامة فحسب، من خلال ربط المشاكل العالمية بالحلول المحلية.
علاوة على ذلك دعت إلى مساعدة الشباب لا لأن يكونوا "نشطاء مناخيين"، ولكن لمشاركة مشاكلهم مع مجتمعهم، ومساعدتهم على فهم أنهم ليسوا وحدهم، وإتاحة الفرصة لهم للعمل معًا لإجراء تحسينات.
ودعم الشباب وفقا للمجموعة في العمل المناخي لا يتطلب منهم فقط الانخراط أو المشاركة في مشروع، بل بوضع أهداف واضحة وقابلة للتحقيق؛ بما يساعد في الحفاظ على تحفيز الجميع وإلهام المزيد من الشباب لإحداث التغيير.
مبادرات تمكين الشباب
تجارب عديدة عالمية وإقليمية ناجحة تبرز الاهتمام بالدور المنصب على الجيل القادر على إنهاء التغير المناخي ولعل أبرزها:
- المجموعات الاستشارية
أطلق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مجموعة الشباب الاستشارية المعنية بتغير المناخ في يوليو/تموز من هذا العام.
يتمثل دور المجموعة في إسماع أصوات الشباب وإشراك الشباب في الحوارات حول معالجة حالة الطوارئ المناخية.
وعن دور الشباب في العمل المناخي تقول الناشطة السودانية نسرين الصايم في المناخ وأحد أفراد مجموعة الشباب الاستشارية المعنية بتغير المناخ التي شكلتها الأمم المتحدة في حوار لـ(The Global Observatory): "يلعب الشباب دورًا كبيرًا: جمع البيانات ، ومساعدة العائلات المتضررة، وإيجاد مأوى، وإنقاذ بعض الأشخاص، أو بناء حواجز ضد تدفق المياه - فهم يفعلون الكثير في الواقع".
وتضيف "الصايم": "عندما يتعلق الأمر بتغير المناخ فإنهم يحاولون جاهدين زيادة الوعي بشأن تغير المناخ، لأن المعرفة هي عامل تغيير كبير في قواعد اللعبة وهم يعلمون أنه عندما يعرف الناس ما يحدث يمكنهم حله أو التعامل معه بشكل أفضل".
- إعلان الشباب
في عام 2019، وتحديدا في المؤتمر الخامس والعشرين للأطراف (COP25) في مدريد، انضمت مجموعة من قادة العالم إلى الناشطين الشباب في لحظة تاريخية للتوقيع على إعلان حكومي دولي بشأن الأطفال والشباب والعمل المناخي.
هذا هو الالتزام الأول من نوعه لتسريع سياسات وإجراءات المناخ الشاملة التي تركز على الأطفال والشباب على الصعيدين الوطني والعالمي.
وحسب موقع الأمم المتحدة فقد عززت التصريحات والإعلانات الرئيسية الصادرة عن الحكومات وقادة القطاع الخاص في قمة الأمم المتحدة للعمل المناخي زخم العمل المناخي، وأظهرت اعترافًا متزايدًا بضرورة تسريع وتيرة العمل المناخي. وفي قمة المناخ للشباب التي عقدت في 21 سبتمبر/أيلول، حيث تعهد قادة الشباب بممارسة الضغط المستمر على الحكومات والشركات لاتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الحالة المناخية الطارئة.
- شبكة الشباب والمواطنة العالمية
الشبكة هي أحد أشكال العمل الإقليمي البناء الذي يتبنى دور الشباب في العمل المناخي وهي شراكة بين مركز الشمال والجنوب من مجلس أوروبا الذي يجمع المنظمات التي يقودها الشباب ومنصات الشباب الدولية والمؤسسات الحكومية من مناطق مختلفة في العالم.
تم إنشاء الشبكة في عام 2011 باعتبارها منصة غير رسمية للحوار والتعاون متعدد الأطراف على المستوى الإقليمي في مجال الشباب.
وتمثل هذه الشبكات منصات إقليمية للتنمية والتعاون اللامركزي والتضامن الدولي المتعدد الجهات الفاعلة، ولا سيما الشباب حيث تضم الجمعيات والسلطات المحلية والإقليمية والوكالات التنفيذية الخاصة، وتوفر دعمًا منهجيًا فعليًا لجميع أنواع الهياكل، مثل الجمعيات والسلطات المحلية، الراغبة في الانخراط في مجال التعاون الدولي في القضايا المختلفة وفي مقدمتها قضية المناخ.
يتم العمل في الشبكة من خلال اتفاقيات مع رؤساء الجامعات، والمشاركة في الجمعيات، وتنظيم الفعاليات على شبكات التواصل الاجتماعي على سبيل المثال.
وتضطلع الشبكات الإقليمية المتعددة الجهات الفاعلة كذلك بمهمة إنشاء منصات لتعبئة المتطوعين والشباب المنخرطين في مجال الخدمة المدنية والعمل المناخي على الصعيد الدولي بناءً على نهج جديد، وهو نهج المعاملة بالمثل.
- منصة "أصوات الشباب
تنص اتفاقية حقوق الطفل، يحق لجميع الأشخاص دون سن الثامنة عشرة المشاركة في عمليات صنع القرار التي تؤثر عليهم. وهذا يشمل توفير منبر عام ليعبّروا عن آرائهم، وتقديم الدعم لهم ليتمكنوا من ذلك.
وبغية إعمال هذا الحق، استحدثت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) منصة "أصوات الشباب" (https://www.voicesofyouth.org/ar)، وهي منصة مكرسة للمناصرين اليافعين ليقدموا رؤى مُلهِمة ومُبدعة حول القضايا التي تهمهم.
وتقوم المنظمة الدولية، حسب موقعها على الإنترنت، بين فينة وأخرى، تقوم بتسليم قنواتها على وسائل التواصل الاجتماعي لنشطاء يافعين معنيين بالمناخ، وتتيح لهم مخاطبة متابعي المنظمة الذين يزيد عددهم عن 20 مليون شخص.
وتقول اليونسيف إنها على سبيل المثال أتاحت تلك الفرصة لألكساندرا فياسينور، وهي ناشطة من مدينة نيويورك تبلغ من العمر 14 عاماً، ومشاركة في حركة #أيام_الجمع_لأجل_المستقبل (#FridaysForFuture) — وهي حركة عالمية للشباب الذين يضربون عن الذهاب إلى المدرسة للمطالبة بالعمل المناخي.
تأثير أكبر بالمستقبل
انخراط الشباب في العمل المناخي العالمي يتزايد لرسم مستقبل للكوكب قابل للعيش يكون هم الفاعلون الحقيقيون فيه لأنهم الأكثر تأثرا، وهناك المزيد والمزيد من الناس حول العالم خاصة الأكثر عرضة للخطر بما في ذلك الشباب تصل مطالبهم بشأن المناخ آفاقا بعيدة.
وبرزت في الآونة الأخيرة على الساحة الأوروبية مطالبات من مجموعات شبابية ناشطة في مجال المناخ بالمزيد من المساءلة وحتى إنشاء محكمة دولية للبيئة لمعالجة الثغرات الكبيرة في النظام القانوني البيئي الدولي الحالي.
ولدى هذه المجموعات إمكانية مخاطبة سلطاتهم لأن عدم وجود إجراءات أو عدم كفاية الإجراءات لمعالجتها بحيث تؤدي الأهداف المناخية إلى انتهاك حقوق الإنسان وتعيق جودة الحياة.
ولأول مرة في2020 عُرضت على المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قضايا على هذه الأسس: إحداها مرفوعة من ستة شبان برتغاليين ضد البرتغال و 32 دولة أخرى، وآخر من قبل تحالف سويسري.
كما منح مؤتمر برلين للمانحين الذي انعقد بين مايو ويونيو الماضيين الفرصة لمشاركة الشباب كونه يتأثر بشكل غير متناسب بالآثار الضارة لتغير المناخ، وهم بحسب موقع المؤتمر (https://globalndcconference.org) "صناع التغيير المهمون وصناع المعرفة وصناع القرار في الغد.
لهذا وجه منظمو المؤتمر دعوة لـ10 ممثلين شباب من 10 دول مختلفة للانضمام إلى مؤتمر NDC العالمي 2023 في برلين، ضمت ممثلين من شبكات الشباب الوطنية والدولية وكذلك مؤسسي المبادرات المحلية والشركات الناشئة، من بنغلاديش والبرازيل وكوستاريكا والهند وإندونيسيا وكينيا والمكسيك والمغرب وتونس وأوغندا.