زها حديد.. حرائق بيروت تدمر تحفة سيدة المعمار الأولى
المبنى يقع بالقرب من ميناء بيروت وصممته المعمارية زها حديد وبدأ المسؤولون تنفيذه على الأرض لكن الموت خطفها قبل أن تراه مكتمل الإنشاء.
التهمت النيران مبنى قيد الإنشاء من تصميم المهندسة المعمارية العالمية زها حديد في وسط العاصمة اللبنانية بيروت، صباح الثلاثاء، ولم يتضح بعد سبب الحريق لكن قوات الحماية المدنية نجحت في السيطرة على ألسنة اللهب.
المبنى الذي يقع بالقرب من ميناء بيروت، الموقع الذي شهد انفجارا ضخما في 6 أغسطس/ آب الماضي وأسقط نحو 200 قتيل وآلاف المصابين، صممته المهندسة المعمارية البريطانية من أصل عراقي، وبالفعل بدأ تنفيذه على الأرض لكن الموت خطفها في عام 2016 قبل أن يكتمل إنشاؤه.
زها حديد هي أول امرأة عربية تحصل على جائزة بريتزكر المعمارية Pritzker Architecture Prize، ونجحت في ترك بصمتها المتمردة على أكثر من 44 دولة بينها بريطانيا وألمانيا وتركيا وفرنسا والولايات المتحدة والصين واليابان وكوريا الجنوبية، إذ توجد 950 عملا معماريا متنوعا بين جسور ومبان ثقافية ورياضية من تصميم هذه الأسطورة العراقية.
نشأة وتطور
التمرد المختلط بالانسيابية والحركة كان أهم ما يميز تصميمات المرأة العبقرية، التي ولدت في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 1950 بالعاصمة العراقية بغداد لعائلة ذات نفوذ، والتحقت بمدارس داخلية في إنجلترا وسويسرا، ثم درست الرياضيات بالجامعة الأمريكية في بيروت، قبل أن تنتقل إلى لندن عام 1972 لدراسة الهندسة المعمارية بكلية الجمعية المعمارية قبل أن تنطلق إلى الحياة العملية عام 1977.
حاولت زها أن تنفذ تصميماتها الأولى في العراق، إذ قدمت تصميما مجانيا لمقر مجلس النواب العراقي، ولكنه قوبل بالرفض، فقررت الانتقال إلى هولندا والانضمام إلى مكتب معمار العاصمة بجانب عملها بالتدريس في الجمعية المعمارية، وعملت في مشروعات تصميم مبنى البرلمان الهولندي.
وفي عام 1980 تركت الشابة العراقية العمل بالمكتب الهولندي وانتقلت إلى بريطانيا حيث أنشأت مكتبها المعماري الخاص في لندن مع شريكها باتريك شوماخر، مكتب زها حديد المِعْمَاري Zaha Hadid Architects والذي يعمل به حاليا أكثر من 350 شخصا، ولاحقا حصلت على الجنسية البريطانية.
وعلى مدار نحو 39 عاما هي مدة عمرها المهني، اكتسبت تصميمات زها المُبتكرة والتجريدية شُهرةً عالمية، إذ نجحت خلال سنوات معدودة في إثبات ذاتها كأحد أشهر المِعْمَاريين عالميًا. كما مارست مهنة التدريس وباشرت بعض التصميمات الداخلية عالية المستوى، إلى جانب أعمالها المعمارية.
أشهر أعمال زها حديد
وتعد زها حديد من رواد فن العمارة المعاصِرة في العالم، ولقبها البعض بـ"سيدة المعمار الأولى"، واشتهرت أعمالها بتصميماتها المميزة ذات النمط التجريبي، ومن أشهر إنجازاتها العالمية:
- محطة إطفاء الحريق فيترا Vitra Fire Station في مدينة فيل أم راين بألمانيا عام 1993، الذي تحول إلى متحف فيما بعد.
- تصميم مبنى دار خليج كارديف للأوبرا Cardiff Bay Opera House في ويلز بالمملكة المتحدة عام 1994، ورغم أن المبنى لم يتم تشييده فإنه زاد من شهرتها.
- تصميم مركز روزنتال للفن المُعَاصِر Rosenthal Center for Contemporary Art بالولايات المتحدة عام 2003، الذي حظي بجائزتين فيما بعد.
- تصميم متحف إيلي وإيديث للفن المُعاصِر Eli and Edythe Broad Art Museum في الولايات المتحدة الأمريكية.
- تصميم مركز لندن للرياضات البحرية في دورة الألعاب الأوليمبية عام 2012.
- اختيار تصميمها للاستاد الأوليمبي المُخصص لدورة الألعاب الأوليمبية 2020 في طوكيو.
أهم الجوائز
تتعدَّى الجوائز والأوسمة التشريفية التي حصلت عليها العراقية زها حديد 100 جائزة، وبداية من عام 2000 كانت تحصل على جائزة سنويا، حتى حصلت على 12 جائزة في عام واحد، ونستعرض أشهرها فيما يلي:
- البداية كانت في عام 1982 عندما حازت الميدالية الذهبية للتصميمات المعمارية Gold Medal Architectural Design عن تصميماتها في بريطانيا.
- في عام 2004، أصبحت أوَّل امرأة وأحد أصغر الحاصلين على جائزة برتزكر للهندسة المعمارية Pritzker Prize، الأرفع على مستوى العالم في مجال الهندسة المعمارية.
- فوز تصميم مبنى مركز روزنتال للفن المُعَاصِر الأمريكي بجائزتي المعهد الملكي للمعماريين البريطانيين 2004، والمِعْمَار الأمريكي American Architecture Award من متحف شيكاغو المِعْمَارِي 2005.
- عام 2010 مُنِحَت جائزة سترلنج Stirling Prize لتصميمها مبنى المتحف القومي للفنون بروما، إيطاليا (Maxxi).
- عام 2012، حصلت زها على وسام الشرف البريطاني برتبة سيدة قائد Dame Commander of the Order of the British Empire.
- عام 2014، حصل تصميمها لمركز حيدر علييف الثقافي على جائزة تصميم العام للمتاحف.
التدريس والوفاة
قبل شهرتها كمهندسة معمارية، مارست زها مهنة التدريس بمؤسسات تعليمية عدة حول العالم، إذ عُينت أستاذة في كلية الهندسة المعمارية بجامعة إلينوي في شيكاغو خلال حقبة التسعينيات.
كما عَمِلَت أستاذة زائرة بعدة مؤسسات تعليمية، من ضمنها: جامعة الفنون الجميلة بهامبورج في ألمانيا، وكلية الهندسة المعمارية بجامعة ولاية أوهايو، وكلية الدراسات العليا في الهندسة المعمارية والتخطيط بجامعة كولومبيا.
تعد المعمارية البريطانية أعلى المعماريين أجرًا على مستوى العالم، ووقت وفاتها في 31 مارس/ آذار 2016 إثر إصابتها بأزمة قلبية، كانت تقدر ثروتها بـ215 مليون دولار.
وشملت ثروتها ممتلكاتها العقارية واستثمارتها في الأسهم، ومشاريعها في مجالات التجميل، والمطاعم، وفريقا لكرة القدم، والعطور، وخط أزياء.