مذبحة نيوزيلندا.. حكمة أرديرن تفضح انتهازية أردوغان
مجزرة نيوزيلندا قدمت صورة إيجابية عن رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن، وانعكاسا سلبيا عن رئيس يركب أحزان الناس لخدمة أهدافه.
بين حاكمة رسمت للعالم صورة القائد العطوف الصلب، القادر على إدارة الأزمة، وبين سياسي قفز على الحدث ليصنع منه ورقة انتخابية بائسة يروج بها لشعبوية منتهية الصلاحية.
- "جعجعة بلا طحين" تظهر انتهازية أردوغان.. هجوم نيوزيلندا نموذج
- إدانات عربية وغربية لهجوم نيوزيلندا الإرهابي.. العالم يتوحد ضد الكراهية والتطرف
بين الاثنين تكمن مسارات وسنوات ضوئية أزاحت الستار عن حكمة رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن، و"انتهازية" الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وبينهما تقف مذبحة المسجدين، لتثمن حكمة الأولى، وتعري "طيش" الثاني.
وبقدر ما قدّمت مجزرة نيوزيلندا الدامية صورة إيجابية عن أرديرن، صدّرت انعكاساً بالغ السلبية عن رئيس يركب أحزان الناس، ويتاجر بها خدمة لأهداف سياسية.
تصريحات هنا وهناك، أثارت صدمة نيوزيلندا وأستراليا، واستياء الرأي العام الدولي، المحلي أيضاً أي في تركيا، وحتى من أنصار أردوغان نفسه.
زارت رئيسة وزراء نيوزيلندا إلى مدينة "كرايست تشيرتش"؛ حيث وقع الهجوم الإرهابي، مرتدية ومتشحة بالسواد، تضامناً مع المسلمين واحتراماً لعقيدتهم.
احتضنت أسر الضحايا بذراعيها ونظراتها الحزينة الدافئة، وملامحها الخالية من أي مستحضرات تجميل، بدت على طبيعتها إنسانة قبل كل شيء، مفعمة بمشاعر حزن صادق خال من أي توظيف سياسي مبتذل، ومن أي تجارة بآلام الآخرين.
وضعت إكليلاً من الورود، وزارت مركزاً إسلامياً بالمدينة، وألقت كلمات كان لها وقع المعجزة في تخفيف المصاب على أسر الضحايا وبلادها.
أدارت الأزمة بحنكة امرأة صادقة وسياسية نزيهة وقائدة حكيمة صلبة قادرة على الموازنة بين المواقف، وعلى التعامل تحت شتى أنواع الظروف ومقتضياتها.
وفي المقابل، كان أردوغان يقوم بحملة للانتخابات المحلية المقررة الشهر الجاري، حاملاً في جرابه مذبحة نيوزيلندا كورقة ترويجية.
قدّم الهجوم الإرهابي الذي وقع في كرايست تشيرش على أنه "جزء من هجوم أكبر على تركيا والإسلام"، محذراً الأستراليين المعادين للإسلام من نفس مصير الجنود الأستراليين الذين قُتلوا بأيدي القوات العثمانية في معركة غاليبولي (جناق قلعة) خلال الحرب العالمية الأولى.
ولم يكتفِ بذلك، وإنما أصدر تعليمات إلى جيوشه الإعلامية لتكثيف تسليط الضوء على المجزرة، والإسهاب في استعراض مواقف أردوغان، قبل أن تتدفق المواقف الدولية المستنكرة والساخرة في آن واحد، لتكبح نسبياً جماح المد الإعلامي التركي.
وأمعن أردوغان في الركوب على الحدث، مستعرضاً مقطع الفيديو الذي وثّق من خلاله السفاح هجومه.
نيوزيلندا تريد الرد "وجها لوجه"
رئيسة وزراء نيوزيلندا التي صعقتها تصريحات أردوغان، قررت حسم الأمر بشكل مباشر.
ووفق صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، فإن آرديرن ستوفد وزير خارجيتها وينستون بيترز إلى أنقرة، لـ"وضع الأمور في نصابها وجها لوجه".
وسيكون الوزير من ضمن المدعوين من قبل السلطات التركية إلى اجتماع خاص لمنظمة التعاون الإسلامي في أنقرة.
والإثنين الماضي، احتج بيترز الذي يشغل أيضاً منصب نائب رئيسة الوزراء النيوزيلندية، محذراً من أن تسييس المجزرة "يعرض للخطر مستقبل وسلامة الشعب في نيوزيلندا والخارج، وهو غير منصف إطلاقاً".
أستراليا تستدعي السفير التركي
اعتبرت أستراليا تصريحات أردوغان عقب المجزرة "متهورة" و"مشينة" و"مسيئة"، معلنة أنها ستستدعي السفير التركي لديها لـ"التوضيح".
رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون، قال ،الأربعاء: "إن أردوغان أدلى بتصريحات اعتبرها مسيئة للغاية للأستراليين، ومتهورة جداً في البيئة الحساسة للغاية التي نحن فيها".
ووصف موريسون تعليقات أدلى بها الرئيس التركي حول ردود فعل أستراليا ونيوزيلندا بعد الهجوم الإرهابي، بـ"المشينة"، رافضاً "الاعتذارات" التي قال إن أردوغان قدمها.
وتابع: "أنا أنتظر، وقد طلبت توضيح هذه التصريحات وسحبها، وسأنتظر لأرى ما سيكون عليه رد فعل الحكومة التركية، قبل اتخاذ قرار بشأن تدابير أخرى"، محذراً: "ولكن يمكنني أن أقول لكم إن كل الخيارات مطروحة".
aXA6IDMuMTUuMjE0LjE4NSA= جزيرة ام اند امز