أنقذوا أبناءكم.. دراسة صادمة عن تأثير "الموبايل" على الطلاب
الهاتف لا يؤثر فقط على التحصيل الدراسي بل أيضاً على جوانب كثيرة لا يمكن للأهالي تخيلها، بحسب دراسة أردنية حديثة.. ماذا يفعل؟
يلاحظ الكثير من الآباء الاهتمام الكبير الذي يمنحه الأبناء لجهاز الهاتف النقال، لدرجة أن الكثير من الآباء يعتبرون علاقة أبنائهم بالهاتف حالة من حالات الإدمان، بسبب قضاء الأبناء ساعات طويلة لمتابعة برامج الألعاب ومواقع التواصل الاجتماعي، وفي غضون ذلك يتم إهمال الدراسة بدون شك... وعززت دراسة أردنية حديثة هذه الأقوال بنتائج صادمة.
تستغرب هادية المجالي من سلوك طفلها عند مقارنته بسلوك الأطفال قبل عشر سنوات، تقول: "عندما سألته ماذا أشتري لك في عيد ميلادك أخبرني أنه يريد هاتفا محمولا، استغربت من اهتمامه، لكنني حققت له ما يريد، وبعد فترة بدأت المشاكل في المنزل، إذ أصبح يقضي ساعات لا تعد أمام شاشة الهاتف، وينسى أن لديه واجبات متراكمة، وكان ابني من الأوائل في المدرسة، لكن بعد الهاتف أصبحت علاماته الدراسية تقل تدريجياً، حتى أن المدرسين استغربوا من هذا التدني".
تضيف هادية: " ابني يبلغ من العمر 15 عاماً، أي أنه يمر بمرحلة المراهقة، ولا فائدة من النقاش معه. قررت أن آخذ الهاتف منه عنوة، لأنني لاحظت أن كل تفكيره بالألعاب الموجودة على الهاتف، فهو يتنافس مع أصحابه بالمراحل. وفي الليل عندما أستيقظ أجده يلعب في البرامج والكل نيام! ومعدل درجاته الدراسية انخفض من 90% إلى 70%، وهو انخفاض مخيف".
عدم المبالاة
وتؤكد الأردنية وفاء عساف أن الهاتف لا يؤثر فقط على التحصيل الدراسي بل أيضاً على جوانب كثيرة لا يمكن للأهالي تخيلها. تقول: "عندما تراني ابنتي، البالغة من العمر 10 سنوات، عدت من العمل لا تأتي إلى حضني، بل تبحث في حقيبتي عن الهاتف. وقالت لي ذات مرة إنها تحب الهاتف أكثر مني.. فالهاتف يوفر لهم عالما خاصا ويعزلهم عما يحيطهم، وبعد تعلق ابنتي بالهاتف لاحظت أنها أصبحت أكثر عنفاً نتيجة الألعاب التي تتابعها، وباتت مهملة في دراستها ولا يهمها إن تجاوزت الامتحان بفشل أو تفوق، فالأمر الذي يسيطر على عقلها هو تفوقها في اللعبة المشتركة بها".
تردف وفاء: "لاحظت أنا وصديقاتي أن أطفال هذه الأيام يتجمعون دوماً حول شاشة هاتف لمتابعة برنامج يشعرون بالشغف تجاهه، ويفضلونه على اللعب بالملاعب والألعاب التقليدية. وبعد سماعي لدراسات عديدة عن أثر الهاتف على صحة الطفل ومستقبله الدراسي، وجدت أن أفضل حل أن أوقف خدمة الإنترنت عن الهاتف وبالتالي ستتوقف الألعاب والبرامج. وبالفعل لم تعد ابنتي الآن مهتمة به. وأصبحت أكثر تركيزاً في دراستها، وفي نهاية الأسبوع أمنحها هاتفي لترفه عن نفسها ضمن وقت محدد".
تأثير الموبايل على التحصيل
الدكتور موسى المطارنة، من جامعة العلوم الإسلامية، المختص في الشأن التربوي والأسري، أعد دراسة حديثة بينت أن 80% من الطلاب بالأردن ممن يستخدمون الهاتف النقال يتصفون بتدني التحصيل الدراسي. وأظهرت الدراسة التي اشتملت عينتها 1000 طالب من المدارس الخاصة، أن الطلاب أصحاب التحصيل المتدني يستخدمون الهاتف النقال بشكل دائم ودون انضباط حتى أثناء دراستهم في المنزل. في حين أن الطلاب الذين تم ضبط استخدامهم للهاتف النقال وتم سحبه منهم أثناء الدراسة المنزلية، تحسن مستوى تحصيلهم، وذلك من خلال عينة تجريبية.
يقول المطارنة: "يحتوي الهاتف النقال على برامج مواقع التواصل وتطبيقات للألعاب تعمل على شغل الطالب ذهنياً، وبالتالي تعمل على تشتيت فكره. وبالتالي يجب أن يضبط الأهالي استخدام الهاتف وألا يبقى مع الطلبة أثناء دراستهم. وألا يزيد استخدامه عن ساعتين أسبوعيا أو استخدامه على مبدأ التكلفة بالاستجابة لتعديل السلوك وبشكل منضبط وحازم. وفي حال كان من الضرورة وجود الموبايل بيد الابن، فيفضل شراؤه من النوع العادي للاتصال فقط".
وأكد أن جميع الدراسات أثبتت أن الهواتف المحمولة تؤثر على التركيز، وبالتالي على التحصيل الدراسي، فبهذه الوسائل تقل قدرات الأبناء الذهنية في استيعاب المعلومات واسترجاعها أثناء أداء الامتحانات.
ويطالب مطارنة الأهالي بمصادرة هواتف الأبناء خلال أوقات الدراسة كي يصبح تحصيله العلمي أفضل، وينصح أولياء الأمور دائما بتحديد فترة لاستخدام الهاتف النقال، ولمدة مقننة جدا، أو بإعطائه كمكافأة نتيجة سلوك حسن أو استجابة لشيء ما مثلا.
مشاكل نفسية واجتماعية وصحية
الدكتور غازي عواودة، المختص بالشأن التربوي، يبين أن الهاتف النقال سلاح ذو حدين، وأصبح متطلبا حياتيا لا يمكن الاستغناء عنه، لكن الفكرة تقوم على كيفية تنظيم الأسرة لاستخدام الابن لهذا الهاتف وما به من برامج، بحيث لا تتعارض بتأثير سلبي على التحصيل الدراسي الذي سيؤثر حتماً على مستقبله.
يتابع عواودة: "أثبتت دراسات كثيرة أن الهاتف النقال لا يؤثر فقط على التحصيل الدراسي بل أيضاً على النواحي الصحية والاجتماعية والنفسية، فيجمع التربويين أن الهاتف يؤثر على المدى البعيد على تفاعله مع البيئة المحيطة به، فيصبح أكثر عزلة وانطوائية وبالتالي يزداد لديه المشاكل النفسية ويصبح أكثر عنفا واصطناعاً للمشاكل. ومن الناحية الطبية يعاني الطلبة المدمنين على الهاتف من اوجاع دائمة بالعضلات خاصة منطقة العنق، ويجعل بعض وظائف الدماغ خاملة، وتضعف ذاكرته".