عضو بالبرلمان لـ"العين": تعدد الحكومات أضاع السيادة الليبية
حكومة "الوفاق" هي السبيل لمكافحة "داعش" ووحدة ليبيا
للحديث حول جملة القضايا التي تخص الشأن الليبي، حاورت بوابة "العين" الدكتور أكرم عيسى عُمر، عضو مجلس النواب الليبي.
تعيش ليبيا حالة من الحراك السياسي، والجدل الدستوري والقانوني المُعقد، والناتج أصلًا عن تعدد الحكومات، وارتباطاتها المختلفة بأجسام تشريعية مختلفة، وأجنحة عسكرية وأمنية كثيرة ومتعددة، وتحالفات داخلية وخارجية.
للحديث حول جملة القضايا التي تُخص الشأن الليبي، التقت بوابة "العين" الإخبارية الدكتور أكرم عيسى عُمر، عضو مجلس النواب الليبي، ودار معه الحوار التالي:
كيف تُقيم المشهد الساسي الليبي في الوقت الراهن، في ظل وجود ثلاث حكومات، وجسمين تشريعيين، وظهور المجلس الأعلى للدولة؟
بقراءة الوضع السياسي الليبي القائم، يتضح وجود انقسام كبير جدًا بين المؤسسات التشريعية والتنفيذية في البلاد، ولكن يبقى الجسم الشرعي والقانوني كمؤسسة تشريعية في ليبيا هو "مجلس النواب"، أما الانقسام الحاصل فهو ناتج عن ما حصل في السابق بين مشروعية كلٍ من "المؤتمر الوطني العام" الذي في نفسه جهة تشريعية، و"مجلس النواب الليبي" الذي يعتبر نفسه جسمًا تشريعيًا مُنتخبًا أيضًا.
ما حصل بينهما ارتبط بجدل قانوني وعُرض على القضاء في حينها، وأصدرت المحكمة الدستورية في ذلك حكمًا قضائيًا واعترف به البعض ورفضه آخرون، ومر الموضوع بجدل قانوني كبير جدًا، لكن بحديثنا عما نمر به اليوم، فإنه من الواجب علينا كليبيين أن نلتف حول شرعية البرلمان؛ باعتباره المؤسسة التشريعية الوحيدة في البلاد، ونلتف حول المجلس الأعلى للدولة، باعتباره الجهة الاستشارية التي تُقدم الرأي والمشورة لباقي مؤسسات الدولة.
أما فيما يخص حكومة الوفاق الوطني والتي انبثقت عن الحوار الليبي، وأقول الحوار الليبي لأن الأطراف المشاركة فيه كانوا ليبيين، سواءً من المؤتمر أو من البرلمان أو من المقاطعين أو المستقلين، والحوار كان ليبيًا صرفًا، أما الأمم المتحدة فكانت راعية له فقط ولم تكُن طرفًا فيه، بالتالي هذه الحكومة انبثقت عن حوار ليبي بين الأطراف المتنازعة على الأرض.
أما فيما يتعلق بالحكومتين الأخريين، سواءً "الإنقاذ" في طرابلس أو "المؤقتة" في طبرق، فهما في حكم المنتهيتين، ولكن الإشكال القائم الآن هو قدرة حكومة "الوفاق" على الحصول على موافقة وثقة مجلس النواب.
خصوصًا أن الجميع يذكر ما كان قد حصل في جلسة مجلس النواب الأخيرة، والتي انعقدت لمنح الحكومة الثقة من أن مجموعة من الرافضين لها -وهم قلة- أفسدوا هذه الجلسة، وأصروا على عدم استمرارها، ليخرج باقي النواب المؤيدين لها خارج قاعة الجلسة، ويتم الاتفاق في قاعة مجاورة على منح الحكومة الثقة عبر التوقيع على قائمة بأسماء النواب الموافقين وتوقيعاتهم ومن ثم إحالتها للجنة الحوار والأمم المتحدة.
وجود "المجلس الأعلى للدولة" خلق الكثير من اللغط، كون أغلب أعضائه هم من "المؤتمر الوطني العام"، كذلك لعدم وضوح دوره، فهل يمكنك أن توضح لنا التوصيف الخاص بدور ومهام هذا المجلس؟
مهام المجلس الأعلى للدولة واضحة وفق الاتفاق السياسي، وما نصت عليه المواد من 19 إلى 25، ويتلخص دوره في مراجعة كل القوانين الصادرة عن الحكومة، والتي تسعى لتمريرها في البرلمان.
كذلك يعتبر المجلس الأعلى للدولة طرفًا في سحب الثقة من الحكومة على الرغم من أن ذلك من اختصاصات مجلس النواب.
عادة في المؤسسات التشريعية ينحصر دور المجلس الأعلى للدولة في تقديم المشورة والرأي، ولكن وفق ما نص عليه الاتفاق السياسي، أصبح له دور تنفيذي، بهذا يمكن أن تكون هذه المؤسسة الاستشارية تمتلك صفة الإلزام في آرائها.
بهذا يكون المجلس الأعلى متحصلًا على سلطات أعلى حتى من البرلمان، طالما يستطيع أن يؤثر في قرار سحب الثقة من الحكومة؟
لا يمكن اعتبار المجلس الأعلى للدولة مؤسسة لها سلطة أعلى من البرلمان، ولكن الاتفاق السياسي حفظ له حقوقها.
حسب ما يتسرب هنا وهناك أن البرلمان وأعضاءه قد تعرضوا لضغوط غربية بضرورة منح الثقة لحكومة السراج، فإلى أي مدى يمكنك أن تؤكد أو تُفند هكذا تسريبات؟
هذه الادعاءات غير صحيحة، ولم أتعرض أنا ولا أي من أعضاء البرلمان لهكذا ضغوط لأجل القبول أو الرفض لحكومة الوفاق. فأعضاء مجلس النواب المؤيدون لهذه الحكومة يرون فيها المخرج مما تمر به البلد من مُختنقات، ويعتبرون ممارستها لمهامها بمثابة إنقاذ لليبيا، خصوصًا أن طموحات ومتطلبات الشعب باتت بسيطة، ومتمثلة في الحصول على متطلبات الحياة اليومية فقط.
كذلك أمامنا تحديات كبيرة، وهي من أهم مطالب البرلمان من حكومة الوفاق والمتمثلة في مواجهة ومكافحة الإرهاب المُتمثل في تنظيم "داعش" الذي لا يمكن مواجهته ونحن متفرقون، بل سيتم ذلك بتوحيد الجهود عبر حكومة واحدة.
أيضًا هناك شبه تلويح بالتدخل الخارجي بذريعة محاربة الإرهاب في ليبيا، وهذا أمر حتمًا سيحصل في ظل تعدد الحكومات وفي ظل عدم تنسيق مع أي منهما، بالتالي فإن أي إعانة أو مساعدة من المجتمع الدلي لمكافحة الإرهاب يجب أن تكون مع حكومة الوفاق وبالتنسيق معها. وجود الحكومة الموحدة من شأنه أن يحمي البلد من التدخل في القرار الليبي والسيادة الليبية، كذلك سيعمل على وحدة التراب الليبي.
بعد دعوة الأمم المتحدة الدول الأعضاء بعدم التعاطي مع أي مؤسسة موازية للمؤسسات السيادية المنضوية تحت حكومة الوفاق الوطني، كيف تتصور وضع هذه المؤسسات بعد توحدها، من حيث آلية عملها ومقار وجودها؟
دعني أربط ذلك برؤية المجتمع الدولي للحالة الليبية؛ حيث إن الجميع يهمه استقرار ليبيا، واستقرار ليبيا يعني الهدوء في حوض المتوسط الذي تطل عليه أغلب الدول الغربية، ومصالحها في المنطقة، بالتالي هذه الدول جدُ حريصة على الاستقرار في ليبيا، من هنا نجد أن الدعوة الأممية لكل المؤسسات للتعامل فقط مع حكومة الوفاق، هي دعوة تصب في مصالحها بشكل مباشر.
ثم إنه لم يرد في الاتفاق السياسي، تفاصيل سير عمل هذه المؤسسات السيادية أو مواقعها باستثناء أن الحكومة والمجلس الأعلى مقرهما طرابلس والبرلمان مقره بنغازي.
أما مقار باقي المؤسسات السيادية كالمصرف المركزي، والمؤسسة الوطنية للنفط، فإنه أمر يعود للحكومة وهي من سيفصل فيه، وستكون من ضمن التحديات التي تواجه الحكومة، خلق التوازن ما بين المُدن والمناطق المختلفة وخصوصًا التي تعتبر في نفسها مُهمشة وغير مشمولة بالخدمات من قِبل مؤسسة الدول.
aXA6IDE4LjIyMC4yMDYuMTQxIA==
جزيرة ام اند امز