من الحكومة الموحدة إلى نواب الأسد.. فخاخ "دي ميستورا" لا تتوقف
خلاف بين المعارضة السياسية والعسكرية حول التعامل معها
من استبدال الهيئة الانتقالية بالحكومة المؤقتة، إلى الحديث عن نواب للأسد، لا تتوقف فخاخ دي ميستورا، التي تباينت الرؤية حيال مواجهتها.
قبل بدء الجولة الأولى من مفاوضات جنيف الدائرة حاليًا بين النظام السوري والمعارضة، برعاية المبعوث الدولي للأزمة السورية، ستيفان دي ميستورا، وضع محمد علوش، القيادي البارز في هيئة التفاوض التابعة للمعارضة، صورة لشيخ من مدينة "دوما المحاصرة" يرفع لافتة تحمل عبارة "هيئة التفاوض انتبهوا من الأفخاخ".
وقتها كان "الفخ" الذي يتم نصبه، هو استبدال الحديث عن هيئة الحكم الانتقالية، التي تؤول إليها كامل صلاحيات بشار الأسد، بفكرة الحكومة الموحدة التي تتشارك فيها المعارضة مع النظام.
وروج دي ميستورا لهذا الحل، من خلال تصريحات صحفية أطلقها قبل ثلاثة أيام من بدء المفاوضات، وقال فيها إن المفاوضات المقبلة في جنيف ستركز على تشكيل حكومة وطنية في سوريا والانتخابات وتعديل الدستور، دون أن يتطرق إلى منصب الرئيس.
وأظهرت المعارضة حينها يقظة تجاه محاولات إيقاعها في هذا الفخ، وقبل السفر إلى جنيف، وصف منذر ماخوس، المتحدث باسم هيئة التفاوض، حديث دي ميستورا عن الحكومة بأنه "انقلاب سياسي" على كل مرجعيات المفاوضات، وفي مقدمتها بيان جنيف الذي نص صراحة على تشكيل هيئة حكم انتقالي بصلاحيات كاملة تضم ممثلين عن المعارضة وشخصيات من النظام لم تشارك في عمليات القتل.
وخلال التفاوض تمسكت المعارضة بهيئة الحكم الانتقالي، كمخرج للأزمة السورية، ليتخلى دي ميستورا عن فخه الأول، ويتجه إلى نصب فخ ثانٍ؛ بإرضاء المعارضة بالحديث عن هيئة الحكم الانتقالي، مع وضع تصور مختلف لها.
وذهب دي ميستورا في فخه الجديد، إلى تعيين ثلاثة نواب للرئيس السوري، تنتقل إليهم الصلاحيات السياسية والعسكرية، على أن يكون دور الرئيس السوري بروتوكوليًا طوال فترة المرحلة الانتقالية.
وإزاء هذا المقترح الجديد، اتفقت أطياف المعارضة السياسية والعسكرية على التمسك بهيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات، لا تتضمن بشار الأسد، لكنهم احتفلوا حول الموقف من المفاوضات.
وطالبت المعارضة العسكرية، في حساباتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بالانسحاب من المفاوضات، وأصدرت، حركة "أحرار الشام"، وهي واحدة من أكبر فصائل المعارضة المسلحة على الأرض، بيانًا دعت فيه إلى ذلك.
وقالت الحركة -في بيانها، مساء أمس السبت- إنه بينما تساعد روسيا النظام السوري على تحقيق مكاسب على الأرض، تعطيه زخمًا سياسيًا، لا تزال هيئة التفاوض مصرة على استمرارها في التفاوض، وسط تملص دولي من أي التزامات أو ضمانات.
وذهبت الحركة -في بيانها الذي نشرته على حسابها الرسمي بموقع "تويتر"- إلى أن الحل في سوريا "سياسي عسكري"، ولا يجب فصل المسارين عن بعضهما، لا سيما أن النظام السوري لا يزال يعمل على حل عسكري خالص.
واتفق كثير من السياسيين مع هذه الرؤية التي طرحتها حركة "أحرار الشام" من أن الحل في سوريا يجب أن يكون "سياسيًا عسكريًا"، لكنهم في الوقت نفسه قالوا إن ذلك لا يعني الانسحاب من المفاوضات.
وقال المعارض السوري أساد حسين: "الأفضل استمرار هيئة التفاوض بسياق التفاوض نفسه مع زيادة الضغط العسكري؛ لأن ما طرحه دي ميستورا هو بداية التنازل، وهذا أمر جيد".
وشدد "حسين" في الوقت ذاته، على هيئة التفاوض بأن تعمل على عدم تسريع وتيرة التفاوض وعدم إعطاء دي ميستورا تنازلات كبيرة تؤثر في الميدان.
فإلى أي الرأيين ستميل هيئة التفاوض في مواجهة فخاخ دي ميستورا؟.. إلى الآن فإن أغلب تعليقات الهيئة تكتفي بالتأكيد على أنه لا مكان لبشار الأسد في مستقبل سوريا.
وكتب رياض حجاب، المنسق العام لها، ثلاث تغريدات على حسابه الرسمي بموقع "تويتر" أكدت هذا التوجه، وذلك على الرغم من أنه نادرًا ما يغرد.
وقال -في أولها-: "نناقش في جنيف شيئًا واحدًا فقط، وهو تشكيل هيئة حكم انتقالي خالٍ من الأسد وزمرته التي تلطخت أيديهم بالدماء"، ثم قال في الثانية: "لا بد أن يساق بشار للعدالة هو وكل من تلطخت أيديهم بدماء الشعب السوري"، واختتم بقوله: "المحاكمة لبشار لا الحكم!".