التسول يتحوّل إلى طريق سريع للثراء في غزة.. ما الحل؟
قطاع غزة يشهد تزايدا ملحوظا في ظاهرة التسول التي لجأت إليها عائلات لتوفير مستلزمات الحياة، فيما امتهنها آخرون لتحقيق الثراء السريع.
يشهد قطاع غزة في الآونة الأخيرة تزايدا ملحوظا في ظاهرة التسول التي وجدت فيها بعض العائلات وسيلة لتوفير مستلزمات الحياة، جراء حالة الفقر المدقع لدى الغزيين بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض عليهم منذ نحو عشرة أعوام، حيث تردّت الأوضاع الاقتصادية الصعبة أصلاً.
ولم يقف الأمر عند هذه العائلات التي قد يكون بعضها في حاجة ماسّة لذلك، لكنه تعدّاه لقيام آخرين باستغلال هذه الظاهرة، وامتهانها كي تصبح ظروفه الاقتصادية أفضل حالا.
وتداعت مؤسسات حكومية وأخرى أهلية للحد من تنامي هذه الظاهرة التي باتت أشبه بالمهنة عند البعض، فقد أعلنت وزارة الداخلية في غزة عن بدء ملاحقة المتسولين، من خلال إطلاق حملة توعوية وإعلامية، قبل البدء في القبض على المتسولين.
وتتعدد صور المتسولين في غزة، التي لا يكاد ميدان أو مكان عام أو مجمع تجاري يخلو من المتسولين الذين يختارون أماكنهم بعناية فائقة، حتى بات هذا الأمر يؤرّق الكثيرين.
ويقول الدكتور علاء القطناني، مدير دائرة تنمية المجتمع في وزارة التنمية الاجتماعية بغزة، إن ظاهرة التسول تعد من أخطر الظواهر في المجتمع الغزي، موضحا أن عدم قيام الجهات الحكومية والأهلية بواجباتها تجاه محاربة هذه الظاهرة، أسهم في ازديادها.
ويضيف لبوابة "العين" أن هذه الظاهرة بدأت تزداد بشكل كبير في غزة التي يعاني سكانها من أوضاع اقتصادية صعبة، مؤكدا أن هناك عائلات تلجأ لذلك من أجل توفير احتياجاتها اليومية الأساسية من مأكل ومشرب وغيره.
ويطرح مدير تنمية المجتمع حلولا للتخلص من هذه الظاهرة، تتمثل في توفير الضمان الاجتماعي لكل المحتاجين، لضمان الحد الأدنى من مقومات الحياة لديهم، إلى جانب توفير فرص عمل لكل القادرين على العمل لتوفير أساسيات الحياة، بالإضافة إلى فرض عقوبات على المتسولين كي تكون رادعا لهم يمنعهم من ممارسة هذه المهنة.
وينصح الدكتور القطناني المواطنين بعدم التعاطي مع المتسولين أو التجاوب معهم من خلال اعطائهم النقود مما يشجعهم على الاستمرار بالتسول، مشيرا إلى أن دور المواطن مهم في القضاء على التسول.
وتعمل عدد من العائلات على تجنيد أطفالها ونسائها وكبار السن، إلى جانب ذوي الاحتياجات الخاصة منهم، للدخول في هذه المهنة التي أرّقت الكثير من الغزيين.
ويؤكد الناشط المجتمعي محمود جمال، أن بعض المتسولين امتهنوا هذه الظاهرة، فوجدوا فيها طريقة سريعة للثراء، خصوصا أنهم يختارون أماكن عملهم بعناية، إلى جانب اختيارهم أوقاتا تكون فيها الأمور المادية على ما يرام وتحديدا أوقات الرواتب والأعياد وغيرها.
ويرى جمال في حديثه لبوابة "العين" أن بعض هؤلاء المتسولين لم يجدوا أمامهم خيارا سوى طرْق جيوب الناس، من أجل البحث عن رزقهم أو العلاج لبعضهم، في حين أن قسما أكبر امتهن هذا التسول بمحض إرادته.
ويضيف أن بعض المتسولين يتخذون من عطف ورأفة بعض الناس عليهم، تزيدهم أكثر نحو الاستمرار في هذه المهنة، من أجل زيادة أموالهم.
وتشير الدكتورة تغريد كساب، أستاذة الصحة النفسية بجامعة القدس المفتوحة، إلى أن ظاهرة التسول تنامت بشكل غير مسبوق بفعل الظروف الحالية التي يمر بها القطاع من حصار وإغلاق وبطالة وفقر.
وتؤكد لبوابة "العين" أنه يجب التركيز على هذه الظاهرة من نواحي نفسية وسيكولوجية، ووضع خطط وطنية وعلمية لمعالجة هذه الظاهرة، من خلال التنسيق بين القطاعات الحكومية والأهلية للقضاء على هذه الظاهرة.
وتوضح الدكتورة كساب أن محاربة التسول مسؤولية ملقاة على الجميع، حيث يجب أن تتكاتف الجهود لمعالجة هذه الظاهرة التي تهدد المجتمع الغزي.
وينتقل المتسولون يوميا من مكان إلى آخر، حيث يتركز عملهم في مدينة غزة بشكل كبير، كونها من كبرى مدن القطاع، علاوة على وجود أماكن عديدة وراقية يمكن للمتسولين اللجوء إليها.
وفي خطوة إيجابية لاقت ارتياحا كبيرا لدى الغزيين، أعلنت الشرطة الفلسطينية عن إطلاق حملة لمكافحة ظاهرة التسول المنتشرة في غزة.
ويقول أيمن البطنيجي المتحدث باسم الشرطة بغزة، أن هذه الحملة ستبدأ الأسبوع المقبل، حيث سيتم ضبط كافة المتسولين، ومعالجتهم، من خلال تحويل من يتبين بأنه حاجة للمال إلى وزارة الشؤون الاجتماعية، في حين سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضد كل من يتخذها كمهنة، كون القانون الفلسطيني يمنع أي مواطن من استخدام التسول كوسيلة للاسترزاق.
ويشير المتحدث باسم الشرطة، إلى أنه سيتم إطلاق حملة إعلامية توعوية من خلال وسائل الإعلام المختلفة والمساجد، لتوضيح آثار وتداعيات ظاهرة التسول وأخطارها على المجتمع الغزي.