الناشرون العرب في معرض أبوظبي للكتاب، تشاركوا وجهات النظر حول قرصنة وتزوير وسرقة المؤلفات.
"لا تسرق من تحب" وإن كان كلمة تقرأها لكاتبك المفضل، أو بيت شعر يطرب أذنك فـ"الغاية لا تبرر الوسيلة" وإن كان في هذه الكلمة ما يطيب به روحك. قد تكون هذه الحكم اليومية البسيطة التي نستخدمها في يومياتنا هي خلاصة مهمة لما يعانيه وما اجتمع عليه عدد من الناشرين العرب في معرض أبوظبي للكتاب في نقاشهم حول قرصنة وتزوير وسرقة المؤلفات، وما يشهده هذا الأمر من تعاظم وتفاقم عامًا بعد عام.
فماذا يمكن فعله في العالم العربي من مشكلات تزوير واختلاس لمؤلفات وكتب، تطبع من غير إذن مؤلفها وفي مطابع تستنسخ آلاف الكتب الأصلية، متجاهلين حق المؤلف من جهة، ودور النشر الراعية للكتاب من جهة أخرى.
"كيف يمكن إيجاد حلول صارمة وآليات تحد من هذا الأمر بشكل قاطع؟" و"ماذا يعني أن تذهب وتشتكي للجهات المعنية عن سرقة وتزوير كتاب وهناك العديد من القضايا التي قد تعتبرها الجهات المسؤولة أعظم وأكثر أهمية"، فرضت هاتان الإشكاليتان نفسهما على الجلسة التي أدراها الكاتب والناشر اللبناني حسن ياغي، بمشاركة أبرز وأهم صناع النشر في العالم العربي مثل رئيس اتحاد الناشرين العرب محمد رشاد، والناشر بشار شبارو، والناشرة رنا إدريس، والناشر جوزيف صادر، وآسيا موساي، مع مشاركة الكاتبة الكويتية بثينة العيسى، بالإضافة إلى حضور عدد من أصحاب دور النشر المشاركين في المعرض.
قد لا يكون تدهور الأوضاع في العالم العربي أو وجود قضايا جنائية هي النقطة الجوهرية التي بسببها قد تهضم قضايا يمكن اعتبارها "سطحية" كقضية "تزوير كتاب"، ولكن مع وجود الإنترنت والقرصنة الإلكترونية فالأمر أصبح أسهل بكثير، ومفتوحًا بطريقة أكثر أمانًا وحرية للمزورين.
تعددت الأفكار والرؤى بين أبرز وأهم صناع النشر في العالم العربي، الذين وجدوا في أروقة المعرض مساحة حرية ومنفسًا للتعبير عن همومهم ومشكلاتهم، ملتزمين بوضع توصيات ونقاط صارمة يجب تطبيقها وتنفيذها في نهاية المعرض.
وما لا شك فيه، فإن احترام الملكية الفكرية لا يجب أن تكون شيئًا يكتشفه الفرد فجأة عندما يكبر، فالتثقيف والتعليم المبكر باحترام الملكية الفكرية وحقوق المؤلف يجب أن يكون جزءًا أساسيًا من شخصية الطفل الأساسية ويدخل في عملية تثقيفه، وبهذا تطرق كل من الكاتب والناشر حسن ياغي ورئيس اتحاد الناشرين العرب محمد رشاد بضرورة التواصل مع الهيئات الثقافية والتعليمية في الدول بهذا الخصوص لوضع مواد ومعلومات تتطرق إلى هذه القضية في مناهج الطفل التعليمية.
التشهير بالمزور
"التشهير.. عقوبة تأديبية ربما تجدي نفعًا"، من هنا تطرقت الكاتبة الكويتية بثينة العيسى بإمكانية رفع سلاح التشهير ضد "المزور" عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، واقترح ياغي، الذي اتفق معه الحضور، بضرورة وضع قائمة سوداء تفضح المزورين، ومعاقبتهم مهنيًا وضرورة بذل مجهود أكبر من أجل تعديل القوانين وتعديل قانون الرقابة.
"لم لا أقرأ"
قد يكون صمت المؤلف عن تزوير كتابه هو أمر غريب، ولكن عللت الناشرة آسيا موساي أن صمت المؤلف أحيانًا عن كتابه الذي "زور"، إنما يعود إلى ضياع حقه عند دور النشر، ومن هنا يبدأ المؤلف بالتفكير "لماذا إذًا لا أقرأ"، لذا فإن إعطاء المؤلف حقه هو من أهم الأمور التي يجب وضعها عند معالجة هذه القضية، فكما تطالب دور النشر بحقوقها، للمؤلف حقوقه أيضًا.
واقترح "ياغي" إنشاء صندوق مالي للاتحاد يمكن الاعتماد عليه لتعيين محامين يمكنهم التحرك قضائيًا في هذا الأمر.
الإجراءات الرقابية
ولم يكتف الناشرون فقط عند حقوق النشر؛ بل تطرقوا إلى أبرز ما يعانونه في معارض الكتاب من معاملات وإجراءات رقابية قد تصل إلى حد "إهانة الكتب"، بحسب ما وصفه أحد الحاضرين.
فالكثير من الكتب قد تمنع من دخول المعارض لأسباب مجهولة، وقد تفاجأ دور النشر بالسماح للكتب التي منعت في الدورة السابقة من دخولها في الدورة التي تليها.
وعن المبالغ المالية الطائلة التي باتت تؤرق أصحاب دور النشر من أجل استئجار مساحة معينة في المعارض التي يشاركون فيها، اقترحت الناشرة رنا إدريس ضرورة وضع حدود مالية معينة غير مبالغ فيها للاستئجار وعدم تجاوزها.
وأجمع صناع النشر، ومن أبرزهم محمد رشاد وحسن ياغي، أن إصرار البعض على إدخال وتسريب كتب قد لا تتناسب مع سياسة الدول قد يضر أيضًا بجميع دور النشر، لذا فإن دراسة خصوصية كل معرض هو أمر بالغ الأهمية، مع احترام خصوصية الدول.
وأجمع صناع النشر أن الإجراءات الرقابية التي تتبع في بعض المعارض قد تدفع دور النشر باتخاذ خطوات أكثر صرامة كالمقاطعة عن المشاركة في المعارض، ولافتين إلى أهمية التواصل مع إدارة المعارض ورؤساء اتحاد الكتاب في الدول والوزارات الثقافية لفتح قنوات تواصل وتفاهم لبحث جميع الاقتراحات.