التطورات المتسارعة في الشارع العراقي والهجوم الشعبي الموجه من التيار الصدري بالهجوم على المنطقة الخضراء واحتلال وتخريب البرلمان
التطورات المتسارعة في الشارع العراقي والهجوم الشعبي الموجه من التيار الصدري بالهجوم على المنطقة الخضراء واحتلال وتخريب البرلمان وضرب وإهانة بعض النواب وجلهم من أهل التيارات الشيعية يحمل رسائل واضحة للجميع مفادها بأن العملية السياسية العراقية بشكلها الطائفي الرث قد تحولت لمهزلة! وهي تعيش فعلا لحظات الاحتضار والتلاشي والتحلل ، ورغم كل ما قيل عن تواطؤ وأمور تجري تحت الطاولة بين فرقاء النزاع السياسي والطائفي إلا أنه من الصعوبة ضبط إيقاعات تحرك الشارع العراقي في ظل الخطط الدولية المعدة في الغرف السوداء لتقرير مصير ومستقبل العراق كدولة موحدة بحدودها المرسومة منذ عام 1921 يوم إنبثاق المملكة الهاشمية العراقية .لقد كان واضحا منذ إحتلال الولايات المتحدة للعراق وتدميره وتكسيحه وإقامة نظام سياسي بديل مهترئ يفتقد للمصداقية الحقيقية وللقدرة على إدارة دولة بحجم ومكانة العراق، أن ألأوضاع لن تستقر وستذهب لمديات أوسع في السوء والتشتت وفقدان السيطرة على إدارة الصراع ، وهيمنة القوى الخارجية وخصوصا النظام الإيراني المتحفز والجاهز بمشاريعه التبشيرية القديمة ، وهو ما حصل فعلا وبشكل لا يتكرر حتى في سيناريوهات الأفلام الهندية الميلودرامية الزاعقة ، فالقوى السياسية والطائفية التي كانت الولايات المتحدة تعتبرها جماعات إرهابية لدورها الميداني الفاعل في ضرب المصالح الاميركية والغربية والحليفة في الشرق القديم! في ثمانينيات القرن الماضي، قد تحولت وبضربة عصا اميركية لحليفة للولايات المتحدة بل ودخلت المكتب البيضاوي في البيت الأبيض في واشنطن، فحزب “الدعوة” مثلا وهو حزب طائفي مارس الإرهاب في العراق ولبنان والكويت والخليج العربي أضحى حزبا قائدا للمجتمع والدولة العراقية البديلة التي قامت على أنقاض النظام السابق ، وأضحى قادة الإرهاب السابقين مثل نوري المالكي وهادي العامري وآل الحكيم حلفاء مخلصين للغرب!، وتلك من أهم التحولات العجيبة في عالم علي بابا الأسطوري في العراق،
المهم إن حصيلة حكم تلكم الأحزاب والتشكيلات الطائفية لم تكن سوى تصعيد الفشل، وإدارة حرب طائفية مجنونة إستمرت بوتائر مختلفة منذ العام 2005 وحتى اليوم بصيغ وأشكال وأدوات مختلفة، وبما أسس وكرس لتطبيق سيناريو قديم تحدث عنه الرئيس الراحل صدام حسين بنفسه في خطاب جماهيري العام 1980 حينما قال بالنص أن هنالك خطة لتقسيم العراق لثلاثة كيانات سنية وشيعية وكردية )!، وهو ماحصل فعلا وتجري حاليا لمسات تنفيذ المراحل الأخيرة منه!، فإنقسام البرلمان العراقي الهزلي وسيادة الفوضى السياسية المطلقة ، وهيجان الشارع الحائر بين قيادات عبثية وأخرى طائفية ، والفشل الحكومي الشامل في إدارة أزمات السلطة وحل مشكلات المجتمع ، إضافة الى تصاعد الصراعات المسلحة الطائفية والعرقية كما حصل في ديالى ويحصل في الفلوجة والأنبار وكما تطورت حلقاته في معارك قضاء طوزخورماتوبين الميليشيات الشيعية التابعة للحشد الطائفي والبيشمركة الكردية وحفلات التعذيب حتى الموت والإنتقام البشع من الأسرى جميعها عوامل ساهمت في التعجيل بتدخل الإدارة الاميركية لحماية حلفائها في السلطة الذين إعتبرتهم خطا أحمر (الرئاسات الثلاث) ، ثم مجيء نائب الرئيس الأميركي والمتأبط لملف تقسيم العراق (جوبايدن) لبغداد من أجل حل مشاكل السلطة العراقية ، وتقويم مسألة إخراج تنظيم الدولة (داعش) من الموصل ضمن ملف الحرب الكونية على الإرهاب والتي يعتبر العراق أحد أهم ساحاتها ومراكزها، وفي ظل ندءات المناطقية والجهوية المتصاعدة من أطراف سياسية فاعلة ، فإن الصراع الدموي الشيعي الكردي قد رسم خطوطه الدموية الحمراء على الرمال العراقية الساخنة ، فالصراع على الطوز خور ماتو أحيا صراعات دفينة بين الأكراد والتركمان ، والتي شهدنا فصولها الدموية المروعة في أحداث الموصل وكركوك العام 1959 حينما كانت الصراعات الدموية تدور ضمن إطار الصراع القومي الشيوعي حينذاك!،
أما اليوم فإن قوات الحشد الطائفي باتت تمتلك قيادة أركان عسكرية توجه معاركها من خلال قيادة الحرس الثوري الإيراني مباشرة حتى أن الجنرال الحرسي الإيراني قاسم سليماني قد حضر بنفسه للطوز للدلالة على رمزية وأهمية المعركة الطائفية هناك،
الصراع الشيعي الكردي المتجدد يشكل عائقا أمام أي خطة عسكرية لدخول الموصل التي يظل الصراع حولها هدفا أميركيا بالغ الدلالة في المرحلة المقبلة، تقسيم العراق اليوم في ظل توالي وتكريس الفشل السلطوي يبدو الخيار الأميركي والغربي الأقرب للمزاج والتطبيق أكثر من أي وقت مضى! ، وهوالملف الذي يشكل تيارا صاعقا ليس للعراق وشعبه بل لعموم المنطقة، فتقسيم العراق لكانتونات طائفية لوتحقق فإنه سيكون الضربة الكبرى في تقسيمات أخرى ستغير من خارطة الشرق الأوسط الذي إنبثق ورسمت خرائطه خلال وبعد الحرب الكونية الأولى، بل أن تأثيرات ذلك الحدث الجلل ستمتد لعمق الشمال الإفريقي!، إنها لحظات التشكل لعالم عربي جديد ومختلف عما عهده العالم؟ فهل أينعت الثمار فعلا. وهل أننا نشهد اللحظات الأخيرة للعراق الذي عرفناه منذ عام 1921؟. كل الخيارات ممكنة ومتاحة… إلا إذا تغيرت المعادلة!.
نقلًا عن صحيفة السياسة
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة