لا حاجة لاستعراض نماذج من الممارسات الصهيونية، بدءاً من اغتصابه لفلسطين، والمذابح الجماعية، وجرائم الحرب التي ارتكبها
عندما يشبه جنرال صهيوني، يتبوأ منصب نائب رئيس أركان الجيش، ممارسات جيشه ضد الفلسطينيين بالنازية الهتلرية، فهو لا يقدم فقط شهادة إثبات لما يردده منذ زمن طويل معظم الكتاب والباحثين والسياسيين العرب والأجانب، بقدر ما يؤشر إلى أي مدى وصل إليه الانحطاط والانحلال الأخلاقي في المؤسستين العسكرية والسياسية، ومعهما المجتمع الصهيوني برمته، والذي كان ضمناً موضع اتهام الجنرال الذي تتعالى الأصوات المطالبة بإقالته.
لا حاجة لاستعراض نماذج من الممارسات الصهيونية، بدءاً من اغتصابه لفلسطين، والمذابح الجماعية، وجرائم الحرب التي ارتكبها ولايزال في حروبه المتواترة مع الفلسطينيين والعرب، إلى عمليات التهجير ومصادرة الأرض وهدم المنازل فوق رؤوس أصحابها، إلى عمليات الإعدام بدم بارد، والقتل لمجرد الشبهة، واعتقال الأطفال، وإحراق البشر وهم أحياء. لكن هناك حاجة لتوضيح العلاقة بين الصهيونية والنازية والمزاعم الكثيرة التي تتحدث عن أخلاقيات المجتمع الصهيوني، وما يسمونه «طهارة السلاح» التي دأبوا على تسويقها للتغطية على جرائم جيش الاحتلال.
فالحركة الصهيونية أسبق زمنياً من النازية بسنوات طويلة، ولكنها حملت في رحمها البذور الأولى للنازية، إذ إن مجرد تأسيسها على قاعدة اغتصاب وطن وتشريد شعبه بالقوة، وتكريس احتلال استيطاني إجلائي على أرض فلسطين، كان يبيح لها فعل أي شيء لتحقيق ذلك من وجهة نظر زعمائها، حتى إنها لم تتردد في زرع القنابل بين اليهود أنفسهم، وارتكاب المجازر بحقهم في العديد من دول العالم، لإجبارهم على الهجرة إلى فلسطين، وفيما عدا ذلك تبقى جرائهم بحق الفلسطينيين والعرب مجرد تفاصيل، لأن كل شيء مباح أصلاً في المشروع الصهيوني.
ما يقوله الجنرال يائير جولان في ذكرى ما يسمونه «المحرقة»، ليس أكثر من توصيف للحالة التي وصل إليها الجيش والمجتمع الصهيونيان، فهو يرى أن سلوكيات وتصرفات المجتمع الصهيوني، والعمليات العسكرية التي يقوم بها جيش الاحتلال تشبه سلوكيات وتصرفات النازية في ألمانيا قبل 60 أو 70 عاماً، ويؤكد أن هناك أدلة على حصول مثل هذه الأمور في «إسرائيل» في عام 2016. وفي تعليقه على الجندي الصهيوني الذي قام بإعدام جريح فلسطيني أعزل في الضفة الغربية، يعترف الجنرال بأن إساءة استخدام السلاح، وانتهاك حرمته، قد تغلغلا منذ تأسيس الجيش الصهيوني، ولعل في هذا رد واضح على مزاعم «طهارة السلاح»، وإن كان هذا الجنرال ينطلق من مخاوفه على مستقبل الكيان، ويخشى من أن الصراع يقترب من نقطة اللاعودة مع الفلسطينيين، ولكنه وصل إلى هذه النقطة بالفعل.
*- نقلاً عن جريدة "الخليج"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة