سيسجل باراك أوباما سابقة ، كونه أول رئيس أمريكي تطأ قدماه مدينة هيروشيما اليابانية التي دمرتها قنبلة ذرية تاريخية
سيسجل باراك أوباما سابقة ، كونه أول رئيس أمريكي تطأ قدماه مدينة هيروشيما اليابانية التي دمرتها قنبلة ذرية تاريخية في الأيام الأخيرة من الحرب العالمية الثانية قبل سبعين عاماً، وستكون هذه الزيارة حافلة بالدلالات ، وتأتي بعد أسابيع من زيارة غير مسبوقة أيضاً لوزير خارجيته جون كيري إلى المدينة.
ربما تحمل هذه الخطوة نوعاً من الاعتذار لليابانيين الذين قتل منهم عشرات الآلاف في لمح البصر صباح السادس من أغسطس/آب 1945، بعدما أمر الرئيس الأمريكي آنذاك الديمقراطي هاري ترومان بإلقاء القنبلة على هيروشيما ثم على ناغازاكي لفرض الاستسلام على اليابان، وقد أنهت تلك الضربة الشنعاء الحرب، ولكن تداعيات القنبلة لم تنته، وما زال اليابانيون يحيون سنوياً تلك الفاجعة ويريدونها أن تظل جرحاً غائراً لا يندمل. ومن الصعب أن يصلح أوباما ما اقترفه ترومان من خطيئة، وقال البيت الأبيض إن الزيارة تهدف «لتأكيد التزامه بالسلام والأمن في عالم خال من الأسلحة النووية».
وطوال السبعين عاماً الماضية، ورغم التحالف الشبيه بالتبعية بين طوكيو وواشنطن، لم يتجرأ مسؤول أمريكي رفيع على زيارة مدينة القنبلة الذرية، وربما أراد أوباما أن يختتم عهده بهذه الحركة التاريخية ليبيّن أنه أهل لجائزة نوبل للسلام ، ولإظهار رغبته الشخصية في إخلاء العالم من الأسلحة النووية.
على مدار العقود الأخيرة ظلت هيروشيما شاهدة على أبشع صور القتل والإفناء، ولا يستبعد أن تلاقي أي مدينة أخرى في العالم المصير ذاته وأسوأ منه، طالما أن أسلحة الدمار لم تنته من العالم، بل إنها ازدادت عدداً وقدرة على التدمير. وبينما يستعد أوباما لزيارة هيروشيما يشهد العالم سراً وعلناً سباقاً مهولاً للتسلح بأسلحة نووية جبارة، وما زالت القوتان العظميان، الولايات المتحدة وروسيا، تخصصان موازنات ضخمة لابتكار قنابل وصواريخ أشد فتكاً، كما تعرض أطراف أخرى مثل كوريا الشمالية تجاربها وقدراتها.
ورغم الحديث المتواصل عن الجهود الرامية للقضاء على هذه المخاطر أو الحد منها، تقف البشرية في هذا العهد أقرب من أي وقت مضى إلى احتمال استخدام هذا السلاح المدمر في النزاعات المتفجرة بمناطق عديدة.
وتعكس التوترات الجارية في العلاقات بين القوى العظمى وأكثرها وضوحاً ما يجري بين موسكو وواشنطن، فاحتداد النبرة السياسية بين البلدين وتعدد الأخطاء والاحتكاكات العسكرية في أوروبا وبحر البلطيق خصوصاً لا تبشر بخير ، وإن كان المسؤولون يوهمون بأن الحوادث عرضية ولا تحمل أي تهديد.
هذه الأيام تشهد عواصم حلفاء الحرب العالمية الثانية احتفالات بانتصارها على ألمانيا النازية، وما زالت الخطابات الرسمية تركز على ضرورة التزود بمزيد الأسلحة بحجة صيانة الأمن والسلام الدوليين، وقد فات على الخطباء أن الإمعان في تطوير الأسلحة وأدوات الفتك المختلفة، بما فيها أسلحة الدمار الشامل، تتعارض مع السلام المنشود وتساهم في تهيئة بيئة للحرب ربما تنفجر في لحظة ما وبأبشع الصور.
*- نقلاً عن جريدة "الخليج"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة