القضية الفلسطينية.. هل تكون غطاء سياسيا للفشل الدولي في سوريا؟
التزامن بين الحديث عن إحياء مفاوضات الملف الفلسطيني، بعد كل فشل بالملف السوري، يثير ما يدعو للريبة حول تعامل المجتمع الدولي مع القضيتين
في يناير/كانون الثاني من هذا العام، وبينما كانت ملامح الإخفاق في الجولة الثانية من مفاوضات جنيف حول الأزمة السورية، تبدو في الأفق، أعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس عن البدء خلال الأسابيع المقبلة في التحضير لمؤتمر دولي بمشاركة الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، وبحضور جميع الشركاء الأساسيين الأمريكيين والأوروبيين والعرب للبحث في حل سياسي يرتكز على مبدأ الدولتين.
فابيوس، الذي أطلق هذه التصريحات أثناء تقديمه التهاني للسلك الدبلوماسي المعتمد في باريس بمناسبة العام الجديد، لم يعط وقتها أي تفاصيل حول عملية التحضير للمؤتمر ولم يشر إلى مكان وتاريخ انعقاده، واهتم المجتمع الدولي حينها بهذا المؤتمر الذي تدعو له فرنسا، ثم انقطع الحديث عنه.
فجأة وبعد ما يقرب من خمسة أشهر، وبعد الإخفاق الذي شهدته الجولة الثالثة من مفاوضات جنيف حول الأزمة السورية، وغياب المناخ الذي يهيء لعقد جولة جديدة من المفاوضات، يعود الحديث مجددا عن المؤتمر الذي دعت له فرنسا، مع الحديث هذه المره عن بعض من التفاصيل التي تبلورت، والتي تتمثل في عقد الاجتماع الوزاري الدولي بباريس في 3 يونيو/حزيران المقبل، للتمهيد لعقد مؤتمر دولي للسلام.
هذا التزامن بين الحديث عن إحياء المفاوضات الخاصة بالقضية الفلسطينية، بعد كل محاولات فاشلة للتقدم في الملف السوري، يثير ما يدعو للريبة حول تعامل المجتمع الدولي مع القضيتين.
فمنذ بداية الأزمة السورية قبل خمس سنوات، كان الانطباع السائد لدى أغلب المراقبين أن الجهود الدولية بدأت تتجه نحوها على حساب القضية الفلسطينية، ولكن فجأة بدأت بوصلة الاهتمام تعود إلى الملف الفلسطيني مجددا.
ويأتي العودة إلى التركيز على هذا الملف، في وقت صارت فيه الأزمة السورية عصية على الحل، وفق توصيف المفكر السوري برهان غليون في تعليق على صفحته الرسمية بموقع " فيس بوك" قبل أيام.
ويقول غليون في توصيفه للأزمة: "العالم كله مرتبك ولا يعرف ماذا يفعل لوقف القصف العشوائي على المدنيين وإيصال الإغاثة إلى المدن والمناطق المحاصرة لوضع حد لسياسة العقاب الجماعي والتخطيط لمجاعات منظمة".
وتابع: "المبعوث الدولي للأزمة السورية دي مستورا يتحدث عن مخاطر مجاعة حقيقية، كما لو أنها لم تحصل بعد، أما الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا فهم يعلنون صراحة أن إلقاء المساعدات جوًّا سيكون خيارًا صعبًا ومعقدًا ومكلفًا".
وتساءل: "ما هو الحل إذن؟".
وأجاب على هذا التساؤل بتساؤل آخر: "هل سيكون الحل بإصدار بيانات جديدة تدعو الأطراف إلى الالتزام ببيانات تعددت إلى درجة لم يعد أحد يذكرها أو يهتم بتذكرها؟!".
وخرج من ذلك بقوله: "إن ما يحصل من استمرار في القتل العشوائي والتهجير القسري وقتل المدنيين بالمجاعة المنظمة، يشكل، قبل أي شيء آخر، إدانة لموسكو وواشنطن الراعيتين للعملية السياسية، ويكشف عن عورات سياستهما وعدم جدية التزامهما، وتخليهما عن مسؤولياتهما وكذبهما على السوريين والمعارضة بشكل خاص، كما يؤكد محاباتهما لمليشيات الأسد وحمياته الإيرانيين".
وأضاف: "كما أنه يقوض بشكل أكبر صدقية دول مجموعة الدعم الذين أقنعوا المعارضة بالذهاب إلى جنيف وكفلوا جدية المفاوضات والتزامات موسكو وواشنطن، وبشروا بإمكانية التقدم في الحل السياسي ووضع حد لسياسة الحرب والقتل والدمار".
رائحة اليأس التي تفوح من هذا التوصيف للمشهد السوري، يبدو أنها تسللت إلى الجامعة العربية التي دعت أول أمس السبت إلى اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب، لبحث أربعة ملفات لم يكن من بينها الأزمة السورية.
وركز الاجتماع بشكل أساسي على مناقشة المبادرة الفرنسية لإحياء السلام بين الفلسطينيين والإسرائليين، والمفاوضات اليمنية في الكويت، وتقديم الدعم لحكومة الوفاق في ليبيا، والإعداد للقمة العربية المقبلة التي تنعقد في العاصمة الموريتانية نواكشوط خلال الفترة من 20 وحتى 26 يوليو المقبل.
فهل أصبحت القضية الفلسطينية هي البديل الجاهز "دوليا" للتغطية على الفشل في الملف السوري؟
إذا كان ذلك هو السياق الذي تكشف عنه الأحداث دوليا، فليس من المفترض أن نسير عليه نحن العرب وتغيب الأزمة السورية عن هذا الاجتماع المهم لوزراء الخارجية العرب.
aXA6IDMuMTQzLjIxOC4xMTUg جزيرة ام اند امز