مؤخرا ظهر كتاب جديد عن المغني الأمريكي الأشهر فرانك سيناترا "Senatra: The Chairman" يرصد الكثير مما يتعلق به، ليس فقط من الناحية الفنية
مؤخرًا ظهر كتاب جديد عن المغني الأمريكي الأشهر فرانك سيناترا "Senatra: The Chairman" يرصد الكثير مما يتعلق به، ليس فقط من الناحية الفنية والإبداعية المتميزة، لكنه يدخل أيضًا في منطقة طالما ثارت بشأنها الشائعات عن ارتباطه بعصابات المافيا والعنف، الكتاب يرصد الجانبين من خلال دراسة جادة ومثيرة، والأهم أنها متوازنة، تناولت عبقريته الموسيقية والغنائية، لكنها في الوقت نفسه وصفته كصوت رائع لشخص سيئ للغاية، حيث عرضت السلوك الرديء وربما الإجرامي له بشكل تفصيلي.
هذا الكتاب ليس فريدًا من نوعه، فأغلب الكتب أو الأفلام التي تناولت حياة المشاهير والنجوم في أمريكا تتحلي بقدر كبير من الدقة والجرأة سواء كانوا شخصيات سياسية أو فنية أو أدبية.
يجب أن نقارن ذلك بما نفعله مع كبار نجومنا عندما نحولهم إلي ملائكة لا ينقصها إلا أجنحة، يمكننا أن نتذكر هنا العديد من الأفلام والمسلسلات مثل مسلسل حليم أو مسلسل أم كلثوم أو أفلام ناصر والسادات، فمن عرفوا تلك الشخصيات عن قرب يذكرون الكثير من المشاكل النفسية والسلوكية لها دون أن يمس ذلك مالها من مميزات، لكننا لا نري شيئًا من ذلك في العمل الفني، فمثلا أم كلثوم، لا يمكن أن نقارن عيوبها بما رُصد عن سيناترا أو ألفيس بريسلي أو حتي مادونا، التي رأيت عنها فيلمًا مؤخرًا يرسم شخصيتها بصورة مسيئة للغاية، لكننا حتي في العيوب البسيطة نحاول أن نتلاشى الحديث عنها بحجة عدم الإساءة للرموز، وعندما يتم التلميح ولو من بعيد لهذه الأمور نفاجأ بقضايا تُرفع علي كل من شارك في العمل من ورثة هذه الشخصية، كما لو كانوا يمتلكون ذكراها، كما امتلكوا ما تركته من أرض أو عقار.
لكننا نجد أيضًا في مسلسل أم كلثوم تلك الطريقة الغريبة التي تم بها تناول شخصية مثل منيرة المهدية التي أصبحت (الحيطة المائلة) التي تم وصفها بكل ما لا يليق كوسيلة لإبراز صورة القداسة لبطلة المسلسل أم كلثوم.
العمل الوحيد الذي رأيت فيه التوازن بشكل جيد كان مسلسل "أسمهان" الذي اقترب من شخصيتها الحقيقية بأكبر قدر تسمح به طبيعة عمل تليفزيوني يشاهده الصغار والكبار، وهو ما أثرى الشخصية ورسم صورة إنسانية طبيعية لأسمهان تجعلك تقترب منها بل وتتعاطف معها، فالخطأ الذي يرتكبه البعض هو تصور أن الأخطاء والعيوب تسيئ للشخص، لكنها في الحقيقة تنزل به من العالم الوهمي الذي يريد لنا صانعو العمل الفني أن نعيش فيه، إلى عالمنا الواقعي بكل ما فيه، فالميزة الحقيقية لتلك الشخصيات ليست في مثاليتها، ولكن في صراعاتها مع النفس ومدى التغلب علي ما لديها من نقاط ضعف، وهي لابد كثيرة في أي إنسان طبيعي، وفي نهاية الأمر، فإن علينا إدراك أن هناك فارقًا فعليًّا بين الشخص وإنتاجه، فنحن لانزال نعيش مع أعمال عظيمة هي التي تبقي من شخصيات ربما لا تكون بنفس العظمة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة