أرجو أن تتنبه الحكومة وكل أجهزتها خصوصا الامنية إلى المعنى الخطير فى تأجيل إقامة بطولة العالم للإسكواش التى كان مقررا إقامتها
أرجو أن تتنبه الحكومة وكل أجهزتها خصوصًا الأمنية إلى المعنى الخطير في تأجيل إقامة بطولة العالم للإسكواش التي كان مقررًا إقامتها في الفترة من ١١ ــ ١٩ ديسمبر الحالي في مصر، التأجيل تم صباح الجمعة بعد لحظات قليلة من حادث الهجوم على ملهى ليلي في العجوزة، حيث اعتذرت المكسيك وأستراليا ونيوزيلاندا وكولومبيا وجنوب إفريقيا، وقبل هذا الحادث كانت كل من إنجلترا وأمريكا وألمانيا وفنلندا وفرنسا وكندا اعتذرت، وبالتالي لم يكن ممكنًا إقامة البطولة بعد اعتذار ١١ دولة، وهناك مخاوف أن يتم سحب تنظيم البطولة من مصر.
الهجوم على الملهى الليلى جنائي وليس إرهابيًّا ــ حتى الآن على الأقل ــ لكن الغريب أن غالبية وسائل الإعلام العالمية تعاملت معه في الساعات الأولى وكأنه إرهابي، وهكذا جاء الاعتذار عن عدم المشاركة في البطولة.
قبل الحادث قالت تقارير، ان إنجلترا قادت حملة لمنع إقامة البطولة في مصر، وقبل أن نلوم لندن على هذا الأمر -إذا ثبت صحته- علينا أن نتأكد أولًا من سد كل الثغرات الموجودة عندنا.
في حادث العجوزة تأكدنا أن غياب الأمن العام أو الأمن الجنائي لا يقل خطورة عن تزايد العمليات الإرهابية.
الشرطة تلعب دورًا كبيرًا في محاربة الإرهاب وتقدم بعض أرواح أبنائها ثمنًا في هذه المواجهة، لكن لديها مشكلة خطيرة في الأمن العام.
سيسأل البعض مستنكرًا: وهل وظيفة الشرطة الداخلية السهر على حماية الملاهي والكازينوهات، وحتى علب الليل؟!.
الإجابة هي أن وزارة الداخلية مسئولة عن حماية وأمن كل منشأة في مصر طالما أنها أعطت ترخيصًا هي أو غيرها بتأسيسها أو بعملها.
الخطورة الحقيقية في حادث «ملهى الصياد» الليلى ليس عدد الضحايا فقط، ولكن منطق الغابة الذى صار يحكم الكثير من علاقات المجتمع المصري بدلًا من القانون، وبغض النظر عن التفاصيل، فإن خلاصة ما حدث أن شخصًا أو مجموعة أشخاص قرروا أن يحرقوا مكانًا بكل من فيه، وهم يعتقدون أنهم سوف يفلتون من العقاب.
هنا هو الخطر القاتل الذى يهدد كل مصر، صارت هناك قطاعات واسعة تأخذ حقها بيديها؛ لأنها لا تؤمن بحكم القانون، أو يئست من تطبيقه.
القضية ليست حادث الملهى رغم ضخامة عدد الضحايا، لكن الآثار المترتبة عليه، حيث أن وسائل الإعلام العالمية وضعته في سياق فقدان الأمن والاستقرار في مصر، وهكذا جاءت سلسلة الاعتذارات المتتالية عن بطولة العالم للإسكواش، وإذا استمر هذا السياق -لا قدر الله- سنتفاجأ باعتذارات مماثلة في قطاعات أخرى اقتصادية وسياسية بعد الاعتذارات الرياضية والسياحية، والنتيجة أن الرهان على استقبال سياحة أو استثمارات أجنبية سيتضاءل كثيرًا للأسف.
هل يتآمر البعض علينا؟! ربما يكون الأمر صحيحًا وربما نتخيل أو نبالغ؟! لكن وبغض النظر عن الإجابة علينا التأكد -مرة أخرى- من أننا نؤدي دورنا وواجبنا ونسد كل الذرائع داخلنا قبل أن نلوم الآخرين.
الأمن العام يتراجع للأسف في مجالات كثيرة، مثل حوادث الاختطاف، التي تجرى تسويتها بدفع الفدية بعيدًا عن الشرطة، وأحيانا بعلمها والبلطجة تتزايد، وإذا أضفنا إلى كل ذلك، الحوادث الكارثية التي تورط فيها بعض ضباط وأمناء الشرطة أخيرًا ضد مواطنين من الأقصر إلى الإسماعيلية مرورًا بالقليوبية، فسوف تكتمل صورة بالغة السوء والقتامة.
المطلوب أن يصل للناس -وبسرعة شديدة- الإحساس بالأمن العام، والأهم أن تصل الرسالة بأسرع ما يمكن إلى اللصوص والبلطجية والفتوات أنهم سيدفعون ثمنًا فادحًا إذا خالفوا القانون، من دون حدوث ذلك، فإن ما حدث في العجوزة صباح الجمعة سيتكرر في أماكن كثيرة، وبصورة أكثر فجاجة.
السؤال: ماذا يمكن لوزارة الداخلية أن تفعل، وماذا يمكن للبرلمان الجديد أن يفعل، وهل بعض النواب الذين وصلوا بالرشاوى المتنوعة قادرون على مواجهة هذا النوع من البلطجية، وماذا يمكن لبقية أجهزة ومؤسسات الدولة أن تفعل؟!
على الجميع أن يدرك القاعدة الذهبية أنه في اللحظة التي يفقد الناس إحساسهم بالأمن، سيكفرون بالقانون، خصوصًا إذا كان يتم تطبيقه بالمزاج!
الأمر خطير.. حادث ارتكبه بعض البلطجية والسكارى، دفعت ثمنه مصر بأكملها من سمعتها، وربما تدفع أكثر في المستقبل لا قدر الله.
*ينشر هذا المقال بالتزامن في جريدة الشروق المصرية وبوابة العين الإلكترونية*
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة