«ما سمعناش حضرتك بتتكلم عن ما فعلته فرنسا وبلجيكا بعد حوادث الإرهاب !!». كانت تلك الجملة من أكثر ما تردد على حسابي على موقع «تويتر»
«ما سمعناش حضرتك بتتكلم عن ما فعلته فرنسا وبلجيكا بعد حوادث الإرهاب !!». كانت تلك الجملة من أكثر ما تردد على حسابى على موقع «تويتر» عقب الأحداث الإرهابية التي ضربت باريس في ١٣ نوفمبر الماضي، كان من الواضح أن «إعلام الدولة» قد بدأ حملة من أجل إقناع المصريين بأن مصر أحسن من «فرنسا وبلجيكا»!!. الإعلام الذى سبق ونسب كذبًا إلى ديفيد كاميرون أنه قال: «إن تعرض أمن بريطانيا للخطر فلا تحدثوني عن حقوق الإنسان» هو بذاته الذى انطلق يصور للناس أن حقوق الإنسان في فرنسا وبلجيكا قد انتهت؛ لأن الإرهاب أحرق أصابع الدولتين !!!. انتهينا من موضوع «الحمد لله إننا مش زي سوريا أو العراق» لندخل مرحلة «احمدوا ربنا إننا معملناش زي فرنسا وبلجيكا»!!.
لا يعلم الكثيرون أن بلجيكا لم تعلن حاله الطوارئ، الدستور هناك يمنع أي إجراء استثنائي!!. كل ما فعلوه هو إعلان حاله التأهب القصوى، قبضوا على ١٦ شخصًا؛ أفرجوا عنهم بعد ٢٤ ساعة عدا ٣ أشخاص وجهت لهم تهم تتعلق بالإرهاب أو المساعدة عليه، أعاق أحد الشباب الشرطة بسيارته عند مداهمتها وكرًا للإرهابيين فأطلقوا النار عليه وأصابوه في ذراعه، تبين أن الأمر مجرد حادث عارض، اعتذروا للمصاب وعوضوه وأطلقوا سراحه بعد يوم واحد.
فرنسا أعلنت حاله الطوارئ، ولكن تصرفات الدولة هناك قدمت صورة مختلفة عما نعرفه، قامت الشرطة بمداهمة وكر الإرهابيين في حي «سان دوني» في الساعة الرابعة فجرًا، بعد انتهاء العملية خرج المدعى العام ليعتذر عن طول مدة المداهمة والوقت الذى تمت فيه، قال، إن الخلية كانت مسلحة، وإن هذا هو الوقت الذى كان متاحًا للقبض عليها، من قُبض عليهم تم السماح لهم فورًا بلقاء محاموهم، ولم نسمع أن أحدهم توفى تحت التعذيب، في الأسبوع الماضي حاول البعض التظاهر ضد انعقاد قمة المناخ في فرنسا، لم توافق السلطات، سمحت للمتظاهرين بوضع أحذيتهم في ميدان الجمهورية كتعبير رمزي عن الاحتجاح فوضعوا ١٢ ألف زوج أحذية !!. تم القبض على ٣١٧ شخصًا أصروا على التظاهر، احتجزوهم لبضع ساعات ثم أطلقوا سراحهم عدا اثنين أحالوهم إلى المحاكمة.
هناك لا يوجد لديهم زوار في الفجر، فالمداهمات الليلية تتم بين الساعة السادسة إلى التاسعة مساء، هدف الشرطة هناك هو القبض على المتهمين لا قتلهم، لا يستخدمون في بيانتهم الرسمية تعبير «تصفية الإرهابيين »!!. هناك لا يمضى شخص ٧٠٠ يوم رهن الحبس الاحتياطي دون محاكمة، ولا يموت الناس في السجون دون علاج أو بسوء التغذية أو نتيجة التكدس، هناك لا يتم الحكم على متهم بالسجن ٣ سنوات بتهمة إهانة القضاء؛ لأنه قال للمحكمة «السلام عليكم» !!. هناك لا تصدر أحكام الإعدام بناء على «مذكرة تحريات». يا رب نبقى «زي فرنسا وبلجيكا» وعندها سأطالب شخصيًّا بإعلان حاله الطوارئ.
*ينشر هذا المقال بالتزامن في جريدة الشروق المصرية وبوابة العين الإلكترونية*
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة