دول مجلس التعاون ترتبط بأواصر قربى ونسب ودين، وهي جزء لا يتجزأ من منظومة دول وشعوب اتحدت فأصبحت جسداً واحداً لا ينفك بعضه عن بعض،
في خضم الأطماع التي تنهش عقول الطامعين في العالم بأسْره نجد أننا اليوم أحوج إلى التلاحم أكثر من أي وقتٍ مضى، وبحاجة إلى الترابط والتعاضد، حتى يعود العقل لمن وسوست له نفسه انتهاك حرماتنا، فيراجع حساباته، ويعلم أن البحرين ليست لوحدها وليس لها عضدٌ ترتكي وتستند إليه فهي جزءٌ لا يتجزأ من السعودية والإمارات والكويت وعمان وقطر، وأن أي مساس في سيادتها ومقدراتها هو مساس بجميع دول الخليج، وعلى من أراد بها سوءاً أن يواجه ست دول بعدتها وعتادها وشعوبها، ناهيك عن حلفائها، ولنا في عاصفة الخليج وعاصفة الحزم شهداء وشهودٌ وشواهد .
فحين يتعرض أمن البحرين للزعزعة من قبل الإرهابيين، فإن ناقوس الخطر يدق أبواب الخليج عامة، وعلينا أن نعي أن البحرين ما هي إلا ثغرة يحاول أولئك التوسع من خلالها بإمبراطورية الحلم فيجعلوا منها المحافظة الرابعة عشرة لإمبراطورية فارس، ويزعزعوا من خلالها أمن بلاد الحرمين الشريفين، علّها تسقط ويسقط من بعدها باقي دول الخليج وما بقي من بلاد العروبة، ولكن هيهات هيهات فللخليج رجالٌ صدقوا ما عهدوا ﷲ عليه، مستعدين دائماً إلى التضحية في سبيل ﷲ وفي سبيل أشقائهم وأبناء عمومتهم، فنحن قومٌ نعشق الموت في سبيل الكرامة والعقيدة، وفي سبيل الحفاظ على الأرض والعرض .
الخليج بيتٌ واحد ومهما حصل من خلاف بين أبناء هذا البيت، فإنها تبقى خلافات بسيطة لا تعدو أن تكون سوى سحابة صيف، لا تلبث حتى تزول، وسيبقى الحب والترابط والتضحية لأجل بعضنا بعض ديدنٌ لا انفصام عنه، وعلينا أن نثبت لكل من تسول له نفسه أننا مهما اختلفنا فإن قلوبنا على قلب رجلٍ واحد .
رسالة يدوي صداها في هذه الأيام، إلى كل من هدد في وسائل إعلامه وعبر قادته العسكريين وغيرهم، بأننا لسنا شعوب الرفاهية والتطور والتحضر فقط، بل نحن شعوب لنا تاريخٌ مجيد في حب الأرض والدفاع عنها وعن العرض ولا نقبل الضيم، وإن دارت رحى الحرب ننسى العز والرفاهية ونأكل اللحم نيئا .
ومخطئ من يعتقد أن خليجنا لقمة سائغة، سيمضغها بفمه كيفما شاء، وهذا الخطأ يصادفه إدراك ويقين من جانب كل متربص وطامع، والذي يعلم تماماً أن البحرين ترتبط بباقي دول مجلس التعاون بأواصر قربى ونسب ودين، وأنها جزء لا يتجزأ من منظومة دول وشعوب اتحدت فأصبحت جسداً واحداً لا ينفك بعضه عن بعض، وأننا لن نسمح له أن يستخدم سلاح المذهبية والطائفية في شق الصف وكسر اللحمة الخليجية للتفرقة بيننا، فنحن بغض النظر عن هذا وذاك ولاؤنا لأوطاننا وقادتنا .
فعلينا أن نذكر أنفسنا بأهمية الترابط بين دول الخليج وضرورة أن تستمر اللحمة التي بناها آباؤنا الأولون -رحمة الله عليهم- وتتعزز في مواجهة الأطماع، وأن نعلم أبناءنا، أن خليجنا واحد وما من شوكة يشاك بها بلدٌ خليجي إلا ويشعر بها باقي الخليج، فاللحمة تبدأ بنا، وبعقيدتنا الراسخة التي بها تترسخ عقيدة أهالينا وأبنائنا ومن حولنا، حتى تستمر أوطاننا في البناء والتطوير والحفاظ على المنجزات والمقدرات والممتلكات، فمنذ نشأة مجلس التعاون الخليج ونحن نعيش كمواطنين في وطنٍ واحد، ولا تعني لنا الحدود شيئاً سوى منافذُ للترحيب بنا كلما مررنا قاصدين بلداً خليجيا.
والحقيقة أننا كأجيال نشأنا وترعرعنا على حب الخليج، أصبحنا ندرك بأن التلاحم مسألة ضرورية لا مناص من الحفاظ عليها، فنحن كالعقد إن فرطت منه حبة .. فرط العقد كُله .
أما عن الموت .. فهو قادم لا محالة
فإما حياة كريمة .. أو موتٌ بشرف !
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة