ألمانيا "عاجزة" عن تقديم وصفة جاهزة لهزيمة الإرهاب
الأحزاب السياسية مرتبكة في تقديم إجابات في برامجها الانتخابية لتوفير الأمن وسط زيادة الهجمات الإرهابية رغم تقليص الحريات
تسود الحيرة في أجواء الانتخابات الألمانية المقررة سبتمبر/أيلول المقبل، وسط غياب برنامج شافٍ في الأحزاب المتنافسة يخص حماية ألمانيا من التهديدات الإرهابية.
فوفقا لما نشرته وسائل إعلام ألمانية، من بينها إذاعة دويتش فيله، الخميس، فإنه ليس هناك من موضوع يشغل الألمان في عام الانتخابات البرلمانية مثل موضوع الأمن الداخلي.
لكن من الصعب على السياسيين في الأحزاب الألمانية تقديم وصفة جاهزة لمواجهة الإرهاب، بحسب الإذاعة.
"ومن يريد أن يحقق مكاسب في الحملة الانتخابية الألمانية يجب عليه أن يقدم تصورات ملموسة ضد الإرهاب. لكن هذا أمر صعب".
والآن يعلو هذا السؤال: "هل يجب على الألمان التخلي عن جزء من الحرية من أجل أمن أكبر؟".
وجاء هذا السؤال عقب تكرار الهجمات الإرهابية التي ضربت أوروبا منذ 2011، وتصاعدت بشكل خاص بعد 2015، واستتبعها فرض إجراءات أمنية مشددة في عدة دول أوروبية، من بينها زيادة الرقابة على الهواتف والإنترنت وعمليات الاعتقال وتشديد العقوبات وتقليل دخول الأجانب واللاجئين وفرض الطوارئ ونشر قوات الجيش في الشوارع.
بعض السياسيين حذروا من أن التقليص المبالغ فيه لمساحة الحريات لا يأتي في النهاية بشيء.
واستشهدوا على ذلك بأنه بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 في الولايات المتحدة الأمريكية تم تشديد إجراءات الأمن، ولكن عادت العمليات الإرهابية في سنوات تالية إلى أمريكا؛ ما يعني أنه "ليس هناك من حماية مطلقة".
وفي هذا قال كونستانتين فون نوتس، خبير الشؤون الداخلية في حزب الخضر الألماني: "نقلص من قانونية الدولة والحرية والإطار الشخصي ولا نحصل في المقابل على أمن أكبر".
وأضاف "في بريطانيا تم توسيع المراقبة بالكاميرات في الأماكن العامة. لكن المراقبة بالكاميرا لا تحول دون حدوث اعتداءات انتحارية".
بوركهارد ليشكا، خبير الشؤون الداخلية من الحزب الاشتراكي الديمقراطي قال إن: "التوازن بين الأمن وحقوق الحرية ليس متحجرا، بل يجب تحديده باستمرار حسب الظروف المتغيرة".
أما أرمين شوستر، خبير الشؤون الداخلية من الحزب المسيحي الديمقراطي، فيرى أن "درجة المخاطر ارتفعت بقوة" لأن تنظيم داعش بات "في موقف دفاعي"، ويسعى للحصول على أية مكاسب.
ولهذا يبدو أن الساسة من مختلف الأحزاب بات يميل ناحية دعم الجهود الأمنية بشكل أكبر عبر تحسين الإمكانيات البشرية والتقنية لسلطات الأمن.
فالحزب الاشتراكي الديمقراطي يطالب في برنامجه للانتخابات البرلمانية بإضافة 15 ألف شخص للشرطة.
كما طالب ليشكا "نحتاج إلى مركز لمكافحة الإرهاب على المستوى الأوروبي، لأن الإرهابيين لا يدركون حدودهم".
وطالب سياسيون آخرون بالتفكير في بلورة مشاريع أمنية جديدة ضد الإرهاب عوضًا عن التركيز على قضايا ثانوية مثل حظر البرقع أو الحراسة الإلكترونية للمجرمين.
وكان من الغريب أن العديد من الإرهابيين الذين نفذوا في السنوات الماضية اعتداءات في أوروبا كانوا معروفين لدى سلطات الأمن.
ولهذا يطالب السياسيون سلطات الأمن الألمانية بتقوية معرفتها بالأوساط السلفية وما يحصل فيها، حيث إن السلطات في حاجة إلى تعاون مع المسلمين الذين يمكنهم تقديم معلومات.
وتتعقد مسألة مكافحة الإرهاب في أوروبا لأنها غير مرتبطة بجهة محددة، فالمتهمون بارتكاب أعمال إرهابية منهم لاجئون وافدون على أوروبا من ثقافات أجنبية، وبعضهم الآخر مولود في أوروبا وتربى على ثقافتها.
ولكن الحزب الاجتماعي المسيحي يركز أكثر على اللاجئين الوافدين من الخارج؛ باعتبار أن المعلومات حولهم أقل، ويؤثرون على من بداخل ألمانيا.
وفي ذلك طالب بالتركيز بشكل خاص على الأشخاص الذين دخلوا ألمانيا في عامي 2015 و2016 اللذين شهدا تدفقا من اللاجئين، وحوادث إرهابية على يد أشخاص منهم، مثل التونسي أنيس عامري المتهم بتنفيذ هجوم برلين والسوري الذي حاول الدخول بمتفجرات في حقيبة الظهر إلى باحة مهرجان للموسيقى في بلدة أنسباخ.
وكان مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية، دان كوتس، قال أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، الثلاثاء الماضي، إن القضاء على تنظيم داعش في سوريا سيكون له تأثير جيد، ولكنه "لن يضع حدا لمخاطر وقوع هجمات أخرى في الغرب".