لكن، على رغم حملات التشكيك والنقد لخطاب ترامب الكريه، فانه استطاع الهيمنة على وسائل الإعلام الأميركية، والغربية في شكل عام،
شككوا بوصول المرشح الجمهوري دونالد ترامب للبيت الأبيض، وقال عنه المرشح الجمهوري للرئاسة، ليندسي غراهام، «ليست لديه حتى فرصة صمود كرة ثلج في الجحيم ليكون رئيساً للولايات المتحدة»، وأضاف عبارة في غاية الأهمية حيث قال، «إنه لا يفهم ما الذي يجعل أميركا عظيمة». ليندسي ليس الوحيد الذي استبعد فوزه في السباق الرئاسي، بل أن بعضهم وصف وصول هذا الرجل المتعصب على انه ضرب من الخيال. ولعل أفضل من علق على ترشحه الفيلسوف الفرنسي بيرنار هنري ليفي الذي قال في حديث لــ «سي أن أن»، أن «فكرة رؤية هذا الرجل الذي يبدو وكأنه ثمل في كل مرة يظهر فيها على شاشة التلفاز، أو يدلي بكلمة، هي فكرة مشينة ومقرفة، والأهم من ذلك هو أنني إذا كنت جهادياً أو مستشاراً للسيد بوتين أو إيرانياً سأصلي في كل يوم لفوز ترامب بالترشح عن الجمهوريين وأيضاً ليفوز في الانتخابات».
لكن، على رغم حملات التشكيك والنقد لخطاب ترامب الكريه، فانه استطاع الهيمنة على وسائل الإعلام الأميركية، والغربية في شكل عام، وهو حظي بتأييد ناخبين من خارج الحزب الجمهوري، ونجح، إلى حد بعيد، في نشر خطاب الكراهية الذي يردده خلال حملته، وساهم في تجديد الصورة القاتمة عن الإسلام والمسلمين في أميركا وخارجها، فضلاً عن انه جعل من مضمون خطابه العنصري قضية للنقاش في وسائل الإعلام الأميركية، وعلى نحو غير معهود. والأهم من ذلك كله، أن إمعانه في خطاب الكراهية، على الرغم من تأثيره السلبي على حملته، يشير إلى أن ترامب لا يحلم بأكثر من تشويه صورة المسلمين، وهو حقق هدفه، وربما هدف غيره، من هذه الحملة التي عاودت إنتاج بذرة الكراهية ضد المسلمين.
لا جدال في أن ترشح البليونير الأميركي دونالد ترامب صار حديث الناس في أميركا وخارجها، وكأن ترشحه جاء لتسويغ الحرب التي تشنها دول التحالف الغربي - الروسي - الإيراني على الشعب السوري، تحت شعار محاربة الإرهاب، على رغم أن هدف هذه الحرب الملتبسة هو حماية النظام، وصنع نهاية محددة للثورة السورية. دعوة ترامب إلى حظر المسلمين من دخول أميركا سيطرت على وسائل الإعلام الدولية، وصرفت أنظار كل شعوب الأرض عن جرائم «داعش» ومن يحاربونه من الجو. واستبدل العالم قتل السوريين بالطائرات والقنابل الحارقة بشتيمة ترامب وعنصريته، فضلاً عن أن دونالد ترامب، ومارين لوبن في فرنسا، أيقظا خطاب اليمين المتطرف في نفوس الغربيين وجعلا دولاً غربية وكأنها تنقلب على قيمها وتستعيد أزمنة تجاوزتها شعوبها منذ عقود، وربما تفضي هذه الأجواء التي خلقها خطاب الكراهية إلى لجوء الدول الغربية إلى سن قوانين وإجراءات أمنية، تنتج منها ثقافة سياسية يصعب الفكاك منها قريباً. ترامب نجح في تكريس حال الكراهية، التي اعتقد بعضنا أنها توارت خلال السنوات الماضية.
*ينشر هذا المقال بالتزامن في جريدة الحياة وبوابة العين الالكترونية*
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة