في ذكرى رحيلهم نستعيد معاني شهادتهم ونسترجع دلائل التحاقهم بقافلة الإباء والكبرياء، قافلة العزة التي انطلقت بقرار حكيم وشجاع
شهداؤنا نبتُ الفخر وغرسُ الكبرياء في أرضنا وذاكرتنا ومستقبل أبنائنا من بعدنا، فهم الشمس التي أشرقت حمراء ناصعة الانتماء إلى الوطن والأرض حين نادى المنادي نداء الحق ونصرة الأشقاء في اليمن الجريح.
وفي ذكرى رحيلهم نستعيد معاني شهادتهم ونسترجع دلائل التحاقهم بقافلة الإباء والكبرياء، قافلة العزة التي انطلقت بقرار حكيم وشجاع من قيادتنا الرشيدة، إلى اليمن الشقيق لتحمي أرضه وشعبه ممّن آثر العمالة للخارج والتعامل مع عدو الأرض والإنسان.
هذا القرار الذي لبّى وصيةً للمغفور له بإذن الله الشيخ زايد رحمه الله، وهو الذي أوصانا بحب بلاد العرب وحبّ اليمن وأهلها، هذه الوصية التي حملها أبناء زايد أمانةً في أعناقهم فكان موقف دولة الإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، إلى جانب الشعب اليمني حتى يتمكن من تجاوز التحديات الأمنية والاقتصادية ويحقق التطلعات الوطنية في إعادة بناء ما دمره المتمردون على الشرعية، وكان وقوف الإمارات مع كافة خطى قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة في سعيها لعودة الأمن والشرعية لليمن ودحر الكيانات المتمردة والانقلابية التي تسبب الدمار والخراب وتهدد أمن واستقرار المنطقة والعمل على فتح آفاق التسوية السلمية للوصول الى حل سياسي شامل يضع حداً لمعاناة الشعب اليمني.
وكان القرار الإماراتي قبل ما يزيد على العام بقليل، عظيماً بمقدار جسامة حدث الانقلاب على الشرعية والاعتداء على الجنوب العربي بكلّ ما خزّنته ترسانة صالح والحوثيين من أسلحة وعتاد فتاك، أفلا يكون هذا القرار حين نرى أطفال اليوم يذبحون ورجاله يقتّلون ونساءه تُنتهك حرماتهنّ؟، ولا يكون هذا القرار إلا متبوعاً بقرار أكثر جرأة في الحق نطقه سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في قوله: "ثارنا ما يبات"، رداً واضحاً وصريحاً على كلّ من راهن ويراهن على تراخي التحالف العربي وتراجع عزمه وحزمه وهو التحالف الذي كان نبراسه وشعاره الأول "الحزم" قبل الأمل، وكيف يكون أمل يتحقق إن لم نحمه بالحزم ونسنده بالعزم؟.
ومن معاني الشهادة لقافلة شهداء الإمارات من جنودنا البواسل في اليمن أمران يعلمهما كلّ إنسان حرٍّ شريف: الأول هو تلبية نداء الحق في وجه الشر والعدوان، فلو تحقق لكل طامعٍ بالحكم ومغتصب للسلطة أن ينجو بفعلته فينقض الإجماع الوطني، وأن يرسخ حكمه البلاد والعباد لعمّ نموذج الانقلاب الحوثي والعفّاشي بلادنا وصار نموذجاً يحتذى، والثاني تلبية نداء الوطن عبر ترجمة الخيارات الاستراتيجية للدولة في الالتحاق بصفوف التحالف العربي دفاعاً عن وحدة اليمن وعروبته في وجه مخاطر تغريبه وإلحاقه بمحاور الشر والتوسع الصفوي في جنوبنا العربي كما في شمالنا في الشام والعراق ولبنان، هذه المخاطر التي لو تم لها أن تتحقق على أرض اليمن فسنكون في مواجهتها في العاجل القريب.
فشهداؤنا الأحياء عند ربّهم يرزقون في جناتِ النعيم، أدركوا هذين المعنيين العظيمين للشهادة، وشهداء الإمارات الأبرار اختاروا دار البقاء على دار الفناء، وعرفوا معنى الشهادة في سبيل الله والوطن، وحمّلونا بعدهم الأمانة الكبيرة في الوفاء لهم، والبقاء على عهدهم في التضحية بالغالي والنفيس في سبيل عزة بلادنا والذور عنها ضد كلّ معتدٍ آثم.
اللهم ارحم شهداءنا واحفظ بلادنا الإمارات قيادةً وشعباً، والمجد للشهداء.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة