لم تكن تلك المرة الأولى التي يطلق فيها دوتيرتي نعوتاً بذيئة وسط أجواء من الحماس، ثم يعود للاعتذار عنها لاحقاً
جذب الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي انتباه الصحافة العالمية منتصف الأسبوع الماضي، عندما هاجم رئيس أقوى دولة في العالم، وشتمه بألفاظ نابية، قبل أن يتراجع بسرعة، ما أثار قدراً متساوياً من الدهشة من غرابة السلوك غير المألوف في السياسة الدولية، وعلاقات الزعماء ورؤساء الدول.
لم تكن تلك المرة الأولى التي يطلق فيها دوتيرتي نعوتاً بذيئة وسط أجواء من الحماس، ثم يعود للاعتذار عنها لاحقاً، فقد سبق أن وجه شتائم مماثلة لبابا الفاتيكان، وللسفير الأمريكي في مانيلا، كما وجه إساءات بالغة لخصومه السياسيين في الداخل ووصفهم بالكلاب المتملقة.
لكن حادثة الإساءة لرئيس الولايات المتحدة وقعت في الصين. وفي خضم الصراع الأمريكي الصيني المحتدم لفرض السيطرة والنفوذ في البحر الجنوبي، ومنطقة جنوب شرق آسيا، وموقع الفلبين الاستراتيجي في هذا الصراع، وهي بالتالي تكتسب رمزية تفوق حد التجاوز اللفظي الذي يمكن الاعتذار عنه وطي صفحته بسهولة.
الرئيس أوباما قال بعدما بلغته التصريحات إن «دوتيرتي شخص مثير للاهتمام»، وهو رد متعقل وهادئ، ويكشف أيضاً أن القضية لم تعد مسألة شخصية تتعلق بشخص الرئيس وسمعته، لكنها تتصل بشكل وثيق بصورة الدولة العظمى، ومصالحها الاستراتيجية في المنطقة والعالم. وهي قضايا لا تقبل واشنطن رؤيتها تهتز، أو تقع تحت التهديد، ولا تساوم في الدفاع عنها وحمايتها.
الرئيس دوتيرتي كسب رهان الانتخابات في الفلبين بوعود محاربة الجريمة والقضاء على تجارة المخدرات، لكن حملته في هذا المجال لا تزال متعثرة رغم تراكم الجثث.
وقال محققون صحفيون إنه يخوض حربه ضد الجريمة بأسلوب رجل العصابات، وليس سلطة الدولة والقانون. فهو يدعم علنًا المجموعات المسلحة التي تجري عمليات إعدام خارج نطاق القضاء والقانون.
وكان أثار غضباً عالمياً، عندما أيّد قتل الصحفيين إذا كانوا فاسدين أو مفرطين في الانتقاد.
وذكر تقرير لمنظمة «هيومان راتيس ووتش» في عام 2015 أن «الطابع المتبجح والعنيف لدوتيرتي في سياسة الإفلات من العقاب يجب أن تكون طريقاً إلى المحاكمة، لا منبراً للمكسب السياسي».
وتعقد أجهزة الإعلام المحلية والدولية مقارنات بينه وبين مرشح الرئاسة الأمريكية دونالد ترامب، بسبب الطابع الاستعراضي المتطرف لتصريحاتهما، كما تتجه صحف أخرى إلى مقارنته بالزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، رغم أن الأخير لم يلجأ أبداً إلى البذاءة العلنية في تصريحاته. وقبل فوزه بالرئاسة حذر رئيس البلاد السابق بينينيو أكينو، الناخبين من مغبة التصويت ل «ديكتاتور في طور التشكيل»، مشبهاً إياه بالزعيم النازي أدولف هتلر.
*نقلا عن جريدة "الخليج"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة