«5+5» ترمم المشهد «المبعثر» في ليبيا.. اجتماع مهم وأسئلة صعبة
رغم أزمة المصرف المركزي الليبي والتحشيدات المسلحة في الجنوب الليبي، وما أسفرت عنه تلك المحطات من مخاوف عودة البلد الأفريقي لنقطة الصفر، لم تغلق قنوات الاتصال بين شرقي البلاد وغربها.
فبعد توقف 9 أشهر عقدت اللجنة العسكرية الليبية المشتركة «5+5»، يومي السبت والأحد، اجتماعات في مقرها الدائم بمدينة سرت، بوسط البلاد، في إطار جهود حماية اتفاق وقف إطلاق النار، المهدد مع تفجر أزمة مصرف ليبيا المركزي.
اجتماعات حضر اليوم الثاني منها القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ستيفاني خوري، التي وصفت الاجتماع بـ«الإيجابي والمهم جدا»، وفق تصريحها لوكالة الأنباء الليبية «وال».
اللجنة تتشكل من 5 عسكريين يمثلون المنطقة الغربية، و5 يمثلون المنطقة الشرقية (القيادة العامة للجيش)، والمهام المكلفة بها هي إعادة توحيد المؤسسة العسكرية، وحماية اتفاق وقف إطلاق النار، وإخراج المرتزقة الأجانب من البلاد.
وتحدثت المسؤولة الأممية عن دعم المجتمع الدولي لجهود اللجنة في تعزيز وقف إطلاق النار وتحقيق الاستقرار في ليبيا، معتبرة أن الاجتماع «يمثل الروح الليبية، ويمثل تجمع الليبيين مع بعضهم بعضا».
خوري أضافت أن «بناء الدولة الليبية، وتحقيق الاستقرار والسلام، وبناء مؤسسات الدولة وكل العملية السياسية والخطوات العملية للسلام، كل ذلك يحتاج أن يكون الليبيون مع بعضهم بعضا».
واجتماع سرت هو العاشر للجنة «5+5» منذ اتفاق وقف إطلاق النار، الموقع في أكتوبر/تشرين الأول 2020، وكان آخر اجتماعاتها في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 في تونس تحت رعاية المبعوث الأممي السابق عبدالله باتيلي.
فهل يقود الاجتماع لتوحيد الجيش الليبي؟
استبعدت عضو لجنة الحوار السياسي الليبي، المندوبة السابقة لليبيا لدى منظمة الأمم المتحدة في جنيف، الدكتورة سلوى الدغيلي، أن يقدم الاجتماع أي جديد في ملف توحيد المؤسسة العسكرية.
وأوضحت عضو لجنة الحوار السياسي الليبي، في حديث لـ«العين الإخبارية»، أنه لا يتوقع أي جديد من ذلك الاجتماع، فمن يمثلون المنطقة الغربية من مجموعة الخمس لا سيادة لهم على القرار، ولا يمثلون واجهة سياسية لفئة محددة»، مضيفة: لم تتشكل إرادة في المنطقة الغربية لإصدار قرار واحد يخص المليشيات المسلحة (المنتشرة في غرب البلاد)، لتكون هذه المجموعة معبرة عنه.
إلا أنها قالت إن مجموعة الخمس للمنطقة الغربية يمكن أن تكون واجهة تمثل المنطقة، في حال إنهاء هيمنة المليشيات عليها وعلى العاصمة طرابلس.
أسئلة صعبة
وعلى الرغم من أن المحلل السياسي الليبي عيسى عبدالقيوم اعتبر اجتماعات هذه اللجنة مهمة، كونها نجحت في نقل مقر مداولاتها الدائم إلى داخل ليبيا، بعكس المسار السياسي، وكذلك لكونها تجلس في مواجهة بعضها بشكل مباشر، ودون الحاجة لوسيط، وكذلك لكون شعاراتها ومستهدفاتها تقع ضمن الخطاب الوطني، إلا أن قدرتها على إحداث تغيير يتوقف على استطاعة المجموعة الممثلة لغرب ليبيا على فرض أي قرار قد تتخذه اللجنة.
وأوضح المحلل السياسي الليبي، في حديث لـ«العين الإخبارية»، أنه في حال جرى الاتفاق على قرارات تمس جمع السلاح مثلا، فهل ستتمكن نواة الجيش في غرب ليبيا من تطبيقه أم سيصطدم بجدار المليشيات القوي الذي يعطل توحيد الجيش، وبالتالي يعطل نجاح العملية السياسية؟!
وحول الفرق بين المجموعة الممثلة لشرق ليبيا وتلك الممثلة للغرب في اللجنة، قال عبدالقيوم: من خلال المشاهدة يمكن لأي مراقب أن يلاحظ أن نواة الجيش الصلبة تشكّلت في شرق ليبيا تحت القيادة العامة، وامتد نفوذها ومسرح عملياتها من أقصى الشرق إلى جزء من منطقة الوسط (سرت/الجفرة)، إلى الجنوب بأكمله.
ويتابع: «بينما سنلاحظ تعثر نواة الجيش في غرب ليبيا (طرابلس وما حولها) نتيجة سيطرة مليشيات مسلحة أصبحت تمتلك السلاح والمال، ما مكنها من التدخل في القرار السياسي».
وتساءل: أين المجتمع الدولي؟ ولماذا لا نراه يتدخل في هذه المرحلة التي تكاد تشرف فيها الدولة الرسمية على الانهيار، بسبب سلاح منفلت أيضا؟
توقيت حرج
عقدت اجتماعات «5+5»، في ظل أزمة جديدة تهدد جهود توحيد مؤسسات الدولة، إذ أقدمت قوة عسكرية بصحبة لجنة مشكلة من المجلس الرئاسي على اقتحام مصرف ليبيا المركزي لتسليمه لمجلس إدارته الجديد المعين من «الرئاسي».
وتقدم محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق عمر الكبير، الذي أقاله «الرئاسي»، الأحد، ببلاغ عاجل إلى النائب العام ضد اقتحام مقر المصرف، محملا المجلس الرئاسي المسؤولية بالكامل.
أزمة المصرف المركزي بدت بإصدار المجلس الرئاسي قرارا في 18 أغسطس/آب الجاري، يهدف إلى تغيير المحافظ الصديق الكبير واستبداله بمحمد الشكري، إلا أن اعتذار الأخير عن عدم تولي المنصب «حقنا للدماء».
ورغم ذلك، حشدت جماعات مسلحة مختلفة المصالح أرتالا ضخمة وجهتها نحو طرابلس، في وضع أثار مخاوف من نشوب اشتباكات تهدد اتفاق وقف إطلاق النار.
aXA6IDMuMTM1LjE5My4xOTMg جزيرة ام اند امز