أقول.. وسط هذه الأجواء الاحتفالية أعتقد أنه من المنطقى والأخلاقى أن نذكر بالرمز الأول للثورة ،الدكتور محمد البرادعى
وسط الاحتفالات الرسمية والشعبية بثورة 25 يناير، وفى مقدمتها الكلمة التى ألقاها الرئيس السيسى، والتى وصفها بحق بأنها الثورة "التى ضحى خلالها شباب من خيرة أبناء الوطن بأرواحهم من أجل دفع دماء جديدة فى شرايين مصر تعيد إحياء قيم نبيلة افتقدناها لسنوات، وتؤسس لمصر الجديدة "، أقول.. وسط هذه الأجواء الاحتفالية أعتقد أنه من المنطقى والأخلاقى أن نذكر بالرمز الأول للثورة ،الدكتور محمد البرادعى، الذى أطلق صيحة احتجاج قوية ومبكرة فى البيان الذى أصدره من فيينا يوم 3 ديسمبر عام 2009 أى قبل اندلاع الثورة بأربعة عشرشهرا تقريبا. لقد كان بإمكان البرادعى الحائز على جائزة نوبل، وعلى أعلى الأوسمة فى الدولة المصرية، أن يظل بعيدا، صامتا ومستريحا، و لكنه لم يفعل ذلك أبدا، وأعلن – وسط أجواء التمديد لمبارك أو التوريث لابنه- إمكان ترشحه للرئاسة، ولكن الأهم من ذلك أنه حدد الشروط الواجبة لأى انتخابات رئاسية أو تشريعية، وهى: أن تجرى على غرار المعمول به فى سائر الدول الديمقراطية، من وجود لجنة قومية مستقلة للانتخابات، والاشراف القضائى الكامل عليها، ووجود مراقبين دوليين من الامم المتحدة، و تنقية الجداول الانتخابية، وإتاحة مساحات متكافئة فى الاعلام للمرشحين، كما طالب بضرورة وجود إجماع وطنى على قيم بناء الدولة المدنية العصرية التى تقوم على الحداثة والاعتدال والحكم الرشيد، ووضع دستور جديد يكفل الحريات، ويقوم على أن الدين لله والوطن للجميع...ولم يكن غريبا أن وجد البرادعى لدى وصوله إلى مصر فى أول فبراير 2010 استقبالا شعبيا حافلا، خاصة من الشباب الذين تحلقوا حوله ليكونوا أكثر من حملة شعبية لدعم البرادعى ومطالب التغيير. وكان استقباله فى منزله بعض القيادات و الشخصيات السياسية والفكرية هو المناسبة التى تشكلت فيها "الجمعية الوطنية للتغيير" برئاسته، والتى لعبت دورا رئيسا فى التعبئة و الحشد لاسقاط نظام مبارك! ومرة ثانية، وعندما تدهورت الأوضاع فى ظل حكم الاخوان المسلمين كان محمد البرادعى فى الصف الأول من المظاهرات فى 30 يونيو لاسقاطهم ، ليكون حاضرا فى المشهد الشهيرحول السيسى يوم 3 يوليو وانهاء حكم الاخوان. فإذا كان للبرادعى تقييمه الخاص لطريقة فض اعتصام رابعة، فإن هذا لا يقلل أبدا من مكانته المركزية، ومن دوره الأساسى، المستحق للذكر والعرفان فى الثورة المصرية، ثورة 25 يناير!
*ينشر هذا المقال بالتزامن بجريدة الأهرام وبوابة الالكترونية*
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة