هكذا سنعيش في مجتمع صافٍ تماما.. لا معارضين.. لا مجرمين.. لا "خبر لا تشفّية لا حامض حلو لا شربات".
"صدق أو لا تصدق".. هذه العبارة استهلكتها وسائل الإعلام كثيرا لتكون عنوانا للأعاجيب والغرائب المنشورة تحتها أو بعدها، وهي عبارة تافهة ومجوّفة، ليس لها أي معنى جوهري، لكنني هنا مضطر إلى استخدامها، لا بل أشعر أنها هي العبارة الأفضل للاستهلال بالحديث عن هذه الكاميرا الصينية الجديدة.
ابتكر الصينيون كاميرا يمكن تثبيتها في الشوارع لترصد الناس وتحدد المجرمين واللصوص قبل القيام بجرائمهم، ذلك اعتمادا على نسبة الأوكسجين في الوجه، حيث يكون هؤلاء أكثر انفعالا في الداخل، والتصوير الطيفي بواسطة هذه الكاميرا العجيبة يكشفهم.
ويعتمد الفريق العلمي الصيني التابع لجامعة جنوب غرب الصين في مدينة تشونجتشينج، على فكرة معاناة المجرمين من مستويات ضغط ذهني شديد، بالرغم من أن مظهرهم الخارجي يشبه كثيرًا الأشخاص العاديين، بحسب البروفيسور تشين تونغ، المسؤول الأول في الفريق الذي قال: "كلما زاد الضغط الذهني، ارتفع مستوى الأوكسجين في الدم، وهنا يمكن للتقنية التي طورناها أن تكتشف هؤلاء الأشخاص، وبالتعاون مع السلطات يمكن منع الكثير من المآسي".
كما يمكن تحميل برنامج هذه الكاميرا على الهواتف النقالة، حيث ترسل صورة من تعتقد أنه سيرتكب جريمة ما، إلى دائرة مركزية، وهناك يتعاملون معها وإذا كان ينوي القيام بما يخالف القانون يتم اعتقاله.
يا خوفي أن تصل هذا الكاميرا للعالم العربي، حيث سيتم اعتقال وتصفية المعارضين تحت حجة أنهم سوف يقومون بأعمال اجرامية، كما سيتوسع الأمر لاعتقال معارضي معالي الوزير، ثم الأمين العام والمدير العام ومدراء الدوائر والفروع، وقد تصل الى معارض فراش الدائرة.
هكذا سنعيش في مجتمع صافٍ تماما.. لا معارضين.. لا مجرمين.. لا "خبر لا تشفّية لا حامض حلو لا شربات".
هكذا نصبح مجتمعا راكدا تماما... مثل مستنقع مهجور.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة