انطلقت بعض الاصوات ترفض دعوة الرئيس للحوار مع شباب الألتراس وسماع شكواهم أو اعتراضاتهم أو حتى رفضهم لبعض الأشياء
انطلقت بعض الاصوات ترفض دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى للحوار مع شباب الألتراس وسماع شكواهم أو اعتراضاتهم أو حتى رفضهم لبعض الأشياء .. من حيث المبدأ لا يليق ان يمنع احد رئيس الدولة من ان يتحاور كما يشاء لأن هذا حق كل مواطن وليس فقط المسئول الأول فى الدولة .. على جانب آخر فإن هؤلاء الشباب فصيل من شباب مصر ومن واجبنا ان نسمع منهم ولا نلقى بهم فى السجون .. وعلى من يرفضون الحوار ويتصورون ان الصراخ والصوت العالى والبذاءات هى الحل عليهم ان يراجعوا أنفسهم لأن هذه الأساليب وصلت بنا إلى أسوأ مراحل الفرقة والانقسامات والكراهية التى وصلت إلى أبناء الأسرة الواحدة .. هذه الأصوات التى رفضت دعوة الرئيس هى نفس الأصوات التى شوهت صورة ثورة يناير وهى التى مهدت لعودة فلول العهد البائد وهى التى تتحدث باسم لغة المصالح والصفقات من خلال إعلام مشوه لا يدرك مسئولياته وهى التى شوهت لغة الحوار فى الشارع المصرى وأصبحت شاشات الفضائيات المصرية فرصة ليلية للضحك والسخرية على ما يدور على ألسنة المتحدثين من البذاءات والشتائم بالأب والأم وبقية أفراد الأسرة.
من حق الرئيس السيسى ان يتحاور مع من يشاء وحين يشاء ولا يصح ولا يجوز ان يتصور احد ان يمنعه من ذلك لأن هذا ضد حق المواطن وهو أمر لا يجوز أخلاقيا ان يكون هذا مستوى الكلام مع رئيس مصر سواء فى الإعلام أو غير الإعلام .. يجب ان يضع الإعلاميون حدودا للغة الحوار والمخاطبة لأن الأمور تجاوزت ودخلت مناطق أخرى تتعارض تماما مع مهنة الإعلام.
لماذا يرفض البعض حوار الرئيس مع الألتراس .. وهل من حق احد ان يمنع فصيلا من شباب هذا الوطن ان يعبر عن رأيه .. نحن ضد التجاوزات بأى صورة من صورها وإذا تجاوز البعض فهناك قوات امن وشرطة وقوانين رادعة ولكن هل من العدل ان ننتقم من عشرات الآلاف بسبب أخطاء فردية وهل من العدل ان نغلق باب الحوار من اجل فئة أخطأت او حتى ضلت، هذا فى تقديرى ظلم فادح وأمر مرفوض.. ان هؤلاء الشباب جزء من شباب مصر وإذا كان البعض ينكره اليوم فهو ثمار ما زرعنا حتى وان كانت ثماراً مرة .. هؤلاء الشباب هم الذين نشأوا على بذاءات الكبار من الآباء على الشاشات وفى البيوت .. وهم الذين شاهدوا حشود الإرهاب تهدد الآمنين فى بيوتهم بالقنابل والمتفجرات .. وهم الذين عاشوا تجارب الفقر والمعاناة والعشوائيات أمام طبقة جديدة ظالمة نهبت خيرات وطن واستباحت ثرواته .. وهم الذين تفوقوا فى دراستهم وبخل عليهم الوطن بفرصة عمل أمام جبروت المتسلطين الذين سرقوا فرص الآخرين .. وهم الذين جلسوا فى الشوارع حيث لا عمل ولا زواج ولا سكن ولا استقرار بينما كان المتخلفون عقليا من أبناء الكبار يسطون على مستقبلهم ويسرقونه جهاراً نهاراً .. هل بعد ذلك نبخل على عشرة شباب منهم ان يجلسوا مع رئيس الدولة ليس بصفته مسئولا ولكن كأب يسمع شكوى أبنائه .. هل كل شاب يخطئ نسجنه أو نقطع رقبته ونصادر حقه فى الرفض أو الاعتراض أو حتى الصراخ .. ما هذه القسوة التى تسللت إلى قلوب الناس .. وإذا كانت الثمار مرة فلا تلوموا الشباب ولوموا أنفسكم لأنهم صناعة أيديكم .. ان المخطئ لا بد ان يعاقب لكن من الظلم أن نأخذ العاطل بالباطل.
كل شىء فى مصر الآن صراخ فى صراخ حتى وصل مستوى الحوار إلى أحط الكلمات التى تقتحم البيوت ويسمعها الأطفال وتنتقل بينهم كالنار فى الهشيم حتى جاء الوقت ان نعترض فيه على رغبة رئيس الدولة فى ان يتحاور مع فصيل من شبابنا الغاضب..
< ليست هذه هى الجريمة الأولى فى حق الشباب فقد جردنا شباب ثورة يناير من كل شىء حتى أطلق عليها البعض ظلما نكسة يناير بينما مئات الأمهات فقدن أبناءهن وأصبحت لعنة يناير تطاردهن فى كل مكان .. إذا كانت هذه الدعوات المغرضة قد حرمت الشهداء من التكريم وشوهت صورتهم أمام الناس فأن الأسوأ من ذلك هو موقف مؤسسات الدولة التى سارت على نفس الطريق حتى وصل بها الحال إلى حذف هذا اليوم من تاريخ مصر .. لقد شوهنا صورة ملايين المصريين الذين خرجوا فى يناير تحت دعوى ان بعض شبابها حمل أجندات خارجية.
ماذا يريد البعض من شباب مصر الذين تتبادلهم الشوارع حيث لا حلم ولا عمل.. وإذا حاول رئيس الدولة ان يسمعهم وجد الأصوات المعارضة..ان مشكلة مصر الآن ان الجميع رتب أوضاعه الأسرية وضمن لأبنائه المال والمناصب والرفاهية وعلى بقية الشعب ان يجوع وعلى بقية الشباب ان يهاجر أو ينضم إلى حشود الإرهاب..
< ان الأزمة الحقيقية التى يواجهها الرئيس السيسى ان أحلامه تتعارض كثيرا مع أحلام الآخرين .. انها تتعارض تماما مع أحلام أصحاب المصالح والصوت العالى الذين جمعوا الثروات والمال الحرام فى العهد البائد ولم يكتفوا بالدفاع عن مصالحهم ولكنهم يبحثون عن المزيد من المصالح..
ان أحلام الرئيس السيسى تتعارض مع فلول العهد البائد وما يسيطر عليه من وسائل الإعلام والفضائيات المشبوهة .. وقبل هذا كله هو فى مواجهة دموية مع حشود الإرهاب التى تحارب المصريين من الفنادق والمنتجعات فى الخارج..
لقد نجحت هذه الفلول فى إيداع آلاف الشباب فى السجون .. ونجحت فى حرمانهم من التعبير عن أحلامهم وطموحاتهم .. ونجحت فى إقصائهم تماما عن مسيرة الوطن نحو المستقبل .. وحين فتح الرئيس بابا للحوار وجد من يغلقه.
< ان القضية الآن فى يد الرئيس عبد الفتاح السيسى ان يفتح أبوابا للحوار مع شباب مصر بعيدا عن المؤسسات المشبوهة والإعلام المغرض وأصحاب المصالح الذين يريدون العودة إلى أيام النهب والسرقة .. هناك ثوابت كثيرة يمكن ان يلتقى فيها الرئيس مع فكر الشباب وأحلامهم وهى ليست بعيدة عن أحلامه .. كانت أحلام الشباب ومازالت هى العدالة والرئيس فى كل أحاديثه يضع العدالة فى مقدمة أولوياته .. والشباب يطالب بالحرية وليس اقل من حرية الحوار فهل يسمع الرئيس لمن يبخلون على ابنائهم بالحق فى الحوار ام يفتح عقله وقلبه لهم بكل أطيافهم وتناقضاتهم وحتى شططهم.
ان الشباب يطالب بالكرامة وهى تسبق رغيف الخبز والفكرة، ولا يعقل ان يلقى شباب مصر كل هذه الأساليب من التشويه والرفض والتعسف من أشخاص لايقدرون المسئولية والأمانة والمعنى الحقيقى للوطنية .. هل كان تشويه صورة شباب مصر على الفضائيات عملا نبيلا .. هل كان انتهاك حياتهم الخاصة ومكالماتهم التليفونية عملا مشروعا هل كان اعتداء البعض عليهم بالقول والفعل سلوكا كريما .. هل كان السجن هو افضل الوسائل لمطاردة اصحاب الفكر منهم ..
< لقد أعلن الرئيس السيسى ان عام 2016 هو عام الشباب وان قضاياهم هى شغله الشاغل وعليه ان يبدأ الخطوة الأولى ليضم هذه الحشود الى مسيرته نحو المستقبل فلا نجاح لشىء فى مصر المستقبل إلا بإرادة شبابها.
هناك من يدعى ان لدى المسئولين ملفات وصفحات مجهولة وغامضة حول بعض الشباب وإذا كان منهم من تورط فى خطيئة فلنحاسبه بالقانون بشرط الا يقضى نصف عمره فى السجون امام عدالة بطيئة وهى اسوأ انواع الظلم .. إذا كانت هناك قرائن وادلة عن شباب تلقى تمويلا او ارتكب أخطاء او جندته جهات خارجية فإن المستشار الجليل النائب العام نبيل صادق يستطيع ان يحسم ذلك كله وان ينقذ شبابا بريئا من تهم شوهت صورته امام الوطن كله .. ان تأخير الحسم فى هذه الأشياء إهانة لشباب برىء وإهانة للعدالة التى قصرت فى إنقاذ إنسان مظلوم امام تهم كاذبة وجائرة ومغرضة حتى الآن لم يسمع الرأى العام قرائن كافية تدين شباب مصر المظلوم.
< ينبغى ألا نسمع لتلك الأصوات النشاز فى الإعلام المصرى لأنها انفصلت تماما عن واقع الإنسان المصرى واصبح الكثير منها مجرد ابواق لرأس المال من بقايا الفلول والإخوان وهى ابعد ما تكون عن نبض الشباب ومعاناتهم، ان هذا الإعلام الذى أغرقته تماما لغة المصالح وحشود الإرهاب لم يعد حريصا على استقرار هذا الوطن ..
مازلت اعتقد ان مراجعة كشوف السجون المصرية سوف تمنحنا فرصا اكبر لحوار خلاق وجاد مع شباب مصر وانا هنا لا اتحدث عن شباب مارس الإرهاب وارتكب الجرائم ولكن اتحدث عن خلافات فكرية او مواقف معارضة دفعت اصحابها للسجون ولابد ان تستوعب مؤسسات الدولة بوعى وفهم الفرق الكبير بين رأى مخالف وإرهاب محترف .. ومن هنا يمكن إخراج آلاف الشباب الذين لم تثبت إدانتهم فى اعمال إرهابية ..
ان آفاق الفكر يمكن ان تستوعب حشودا كبيرة من شباب مصر بأحلامهم ومعاناتهم وغضبهم ونحن نفتح صفحات جديدة مع المستقبل .
< لم تعد مصر فى حاجة الى المزيد من الانقسامات بين ابناء الوطن الواحد ويكفى ما فعلته حشود الإرهاب و«الإخوان المسلمون» بنا يكفى انقسام الشارع على بعضه وانقسام الشباب وانقسام السلطة وانقسام الفلول والوطنى حتى وصلنا الى انقسام الأسرة الواحدة، وحين يسعى الرئيس السيسى الى جمع الشمل وتوحيد الصفوف فيجب ان نقف مع دعوته وان نشارك فيها بالجهد والرأى والمشورة.
< لا أدرى كيف ننقذ مصر من لغة الحوار الهابط الذى وصل الى اسوأ حالاته ولا ادرى كيف تفتح التليفونات على الشاشات وهى تحمل مستنقعات من البذاءات التى تشوه صورة الوطن والإنسان والأخلاق، فى كل يوم نسمع ونشاهد جرائم اخلاقية على الهواء لم تترك صغيرا او كبيرا فى هذا البلد دون ان تسىء اليه .. مطلوب وقفة مع الأخلاق.
اعود من حيث بدأت واؤيد دعوة الرئيس للحوار مع الشباب كل الشباب بمن فيهم الألتراس وبمن فيهم شبابنا الغاضب فى السجون او الذى تبنى فكرا قد يكون صادما لنا لأنه لا يوجد مجتمع يرفض نصف ابنائه .. لقد توقف الرئيس عند قضية الاختلاف وان الله سبحانه وتعالى قد خلق البشر مختلفين فى كل شىء ولا يعقل ان نصادر إرادة الله فى خلقه، مطلوب حوار حقيقى ومترفع عن كل الأغراض والأهواء والمصالح مع شباب مصر فلا يوجد مجتمع يحارب شبابه ويكفى الذى ضاع منهم .
..ويبقى الشعر
لن أقبلَ صمتَكَ بعد اليومْ
لن أقبل صمتي
عمري قد ضاع على قدميكْ
أتأمّل فيكَ وأسمع منك
ولا تنطقْ.
أطلالي تصرخُ بين يديكْ
حَرّكْ شفتيكْ
اِنطِقْ كي أنطقْ
اصرخْ كي أصرخْ
ما زال لساني مصلوباً بين الكلماتْ
عارٌ أن تحيا مسجوناً فوق الطرقاتْ
عارٌ أن تبقى تمثالاً
وصخوراً تحكي ما قد فاتْ
عبدوكَ زماناً واتّحدتْ فيكَ الصلواتْ
وغدوتَ مزاراً للدنيا
خبّرني ماذا قد يحكي، صمتُ الأمواتْ!
ماذا في رأسكَ خبّرني!
أزمانٌ عبرتْ.
وملوكٌ سجدتْ.
وعروشٌ سقطتْ
وأنا مسجونٌ في صمتكْ
أطلالُ العمرِ على وجهي
نفسُ الأطلالِ على وجهكْ
الكونُ تشكّلَ من زمنٍ
في الدنيا موتى. أو أحياءْ
لكنكَ شيءٌ أجهلهُ
لا حيٌّ أنتَ ولا مَيّتْ
وكلانا في الصمتِ سواءْ
أَعْلنْ عصيانَكَ. لم أعرف لغةَ العصيانْ
فأنا إنسان يهزمني قهرُ الإنسانْ
وأراكَ الحاضرَ والماضي
وأراكَ الكُفرَ مع الإيمانْ
أَهربُ فأراكَ على وجهي
وأراكَ القيدَ يمزّقني
وأراكَ القاضيَ. والسجّانْ
اِنطقْ كي أنطقْ
أصحيحٌ أنكَ في يومٍ طفتَ الآفاقْ
وأخذتَ تدور على الدنيا
وأخذتَ تغوصُ مع الأعماقْ
تبحث عن سرّ الأرضِ
وسرِّ الخلقِ وسرّ الحبِّ
وسرِّ الدمعِة والأشواقْ
وعرفتَ السرَّ ولم تنطقْ؟
ماذا في قلبكَ؟ خبّرني!.
ماذا أخفيتْ؟
هل كنتَ مليكاً وطغيتْ
هل كنتَ تقيّاً وعصيتْ
رجموكَ جهاراً
صلبوكَ لتبقى تذكاراً
قل لي من أنتْ؟
دعني كي أدخلَ في رأسكْ
ويلي من صمتي!. من صمتكْ!
سأحطِّمُ رأسكَ كي تنطقْ
سأهشّمُ صمتَكَ كي أنطقْ!
أحجارُكَ صوتٌ يتوارى
يتساقطُ مني في الأعماقْ
والدمعةُ في قلبي نارٌ
تشتعل حريقاً في الأحداقْ
رجلُ البوليسِ يقيُّدني
والناسُ تصيحْ:
هذا المجنونْ
حطَّمَ تمثالَ أبي الهولْ
لم أنطق شيئاً بالمرّه
ماذا. سأقولْ؟
ماذا سأقولْ!
*ينشر هذا المقال بالتزامن في جريدة الأهرام وبوابة العين الالكترونية*
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة