نريد تغييرا وتقدما فقد وُلدت وكبُرت لا أعرف سوى رئيس واحد،التغيير فى الحكم يقود إلى تغيير فى النظام واستبدال البيروقراطيين بآخرين
(نريد تغييرا وتقدما فقد وُلدت وكبُرت لا أعرف سوى رئيس واحد،التغيير فى الحكم يقود إلى تغيير فى النظام واستبدال البيروقراطيين بآخرين مما يوفر فرص عمل،فطول البقاء بالسلطة يجعل الأشخاص يعتادون على نمط عمل واحد فلا يتغير شيء)..هكذا أوجز ناخب أوغندى ببلاغة سلبيات تشبث الرئيس الأوغندى يورى موسيفينى بالسلطة طوال 30 عاماً قبل أن تنتهى انتخابات الأسبوع الماضى بالإعلان عن فوزه بفترة خامسة وسط اتهامات لنظامه بالتزوير، وترهيب أنصار المعارضة والتنكيل بمرشحيها.وينطبق ما قاله أيضاً على أنظمة حكم إفريقية عديدة من بينها زيمبابوى التى هدد رئيسها روبرت موجابى بتأديب أعضاء حزبه الذين يتحدثون عمَّن سيخلفه وقال إنه يعتزم ترشيح نفسه لانتخابات 2018 رغم أنه سيكون وقتها قد جثم على أنفاس شعبه 39 سنة وبلغ من العمر أربعاً وتسعين.
موسيفينى الذى واجه انتقادات أمريكية وأوروبية لعدم نزاهة الانتخابات والتضييق على أحزاب المعارضة والتنكيل ببعض قادتها بمَن فيهم كيزا بيسيجى طبيبه الخاص السابق وأبرز منافسيه ردّ بالقول إنه ليس فى حاجة إلى محاضرات من أحد ولا يوافق على تحديد مدة الرئيس بفترتين.فقد أعلنت البعثة الأوروبية التى راقبت الانتخابات أنها جرت فى جو من الترهيب وغياب الشفافية والنزاهة،وقالت الخارجية الأمريكية إنها لم تتماش مع المعايير الدولية أوالتطلعات الديمقراطية مشيرةً إلى بطاقات اقتراع مُعدّة سلفاً وإلى استخدام الشرطة القوة المفرطة ضد المعارضة وقالت إن الشعب الأوغندى يستحق أفضل من ذلك،كما وصفها رئيس بعثة الكومنولث بأنها لم تستوف شروطاً أساسية للديمقراطية.أما جماعات حقوق الإنسان الدولية فتحدثت عن تجنيد السلطة 200 ألف شاب قبل الانتخابات تحت اسم وحدة حماية المجتمع من الجريمة لتكون ذراع وعضلات الحزب الحاكم فى مراقبة وترهيب المواطنين لمنع مناصرتهم مرشحى المعارضة وضمان بقاء موسيفينى وحزبه فى الحكم، مؤكدةً أن تشكيل الوحدة ليس له سند من القانون الأوغندي.ويفخر أعضاء الوحدة التى بدأت عملها كجماعة طلابية عام 2013 بأن عددهم 1.1 مليون.
استخدم موسيفينى كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة للبقاء فى السلطة بما فيها اعتقال بيسيجى ومرشح المعارضة أماما مبابازى وفض تجمعات المعارضة بالقوة تاركا البلد فى حالة توتر يمكن أن يتصاعد ولو بعد حين إلى اضطرابات دموية،فثلثا الشباب عاطلون عن العمل وخدمات أساسية مثل التعليم والصحة متدهورة وقطعت الدول المانحة المساعدات البالغة 100 مليون دولار سنوياً وتعتمد عليها ميزانية الدولة بنسبة 20% احتجاجا على سياساته.ولا يستبعد البعض أن ينقلب أعضاء ميليشيا حماية المجتمع عليه يوما ما إذا ضاقت بهم سبل العيش فى بلد تدفع جامعاته بنحو 500 ألف شاب سنويا إلى سوق عمل ليس بها وظائف.
وفى النيجر ورغم شرعية ترشح رئيسها محمد إيسوفو لفترة ثانية وليست خامسة كموسيفينى إلا أن اعتقال السلطات أنصاراً للمعارضة وزجها بالزعيم المعارض هاما أمادو فى المعتقل بتهمة تشكيل عصابة للإتجار فى الأطفال الرضَّع ألقت بشكوك حول نزاهة الانتخابات.فقد اتهمت المعارضة الرئيس بما وصفته بالترتيب للسطو على الحكم وقمع معارضين باحتجازهم دون محاكمة، واعتقال البعض بصورة غير قانونية بدعوى مكافحة الإرهاب مشيرةً إلى اعتقال الزعيم المعارض ابراهيم حميدو عندما شكك فى اعلان السلطات إحباط محاولة انقلاب فى ديسمبر الماضى ثم أفرجت عنه.والأدهى من ذلك قرار الحكومة السماح لنحو 1.5 مليون مواطن لا يحملون بطاقات هوية بالتصويت بشهادة الشهود فأتاحت الفرصة للتلاعب بالأصوات فى اللجان التى لم يصلها إخطار بإلغاء القرار.وكان إيسوفو فى غنيً عن ذلك حتى لا تحدث توترات قد تنتهى بانقلاب عسكرى يُضاف إلى الانقلابات الثلاثة التى وقعت منذ عام 1993.
وفى الكونغو- برازافيل يجرى الاستعداد لانتخابات الرئاسة المؤجلة وسط شكوك فى أنها ستكون نزيهة وتوقعات بانتخاب دنيس ساسو-نجيسو لفترة ثالثة رغم وجوده فى الحكم منذ 32 عاماً،حيث قرر الاتحاد الأوروبى عدم إرسال بعثة لمراقبتها فى 20 مارس المقبل لأن التعديل الأخير على القانون الانتخابى بتشكيل لجنة انتخابية مستقلة لا يضمن شفافية أوديمقراطية الاقتراع.وعلى الضفة الأخرى لنهر الكونغو اعتقلت سلطات الكونغو- كينشاسا الزعيم المعارض مارتن فايولو لدعوته مع آخرين لإضراب عام للضغط على الرئيس جوزيف كابيلا لترك الحكم بنهاية فترته الثانية أواخر العام ومنعه من التحايل على الدستور لتمديد بقائه فى السلطة منذ 16 عاماً.
وعلى العكس مما حدث فى أوغندا والنيجر وشطرى الكونغو شهدت إفريقيا الوسطى انتخابات حرة حيث فاز فى جولة الإعادة فوستين تواديرا بنسبة 63% على منافسه أنسيت دولوجيلى الذى اعترف بهزيمته وضرب مثالا طيبا فى احترام إرادة الناخبين والحرص على إعادة السلام لبلده بقوله:(من أجل السلام والاستقرار احترم النتائج التى أعلنتها لجنة الانتخابات وعلى الرئيس أن يعمل على اخراج البلاد من عنف طائفى استمر ثلاث سنوات).كما شهدت جزر القمر التى عانت 20 انقلابا ومحاولة انقلاب منذ 1975 المرحلة الأولى من انتخابات الرئاسة بهدوء على أن تُجرى المرحلة الثانية فى 10 أبريل.
*ينشر هذا المقال بالتزامن في جريدة الأهرام وبوابة العين الالكترونية*
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة