83% من الأردنيين يعزون الجرائم الجنسية إلى ضعف الوازع الديني
الدراسات أظهرت وجود 100 ألف أردنية تجاوزت أعمارهن 30 عاماً لم يسبق لهن الزواج، وارتفع سن زواج الفتاة إلى 28 عاماً، والشاب 29 عاماً.
أظهرت نتائج دراسة حديثة أن أغلب الأردنيين يرون أن ضعف الوازع الديني يقف وراء ارتكاب الجرائم الجنسية.
وأوضحت الدراسة التي حملت عنوان "الجرائم الجنسية ضد النساء- المادة 308 من قانون العقوبات الأردني نموذجاً"، أن الغالبية العظمى من الأردنيين (ذكوراً وإناثاً)، والذين فاقت نسبهم عن 83%، لا يؤيدون القول بأن الجاني يرتكب الجريمة الجنسية بسبب التفكك الأسري أو سلوك وتصرفات الضحية أو الحرمان الجنسي والكبت، أو إذلال الضحية وأسرتها أو تأثير الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، أو حتى إدمان الكحول أو المخدرات، وإنما بسبب ضعف الوازع الديني لدى الجاني.
وكشفت النتائج أن واحدا من كل ثلاثة أفراد متطوعين وناشطين وموظفين، وأقل من نصف غير الناشطين بمؤسسات المجتمع المدني، يؤيدون القول إن ضعف الوازع الديني يسبب ارتكاب الجريمة الجنسية.
يعتقد مالك العبسة أن من يرتكب الجريمة الجنسية قد وصل إلى مرحلة لا يفكر بها بأي رادع، ولا يخاف من قانون سيجرّمه، ولا من الله عز وجل الذي سيحاسبه يوم القيامة، وليس الدين الإسلامي وحده من حرم هذه الأفعال بل كل الأديان السماوية، لأنها لا تضر بالجاني والضحية فقط، بل توقع الضرر ببنية المجتمع كله، من مشكلات اجتماعية وأمراض فتاكة وغيرها.
ويضيف العبسة: "لا يوجد توعية مكثفة للشباب بالجانب الديني، والدين الإسلامي حذر ووضع عقوبات حاسمة للشخص الذي يرتكب أي اعتداء جنسي، حتى لا يفكر أحد بارتكاب مثل هذه الجرائم، لكن الشخص الجاني هنا يكون بالأغلب من عائلة متفككة وغير متعلم ووضعه الاقتصادي سيئ، ولا يوجد لديه وازع ديني، وعندما تجتمع كل هذه الأسباب تجعله يفقد التفكير السليم بأي تصرف يقوم به".
الانفتاح غير المقنن
ميساء فضيلات ترى أن الحياة المجتمعية تغيرت كثيراً، والانفتاح غير المقنن على الشعوب المختلفة جعلت الشباب يشعرون باضطراب نفسي وعدم القدرة على استيعاب كل التدفق الثقافي، والفصل بين ما يلائم الثقافة التي يعيشها، والأمور الأخرى التي تعتبر مرفوضة، وتقول فضيلات: "حين يرتكب الجاني هنا جريمة جنسية، يكون بالأغلب مصابا باليأس ويفرغ طاقاته بشكل غير سليم، ولا ننسى أن المجتمع غير متعاطف مع فئة الشباب، فالعائلات تضع معيقات للزواج بدلاً من الميسرات، والشاب لا يجد وظيفة إلا بصعوبة، والراتب الذي يحصل عليه لا يكفيه، هذه الأسباب كلها ستجعله في لحظة ما يخرج عن طبيعته، الدين الإسلامي اعتبر مثل هذه الجرائم جرائم شنيعة، ولو فكر الجاني قليلا بالعقوبة لما ارتكبها، فهذه الجريمة ستنهي حياته.
حملات إرشادية
الأمين العام لوزارة الأوقاف عبد المنعم الحياري يرى أن من المهم معرفة اتجاهات الأردنيين عن الأسباب التي تدفع بالجاني إلى ارتكاب الجريمة الجنسية، للحد منها ومعالجتها من جذورها، والجريمة الجنسية هي نوع من أنواع الجرائم وبكل الحالات يخضع الجاني للمعاقبة ويتم انصاف الضحية.
ويضيف الحياري: "نتائج الدراسة أظهرت أن السبب الرئيسي لارتكاب هذه الجريمة هو ضعف الوازع الديني، ومن هنا تأتي حملات إرشادية مكثفة وخاصة بفئة الشباب لتوعيتهم بخطورة هذا الفعل، وأنه سيعاقب عليه من قبل القانون، ويعتبر من الخطوط الحمراء في الدين الإسلامي".
ويؤكد الحياري أن الدور الأكبر يقع على الأسرة، فالأسرة هي اللبنة الأولى في المجتمع، محذرا من أن التنشئة غير السليمة تنتج جيلا لديه ضعف في الوازع الديني، ولا يتصف بالأخلاق، ويتبع ذلك سلوكيات منحرفة.
ارتفاع تكاليف الزواج
مدير جمعية العفاف الخيرية، مفيد سرحان، يبين أن لجوء الشباب للجريمة الجنسية جاء نتيجة أسباب اجتماعية متعددة، لكن في جذر هذه الجرائم يلعب الوازع الديني دوراً كبيراً في ردع الإنسان وتحذيره من ارتكاب ما يخالف النهج الإسلامي، ويعتقد أن المجتمع له دور كبير في تحفيز الشباب على الجريمة الجنسية.
ويقول: "ارتفاع تكاليف الزواج وعدم مقدرة الشاب على الزواج قد يجعل فئة منهم يبحثون عن إشباع رغباتهم بطريقة غير سويّة. فقد أظهرت الدراسات أن هنالك مايزيد عن 100 ألف فتاة تجاوزت أعمارهن 30 عاماً ولم يسبق لهن الزواج، وهذا مؤشر يعكس عدم قدرة الشباب على تغطية كل تكاليف الزواج، وقد ارتفع سن الزواج بالنسبة للفتاة ليصل إلى ما يقارب 28 عاماً، وبالنسبة للشاب 29 عاماً. ومن هنا يجب أن يقف المجتمع وقفة واحدة حتى لا تتأزم الأمور وتنتشر الجريمة الجنسية بشكل كبير".
وأضاف: "من خلال الجمعية نعمل على تقديم المساعدات المادية والعينية للمقبلين على الزواج، وأيضاً إقامة حفلات الزواج، ونعقد محاضرات توعوية لفئات المجتمع المختلفة، بهدف تثقيفهم حول أهمية تقليل تكاليف الزواج نظراً للآثار السيئة لتأخر سن الزواج سواء على الشاب أو الفتاة، وأيضاً توعية الشباب حول الآثار المترتبة للممارسات الجنسية الخاطئة والتي تؤدي إلى أمراض متعددة وكيفية الوقاية منها".