قبل 94 عاما.. حينما اكتشف "كارتر" مقبرة الفرعون الذهبي "توت"
في 4 نوفمبر عام 1922، اكتشف الأثري البريطاني "هوارد كارتر" مقبرة الفرعون الذهبي "توت عنخ آمون" أعظم الاكتشافات الأثرية في القرن الـ20.
في 4 نوفمبر من العام 1922، تم اكتشاف مقبرة الملك توت عنخ آمون الذي يطلق عليه "الفرعون الصغير" و"الفرعون الذهبي"، على يد عالم الآثار الشهير والمتخصص في تاريخ مصر القديمة البريطاني "هوارد كارتر"، الذي كان أول إنسان تطأ قدمه أرض المقبرة التي ظلت مغلقة لأكثر من 3000 سنة.
لا ترجع أهمية وشهرة مقبرة الملك توت عنخ آمون إلى سيرة وتاريخ الملك الصغير الذي تولى عرش مصر عندما كان عمره 9 سنوات من 1334 إلى 1325 ق.م في عصر الدولة الحديثة، فلم يحقق توت أية إنجازات تاريخية أو عسكرية في سنوات توليه الحكم؛ إنما السبب الرئيسي في أهمية مقبرته في أنها حفظت كاملة وجميع كنوزها سليمة بالكامل دون أي تلف طوال 3000 عام، بالإضافة إلى الألغاز التي صاحبت موته في سنٍ صغيرة؛ حيث مات في عمر 18 عاماً بشكل مفاجئ.
"الصدفة" تكشف المقبرة
ترجع قصة اكتشاف مقبرة الملك الصغير إلى عام 1908، عندما حصل اللورد "كارنرفون" أحد النبلاء الإنجليز والممول الرئيسي للعالم الأثري "كارتر" على تصريح بالحفر في وادي الملوك بطيبة بغرب الأقصر، وقد حقق كارتر نجاحات كثيرة تتمثل في اكتشاف مقبرة تحتمس الرابع، ومقبرة حتشبسوت، وعندما انتقل إلى موقع مقبرة رمسيس السادس في عام 1917 قام بالتنقيب في مدخل نفق مقبرة رمسيس السادس، وتوقف العمل بسبب اندلاع الحرب العالمية الأولى، ثم تم استئنافه مرة أخرى في عام 1922.
"الصدفة" وحدها هي التي قادت إلى اكتشاف أهم الكنوز الأثرية في تاريخ مصر القديم؛ فأولا حُفظت المقبرة بعيدة عن أيدي اللصوص وناهبي القبور، فعندما حفر العمال مقبرة رمسيس السادس رقم 9 وهي المقبرة التى تعلو مقبرة الملك توت، نقل العمال "الرديم" الناتج من الحفر عند مدخل مقبرة توت ما جعلها مدفونة تحت التراب لآلاف السنين، ولم ينتبه حراس الجبانة الذين أقاموا الأكواخ لحراس الجبانة فوق تبة عالية تقع فوق مقبرة الملك توت إلى أن جاء كارتر واكتشف المقبرة.
ومرة أخرى تلعب "الصدفة" دورها في اكتشاف المقبرة الكنز؛ فقد وقع أحد العمال في حفرة كبيرة للأنقاض، وكسر الصوان أثناء الحفر في نفق يؤدي إلى سلم منحوت في الصخر، وعندما نزلوا السلم وجدوه يؤدي إلى مدخل مسدود مختوم بخاتم ملكي، وعند الاستمرار في الحفر وجدوا غرفة بها ضريح، فقام العالم كارتر بالنزول وقام بعمل فتحة صغيرة في الغرفة المظلمة، وعندما نظر من خلالها سأله مساعده "هل ترى شيئاً؟" أجاب كارتر: "أرى أشياءً رائعة".
ولكن للأسف؛ تعرض الكفن الذهبي الذي كان يغطي مومياء الملك توت للعبث من جانب العالم الأثري "كارتر" الذي قام برفع الكفن عن المومياء عن طريق شق الكفن لنصفين للوصول إلى المومياء، وقام بإزالة التحف التي تغطي المومياء من قلائد وخواتم وعصي كلها من الذهب الخالص عن طريق فصل جمجمة توت وعظامه الرئيسية من مفاصلها، وبعد استخراج التحف قام بتركيب الهيكل العظمي للملك ووضعه في تابوت خشبي ما أسهم في تشويه كفن ومومياء وكنوز الملك توت عنخ آمون.
كنوز "توت".. ليس لها مثيل
تحتوي كنوز الملك توت عنخ آمون نادرة الوجود على 358 قطعة أثرية كانت موجودة داخل غرفة الملك التي تشمل 3 صناديق مزخرفة بالذهب، وتابوتاً حجرياً مغطى بطبقة سميكة من الحجر المنحوت على شكل تمثال للملك، وداخل التابوت الذهبي تابوتان من الخشب المذهب، بالإضافة إلى مجموعة من الأثاث المكتمل والأدوات الحربية، ومجموعة من التماثيل الجنائزية لدفن الملك، بالإضافة إلى أدوات الصيد الخاصة بتوت عنخ آمون، وبوقين أحدهما مصنوع من الفضة والآخر من النحاس، وكرسي العرش، فضلاً عن أمتعة الحياة اليومية، كالدمى واللعب.
هذه المقتنيات الأثرية صنعت من أنواع كثيرة من المواد المختلفة؛ مثل الخشب سواءً المحلي منها أو المستورد وقد تم تطعيمه بالعاج الطبيعي أو عاج مصبوغ بالذهب أو الفضة، ومنها نوع آخر من الذهب الخالص، وكان يتم استعمال مفصلات من نحاس وبرونز للأغطية والأبواب، والأسرة المطوية والمظلات الخشبية، وكانت تستخدم طريقة التعشيق في تجميع قطع الأثاث، بالإضافة إلى استخدام المسامير سواءً من الخشب أو النحاس أو البرونز.
ترجع أهمية مجموعة الملك توت عنخ آمون بالإضافة إلى أنها مجموعة مكتملة وسليمة، وهي الوحيدة التي وصلت من التاريخ المصري القديم وكنوزه التي سرقت أو أصابها التلف، كما أنها تكشف للمتخصصين وللدارسين للمصريات ملامح عصر الدولة الحديثة، التي تمثل قمة نضج الحضارة المصرية القديمة، كما تكشف العديد من معتقدات المصري القديم الدينية بالمتعلقة بطقوس الدفن وتجهيز المقابر الملكية بالأدوات الأمتعة الحياة اليومية، كما تمثل توثيقاً مهماً للحياة الشخصية للملك توت عنخ آمون وعلاقته بزوجته.