الحياة حكاية؛ عليك قراءتها حتى النهاية. لا تتوقف أبدًا عند سطر حزين، فقد تكون النهاية جميلة.
والقرية أو الفريج يترك بصمته في وجداننا، يظهر كذكريات وحنين أو حكايات تُروى. وبين كل الحكايات، تبقى زعبيل مختلفة؛ فهي ليست مجرد حي في دبي، بل قلب نابض بالتاريخ والقيادة والحياة.
مجتمع زعبيل
تشكّل مجتمع زعبيل من العائلة الحاكمة وخدمها ومرافقيها من رجال الحرس، إضافةً إلى عائلات وقبائل عدة. كان القصر هو المركز، حيث تنبض القرارات والاحتفالات والجلسات. منه يبدأ كل شيء في زعبيل، ومنه كان صدى دبي كلها. لم تكن مجرد بيوت متناثرة، بل قرية بحجم مدينة وحاضنة للأسرة الحاكمة التي أسست نهضة دبي.
القصر قلب الحياة
قصر زعبيل هو القلب النابض؛ مركز اللقاءات الرسمية، والولائم، والاحتفالات. حوله بيوت لا تتجاوز الثلاثين، لكنها ارتبطت بالقصر كما ترتبط الشرايين بالقلب. ومن هذا القلب انطلقت دبي إلى آفاق جديدة.
الانتقال من الشندغة إلى زعبيل
في عهد المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، انتقلت الأسرة الحاكمة من الشندغة إلى زعبيل. هذا التحول لم يكن مجرد انتقال سكني، بل نقطة فاصلة في تاريخ الإمارة؛ فمن زعبيل ارتفعت دبي من فريج بسيط إلى مدينة، ومن ثم إلى إمارة رائدة، وصولًا إلى دولة اتحادية عالمية.
أصل الاسم
تعددت التفسيرات لمعنى «زعبيل». قيل إنها من «زعبلة الماء» أي توريده لمنطقة شحيحة المياه، وقيل إنها تعني الرملة البيضاء فوق سبخة، كما ذكر الدكتور جمال بن حويرب.
وربما هناك فرضية أخرى قريبة إلى مسمى «جبل علي»؛ فقد كانت مسكن رجل يُسمّى علي، وهو أول من سكن جبل علي، وهي رواية غير موثقة. وربما كان أحدهم أيضًا يُلقّب بـ«زعبيل»، وهو أول من استقر وسكن زعبيل. وهذه تظل فرضية ورأيًا شخصيًا لم تُطرح من قبل في الإعلام.
صباح زعبيل
من أجمل الذكريات صباح زعبيل: أصوات فناجين قهوة الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، رائحة الغليون، وقع المداويخ، وصوت الإمام وهو يتلو القرآن في المسجد المقابل للقصر. الأطفال ينتظرون باص المدرسة، يراقبون مرسيدس الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم بملامحه الجادة، المنهمكة ببناء دبي الحديثة.
كان مجلس الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم بمثابة برلمان دبي: رجال يدخلون ويخرجون، شكاوى تُرفع وحلول تُطرح. في عهده شهدت دبي مشاريع كبرى مثل نفق الشندغة، برج راشد، وميناء جبل علي، التي حولت القرية إلى مدينة عالمية.
خاتمة
زعبيل ليست مجرد منطقة؛ إنها تاريخ من البناء والعطاء. فيها تزاوجت أسرة آل مكتوم مع آل نهيان، ومنها صدرت القرارات التي صنعت حاضر دبي ومستقبلها. واليوم، وقد أصبحت دبي مدينة عالمية تنافس العواصم الكبرى، تبقى زعبيل شاهدًا على البداية؛ حكاية مختلفة، اسمها زعبيل.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة