عام على سلام الإمارات.. "ضمٌ" ينكسر على صخرة إبراهيم
ما بين سبتمبر/أيلول 2020 وتوأمه في 2021، صنعت الإمارات نصرا خاصا للفلسطينيين، حين وقّعت اتفاقا للسلام مع إسرائيل أوقف التهام أراضيهم.
في ذلك العام، وقبل التوقيع، أوشكت الحكومة الإسرائيلية على اتخاذ قرار بضم أكثر من 30% من مساحة الضفة الغربية قبل أن تتراجع فجأة عن خطة كانت شبه مؤكدة.
كان الضم سيطول غور الأردن وجميع المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية ومساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية في محيطها وشمال البحر الميت.
ندد الفلسطينيون بهذه الخطة وكذلك المجتمع الدولي، ولكن صمت الإدارة الأمريكية السابقة برئاسة دونالد ترامب جعل تنفيذها شبه مؤكدا.
الفلسطينيون والكثيرون في المجتمع الدولي حذروا من أنه سيكون من شأن ذلك، القضاء نهائيا على فكرة حل الدولتين بإقامة دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل.
الإمارات تغير المعادلة
غير أن حدثا لافتا جعل الحكومة الإسرائيلية آنذاك برئاسة بنيامين نتنياهو تضع ألف حساب قبل الإقدام على. الخطوة.
حينها، حذر السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة، في مقال موجه إلى الشعب الإسرائيلي بصحيفة "يديعوت أحرونوت"، الأوسع انتشارا في إسرائيل، من إقدام الأخيرة على ضم أراض فلسطينية.
كانت تلك المرة الأولى التي يخاطب فيها مسؤول عربي رفيع المستوى الشعب الإسرائيلي ولكنه أيضا تحدث عن ثمار وقف هذه الخطوة.
ورأى قسم واسع من الشعب الإسرائيلي أن ما ورد في هذا المقال هو بمثابة جرس إنذار.
وكتب السفير الإماراتي يقول: "كونه خطوة أحادية ومتعمدة، فإن الضم هو عبارة عن استيلاء غير قانوني على الأراضي الفلسطينية، وهو يتحدى الإجماع العربي – بل والدولي – بشأن الحق الفلسطيني بتقرير المصير، وسيشعل العنف ويثير المتطرفين، وسيرسل موجات صادمة عبر المنطقة".
كما حذر العتيبة من أن الضم الإسرائيلي "سيقوض بالتأكيد وعلى الفور التطلعات الإسرائيلية لتحسين العلاقات الأمنية والاقتصادية والثقافية مع العالم العربي والإمارات".
الضم خارج الأجندة
المقال أحدث هزة في الساحة السياسية في إسرائيل التي كان عليها الاختيار بين الضم أو السلام مع الدول العربية.
في الأثناء، أظهرت استطلاعات الرأي العام في إسرائيل ميلا جارفا للأخذ بما جاء في مقال السفير الإماراتي إذ فضل 80% من الإسرائيليين السلام مع الإمارات.
وبأخذ الحكومة الإسرائيلية بهذا الخيار، أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، منتصف أغسطس/آب 2020، عن قرار إسرائيل والإمارات إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين.
وفي وقت لاحق، كشف السفير العتيبة أن "الضم هو ما جعلنا نتوصل إلى هذا القرار بالطريقة التي فعلناها والتوقيت الذي تم فيه. أعتقد أنه كان سيكون للضم تأثير سلبي عميق في الجزء الذي نعيش فيه من العالم".
وأضاف، في لقاء نظمه معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي عبر تقنية "زوم" وتابعته "العين الإخبارية": "كان الضم سيتسبب في رد فعل سلبي للغاية لإسرائيل، ويضع الأردن تحت الضغط ويجبر الولايات المتحدة على الدفاع عن قرار غير شعبي للغاية في المنطقة. وكان سيخاطر بكل التقدم الذي أحرزناه فيما يتعلق بالانفتاح مع إسرائيل".
وبمرور عام على توقيع اتفاق السلام بين إسرائيل والإمارات، وإعلان تأييد السلام مع البحرين في 15 سبتمبر/ أيلول الماضي بحديقة البيت الأبيض، فإن كلمة الضم اختفت تماما من الأجندة الإسرائيلية.
وفي مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز" الشهر الماضي، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت أنه لا يسعى إلى ضم أراض فلسطينية.
كما لا يوجد ذكر لكلمة "الضم" في البرنامج السياسي للحكومة الإسرائيلية الحالية.
بالأرقام
وبلغة الأرقام، أنقذ قرار وقف ضم إسرائيل لأراض فلسطينية محتلة بالضفة الغربية، أكثر من 1.8 مليون دونم أو ما يعادل 30% من المساحة الإجمالية.
ووفقا لمعطيات دقيقة أعدتها حركة السلام الآن الإسرائيلية، الرافضة للاستيطان، واطلعت عليها "العين الإخبارية" فإن ضم 30% من مساحة الضفة الغربية يعادل 1.857.500 دونما.
وسبق أن كشفت معطيات رسمية فلسطينية أن نحو 112 ألف فلسطيني يقيمون في القرى التي كانت إسرائيل تنوي ضمها في إطار خطة الضم، ما يعني أن جميعهم كانوا مهددين بالطرد.
وكان الضم الإسرائيلي سيشمل 43 قرية وبلدة فلسطينية لتسهيل ضم تل أبيب عشرات المستوطنات المعزولة بالضفة الغربية.
وقال الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، في تقرير تلقت "العين الإخبارية" نسخة منه، إن عدد التجمعات الفلسطينية في الضفة الغربية التي كانت الحكومة الإسرائيلية تنوي ضمها يبلغ 43 تجمعا.
وتتوزع التجمعات على 30 تجمعا في وسط الضفة الغربية، و3 في جنوبها، حيث قدّر عدد الفلسطينيين فيها بـ 112,427 فرداً بمساحة إجمالية بلغت 477.3 كيلومترا مربعا.
وكان من شأن تنفيذ الضم إنهاء أية إمكانية لقيام دولة فلسطينية بالضفة الغربية.