السؤال الذي يطرحه البعض لماذا يأتي البابا إلى أبوظبي خصيصا محطة أولى دون غيرها من دول العالم؟
تحظى أبوظبي عاصمة الإمارات العربية المتحدة بميزات رائعة تنفرد بها دون سواها منها التسامح والتعايش السلمي بين مختلف الأديان والمذاهب، وهنالك قيادة رشيدة تؤمن بهذه المبادئ والقيم منذ عهد الشيخ زايد آل نهيان رحمه الله. وقد أنشأت كنيسة للأقباط عام 1984 كما أنها أسست وزارة خاصة للتسامح فيها لإيمانها الراسخ به والتفاعل الحقيقي معه. من هنا كان مجيء البابا فرنسيس إلى أبوظبي إضافة إلى شيخ الأزهر أحمد الطيب وتوقيع اتفاقات وثيقة "الأخوة الإنسانية" لفتح عهد جديد في منطقة شابتها الكثير من النزاعات الطائفية والصراعات الدينية والخلافات الإثنية.
خطت الإمارات خطوات كثيرة متلاحقة نحو التسامح والمحبة والتعايش ما يجعلها أسوة للآخرين أن يحذوا حذوها، لذا كانت زيارة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية إلى أبوظبي تجسيدا حيا لكل هذه القيم والمبادئ الإنسانية
السؤال الذي يطرحه البعض لماذا يأتي البابا إلى أبوظبي خصيصا محطة أولى دون غيرها من دول العالم؟
الجواب واضح ولا يحتاج إلى الكثير من العناء، لأن التعايش مع الآخر واحتضانه سمة رائعة من سمات شعب وحكومة الإمارات العربية المتحدة، فقد خطت الإمارات خطوات كثيرة متلاحقة نحو التسامح والمحبة والتعايش ما يجعلها أسوة للآخرين أن يحذوا حذوها، لذا كانت زيارة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية إلى أبوظبي تجسيدا حيا لكل هذه القيم والمبادئ الإنسانية.
الأزهر يعد منارة أساسية في الإسلام المعتدل والرافض للتطرف منذ ألف عام وحتى يومنا هذا، حاملا لواء التنوير والتجديد والإصلاح ومواكبة العصر في تغيراته وتطوراته ليجمع بين ثناياه الجامع والجامعة بخط متوازٍ معتدل وسطي لا إفراط ولا تفريط، كما قال تعالى:
"شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ".
فالعالم كله يشهد إطلاق وثيقة الأخوة الإنسانية وما تتضمنه من دعوة لنشر ثقافة السلام واحترام الغير وتحقيق الرفاهية بديلا عن ثقافة الكراهية والظلم والعنف.
لذلك تطالب هذه الوثيقة قادة العالم وصناع السياسات وأصحاب القرار بالتدخل الفوري لوقف نزيف الدماء وإزهاق الأرواح ووضع نهاية فورية لما تشهده من صراعات وفتن وحروب عبثية.
أما البابا فرنسيس فقد اعتبر الوثيقة شهادة لعظمة الإيمان بالله الذي يوحد القلوب المتفرقة ويسمو بالإنسان خليفة الله على الأرض "إني جاعل في الأرض خليفة". فالوثيقة عقد على السلام والوئام والمحبة والتعايش، حيث المشتركات الكثيرة بين الدينين الإبراهيميين؛ الإسلام والمسيحية كما قال الله في كتابه الكريم (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم) رافضا كل الأفكار المتطرفة الهدامة للتفريق بينهما (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة) لأن الإسلام دين السلام.
من الطبيعي أن تكون الواحة هي الإمارات، وقال البابا فرنسيس إن "الإمارات ستبقى مكانا للنمو وهي تقدم اليوم فرص عمل لأشخاص من شتى بقاع الأرض، أشجع الإمارات على الاستمرار في هذا الدرب من أجل الحفاظ على صورة أعمالها العظيمة وصورة أمة تعانق الجميع"، وما من أحد ذهب أو أقام في الإمارات إلا وعاش حالة التسامح والتعايش والأخوة بين الجميع.
إنها حقا الزيارة الأولى من نوعها، إذ اختار الرمزان الدينيان الكبيران المسلم والمسيحي أرض الإمارات المكان الأفضل لعقد هذه القمة التاريخية بكل ما تحويه الكلمة في "لقاء الأخوة الإنسانية" والتباحث في سبل تعزيز التعايش بين الأديان والعقائد المختلفة، منتقلين من المرحلة الإقليمية إلى المرحلة العالمية.
لا شك أن لقاء الأخوة الإنسانية يفتح بابا جديدا للعالم في تحقيق السلام والوئام والتصدي للمتطرفين بدلا عن ثقافة الكراهية والبغضاء التي يستعملها الإسلام السياسي الوافد من الخارج عام 1979، حيث الثورة الإيرانية في جانبها الشيعي والإخوان المسلمين وحزب التحرير والمجاهدين العرب وحركة جهيمان في جانبها السني، وما نتج عنها من التنظيمات الإرهابية القاعدة وداعش والنصرة والإخوان المسلمين ومليشيات حزب الله وأبوالفضل العباس وعصائب أهل الحق والحرس الثوري وأمثالها التي ستضعف كثيرا بعد هذه اللقاءات المثمرة وارتفاع أصوات السلام والمحبة والأخوة.
وصدق الله تعالى حيث يقول في كتابه الكريم "فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض".
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة