بالصور.. جامع أبو دلف في سامراء وفرادة المئذنة الإسلامية
مسجد أبو دلف في العراق من أكبر وأهم المساجد الإسلامية الأثرية التي بنيت في الفترة العباسية في محافظة صلاح الدين شمال مدينة سامراء
يُعد مسجد أبي دلف بالعراق، واحدًا من أشهر وأندر المساجد الإسلامية التي بنيت على الطراز العباسي، بمئذنته الفريدة المتميزة، وهو من أكبر وأهم المساجد الإسلامية الأثرية التي بنيت في الفترة العباسية في محافظة صلاح الدين شمال مدينة سامراء، نظرًا لضخامة مساحته وتصميم مئذنته الحلزونية الفريدة من نوعها في عمارة المساجد الإسلامية.
تم بناء الجامع على غرار تصميم الجامع الكبير ذي الملوية في سامراء، والتي لم تظهر من قبل إلا في شكل الأبراج البابلية المدرجة "كالزقورة" الأثرية في العراق، ثم انتقل تصميم المئذنة المعماري المميز إلى مصر في العصر الطولوني، حيث تم بناء مسجد "ابن طولون" بالقاهرة بطريقة تحاكي مئذنة جامع أبو دلف الفريدة في تصميمها المعماري.
ترجع أقدم إشارة تاريخية لجامع أبي دلف إلى المؤرخ "البلاذري" في كتابه الشهير "فتوح البلدان"، وذكر فيه أن الخليفة العباسي المتوكل على الله بنى مدينة سماها "المتوكلية"، وفيها شيد مسجدًا سمي فيما بعد بمسجد "أبو دلف" في عام 246هـ/ 859م، ويقع شمال مدينة سامراء التي نمت بسرعة وانتهت سريعا حيث حكمها 8 خلفاء من العباسيين هم: "المعتصم بالله، المنتصر بالله، الواثق بالله، المتوكل على الله، المستعين بالله، والمعتز بالله، والمهتدي بالله، والمعتمد على الله، وهجرها المعتمد نحو سنة 889م.
سر التسمية:
ترجع تسمية الجامع إلى أبو دلف العجلي المتوفى 225 هـ واسمه "القاسم بن عيسى بن إدريس العجلي"، وقد أطلقت عليه في القرون المتأخرة لما يتمتع به صاحب هذا الاسم من الشهرة، فهو أحد كبار رجال الدولة العباسية ومن قادتها في عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد. وهو شاعر وأديب له مؤلفاته عديدة منها "كتاب السلاح، كتاب الصيد، كتاب سياسة الملوك، كتاب النزه"، ورد اسمه في كتاب "وفيات الأعيان" لابن خلكان، وذكر عنه أنه "كان كريمًا جوادًا ممتدحًا شجاعًا مقدمًا ذا وقائع مشهورة وصنائع مأثورة، أخذ عنه الأدباء والفضلاء، وله صنعة في الغناء أيضًا".
التخطيط العمراني للمسجد:
جامع أبو دلف بسامراء من أكبر المساجد الإسلامية في العالم كله، تبلغ مساحته 46800 متر مربع، ويبلغ طول أضلاعه 260م، 180م، وبني المسجد على مساحة مستطيلة يتوسطها صحن مكشوف تحيط به أروقة أكبرها رواق "القبلة"، الذي يتكون من 3 بلاطات، ويحتوي على 24 صفًّا من الدعائم، بالإضافة إلى الرواق الشرقي والغربي الذي يحتوي على 4 صفوف من الدعائم، أما الجهة الشمالية من الجامع يوجد به 3 صفوف فقط.
في العصر الأموي تم بناء أعمدة حجرية، وقد استبدلت بدعامات تحمل السقف مشيدة بالآجر، ويحيط بالجامع من الخارج جدار من الطوب الآجر ارتفاعه 10 أمتار به 40 برجا نصف دائرية بارزة بنحو مترين لتدعيم الجدار، أما عن الجزء المسقف من الجامع يرتكز على دعائم مثمنة الأضلاع متصلة بأعمدة من الرخام في الأركان، ويحيط بمحراب الجامع عمودان رخاميان تنتهي بتيجان رومانية الشكل.
المئذنة الحلزونية.. ليس لها مثيل:
من أهم، بل أهم، ما يميز هذا المسجد الأثري هي المئذنة التي لم يسبق لها مثيل في العمارة الإسلامية حيث تشكل ممرات حلزونية متصاعدًا لـ5 مرات انتهاء بمصطبة تعلو عن الأرض 50 مترًا، وتقع خارج أسوار الجامع على قاعدة مربعة ارتفاعها 3 أمتار، وتدور الممرات الحلزونية المتصاعدة بعكس اتجاه عقارب الساعة.
يحمل بناء المئذنة بهذا الشكل فلسفة روحية إسلامية تحوي دلالات على تكاملية العمارة والفكر المعماري المسلم مع الدلالات الكونية المحيطة والاستجابة لها فهي تماثل الحركة في الطواف بعكس اتجاه عقارب الساعة، مما يجعل لها دلالات رمزية في تكاملية كونية، حيث إن الإلكترونات داخل الذرات تدور في مدارات بعكس عقارب الساعة وكذا الأرض حول الشمس.