أبوالغيط لتركيا وإيران: أي نبرة استعلائية على سيادة دولة عربية مرفوضة
قبيل أيام من عقد قمة الرياض
الأمين العام لجامعة الدول العربية في حواره مع صحيفة "الأهرام" المصرية، وجّه رسالة شديدة اللهجة إلى تركيا ونظام الملالي الإيراني.
في أحدث تصريح له بشأن القمة العربية المقرر عقدها في السعودية، أبريل/نيسان الجاري، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبوالغيط، إنه "لدي شخصيا نوع من التفاؤل من إمكان أن تسهم قمة الرياض في تحقيق زخم جديد تجاه بعض الموضوعات على غرار القضية الفلسطينية على سبيل المثال".
وجاء حديث أبوالغيط، في حوار مع صحيفة "الأهرام" المصرية، الجمعة، إذ وجّه خلاله رسالة شديدة اللهجة إلى تركيا ونظام الملالي الإيراني.
- 4 مهام أعدها أردوغان للفصائل السورية الموالية له
- السفير خالد بن سلمان: هجوم الحوثي على ناقلة نفط انتهاك للقانون الدولي
الأمن القومي العربي
في رسالته لإيران وتركيا، قال أبوالغيط: "أي حديث يتضمن استخدام نبرة استعلائية أو طائفية، أو به شبهة مسعى للتأثير على سيادة أي دولة عربية، أو أوضاعها وتوازناتها الداخلية هو أمر مرفوض.
وتابع أبوالغيط: أزيد على ذلك بتحذير الجانب الإيراني من خطورة التصعيد الأخير بإطلاق المزيد من الصواريخ الباليستية من جانب مليشيا الحوثيين على المملكة العربية السعودية، وأقول إن هذا التصعيد يمكن أن يدخل بالمنطقة إلى منعطف خطير، وأتصور أن الجميع في غنى عنه خلال المرحلة الحالية".
وأشار إلى "ثمة تدخلات عميقة للغاية من قبل إيران في الشأن العربي، وهذه حقيقة لا ينبغي الاستهانة بها، فبعض القادة والمسؤولين فيها يتحدثون عن الهيمنة والسيطرة على القرار في أربع عواصم عربية، ويقولون إن إيران تمتد بنفوذها ووجودها المادي، في مساحة من الأرض تمتد ما بين الحدود الإيرانية في الشرق إلى شاطئ البحر الأبيض المتوسط في الغرب، وهو ما ينطوي على خطورة بالغة وتهديدات واضحة للأمن القومي العربي".
فوز السيسي.. تحولات نوعية في مصر
على صعيد آخر، تطرق أبوالغيط للحديث عن مصر بعد فوز الرئيس عبدالفتاح السيسي بفترة رئاسية ثانية، قائلاً: "من واقع متابعتي لرؤية الرئيس السيسي، ومن واقع ما يفعله ويقوم به من تحولات نوعية في مصر، فإنني أستطيع القول إنه أحد البنائين العظام الذين أضافوا وسيضيفون إلى المجتمع المصري بصمة كبيرة وقوية سوف تمتد آثارها لعشرات السنين".
واستكمل: "بل لن أكون مبالغا إذا قلت إنها سوف تمتد لعقود وربما لقرون، خصوصا على صعيد البنية، وهو ما سيمثل إضافة تماثل كل ما حققه القادة العظام لمصر في القرن التاسع عشر والقرن العشرين. إنني مؤمن بذلك تماما، لكني أرى في الوقت ذاته أن مصر خلال فترة الولاية الثانية للرئيس السيسي في حاجة إلى برنامج شامل وصارم لمحو الأمية بشكل نهائي، وهو ما أدعو إليه بقوة، وإذا ما تحقق هذا الهدف فسوف يمثل إضافة مشهودة تاريخيا للرئيس السيسي، الذي أثق تماما بقدرته على إنجازه".
الجامعة العربية.. وقمة الرياض
من ناحية أخرى، رأى أبوالغيط أن "الجديد فيما يتعلق بقمة الرياض هو وجود مسعى عربي خلال المرحلة الراهنة، في ظل الإدراك والوعي بمدى خطورة التحديات والتهديدات التي تواجهها الأمة والشعوب العربية ومنظومتا العمل العربي المشترك والأمن القومي العربي، بضرورة استغلال مثل هذه اللقاءات للقادة في إعطاء قوة دفع جديدة للعمل العربي، للتعامل مع هذه المسائل، والتوصل إلى توافقات وخطط وإجراءات مشتركة عملية بشأنها".
وتابع: "لا شك في أن انعقاد القمة في دولة عربية محورية كالمملكة العربية السعودية سوف يخدم تحقيق هذا الهدف، خصوصا مع توقع أن تكون المشاركة واسعة من قبل القادة العرب في أعمال القمة".
كما تحدث عن أنه "لم يتقدم طرف عربي بأفكار خارج سياق جدول الأعمال، والذي تم إقراره في اجتماع مجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية في السابع من مارس/آذار الماضي، لكن ذلك لا يعني أنه لن يكون ثمة طرح جديد في قمة الرياض، فربما يتقدم البعض بأطروحات جديدة قبل أيام من انعقادها، أو يتم طرحها أثناء القمة لاستصدار قرار بدراستها لإحالتها إلى القمة التالية".
وخلال حواره مع "الأهرام"، تطرق أبوالغيط للإشارة إلى أوضاع المنطقة وأحوال الجامعة العربية بشكل خاص، قائلاً: "حديث حول الطريق المسدود وعدم وجود دور للجامعة العربية هو حديث مرفوض، ومن يروج له لا يبغي في حقيقة الأمر مصلحة الشعوب العربية".
وأضاف: "يكفي أن أجدد ما أشرت إليه سابقا حول أن مثل هذه التصريحات أو الآراء صدرت مؤخرا عن طرفين إقليميين، الأول هو إيران عندما اجتمع وزراء الخارجية العرب في دورة غير عادية للنظر في التهديدات التي تمثلها الصواريخ الباليستية الإيرانية لأمن واستقرار المملكة العربية السعودية".
وأشار إلى حديث تركيا عن الجامعة العربية، موضحاً: "عندما أشرت أنا شخصيا خلال مشاركتي في مؤتمر ميونيخ للأمن إلى تأثير التدخل التركي في شمال سوريا على سيادة سوريا ووحدتها الإقليمية وإلى ضرورة قيام نظام أمني إقليمي عربي قوي، فكان الرد الاستعلائي من وزير الخارجية التركي بأن الجامعة العربية هي (منظمة غير قادرة على تحقيق أي شيء)".
وشدد على أنه "إذا كانت هناك بالفعل ملاحظات على أداء الجامعة، وأنا شخصيا لدي ملاحظات حتى وأنا في موقع الأمين العام، فإن رد الفعل الصحيح يكون من خلال طرح حلول أو بدائل منطقية وعملية، وليس من خلال الشعارات الرنانة أو الأقوال المرسلة، مع حرصي شخصيا منذ توليت مهام منصبي على اتباع نهج يتسم بالشفافية، في تعريف الرأي العام العربي لكل جهد تقوم به الجامعة العربية وما تسعى لتحقيقه".
وعن ملفات القمة العربية المقبلة في السعودية، قال: "يجب أن تحظى القضية الفلسطينية باهتمام كبير خلال القمة"، لافتا أيضا إلى أنه "ستكون هناك أيضا نقاشات حول ملفي الوقوف أمام الترشيح الإسرائيلي لعضوية مجلس الأمن، والتغلغل الإسرائيلي في القارة الأفريقية".
كما أشار إلى الحديث عن "قضية مكافحة الإرهاب والوقوف أمام تيارات التطرف والغلو والتشدد التي تنخر في عظام هذه الأمة، ونحن نرى أن العراق نجح بعد معركة استمرت لسنوات في هزيمة داعش على أرضه، ولكن هذا التهديد قائم في أماكن أخرى من بينها منطقة شمال سيناء، التي يخوض فيها أبناء الجيش المصري والشرطة معركة بطولية في ظل ظروف أوضحت الحجم الضخم للموارد المتوافرة لدى العناصر الإرهابية، كما نرى هذه المواجهة أيضا في ليبيا وسوريا وتونس واليمن في أشكال مختلفة".
واختتم: "أتوقع أيضا أن تشهد القمة التركيز بشكل كبير على قضية التدخل الخارجي في الشأن الداخلي العربي، من جانب دولتي الجوار إيران وتركيا، وبصفة خاصة إيران في ظل منهجها التصعيدي الحالي، واستخدام الحوثيين الصواريخ الإيرانية لزعزعة أمن المملكة العربية السعودية، ومن ناحية أخرى ستستمر بالطبع النقاشات حول مستقبل احتواء الأزمات في كل من سوريا وليبيا واليمن، مع استمرار التداعيات السلبية الواسعة لهذه الأزمات".