خبير: هذه أسباب تصاعد الإرهاب بأفغانستان مؤخرا
خبير فرنسي في الشأن الأفغاني يحلل الوضع الراهن في أفغانستان بعد سلسة من الانفجارات، ماذا قال؟.
تعيش أفغانستان، في حالة من الحزن والحداد، منذ أكثر من عشرة أيام، بعد سلسلة من الهجمات الإرهابية الدموية، التي ضربت البلاد، وتبناها كل من حركة طالبان، وتنظيم "داعش" الإرهابي.
ووقعت 4 هجمات، خلال أقل من أسبوعين، بينها انفجار سيارة إسعاف في كابول، راح ضحيتها أكثر من مائة قتيل، وهو الهجوم الأكثر دموية، منذ مايو/أيار2017 في البلاد.
"جيل دورونسورو"، أستاذ علوم سياسية في جامعة السربون، والخبير في الشؤون الأفغانية، يرجع أسباب تصاعد الهجمات الإرهابية في البلاد مؤخراً إلى الحالة الأمنية والمؤسسية المتردية، وامتداد نفوذ مليشيات طالبان وداعش.
ويضيف الخبير الفرنسي، لصحيفة "لوموند"، أن تلك الهجمات الإرهابية الدامية، جاءت نتيجة لتدهور الوضع المؤسسي والأمني في البلاد، منذ عدة سنوات.
ويرجع أسباب تدهور الوضع المؤسسي، إلى المرحلة التي أعقبت الانتخابات الرئاسية العام 2014، بعد إعلان فوز الرئيس أشرف غني، (الرئيس الحالي لأفغانستان) على منافسه عبدالله عبدالله، واتهام الأخير غني بتزوير الانتخابات، حيث اتفق المرشحان على إبرام اتفاق باقتسام السلطة بينهما وبموجبه يُعلن فوز غني بمنصب الرئاسة ويُسند لمنافسه عبدالله منصب "رئيس تنفيذي" الذي أسندت له صلاحيات واسعة وفقًا لبنود الاتفاق".
ومنذ ذلك الوقت، لم ينجح الرئيس أشرف غني في الإصلاحات المرجوة حتى أصبح رصيده السياسي صفرا، كما أن الصراعات بين غني وعبدالله، انعكست على إدارة البلاد، وأحدثت انقسامات واسعة.
وفيما يتعلق بالتدهور الأمني في البلاد، أرجع أستاذ العلوم السياسية، ذلك إلى عدة أسباب أهمها أن هناك جهات لا تزال تدعم حركة طالبان، ومن ثم فإن محاولات قوات التحالف والجيش الأفغاني غير فعالة في طرد تلك الميليشيات، وما زاد الوضع سوءاً وصول تنظيم "داعش" الإرهابي إلى أفغانستان منذ صيف 2014 ما أجج تدهور الوضع الأمني في البلاد.
والأمر الآخر فيما يتعلق بانهيار المؤسسة الأمنية، هو اختلال الجيش الأفغاني في عدة قطاعات، حيث يعاني من ضعف الكفاءات، والفساد في بعض القطاعات، وإساءة استغلال الموارد، لاسيما المساعدات الغربية، ما يجعل الخدمات اللوجستية سيئة، وفي بعض الأحيان كارثية.
وعلاوة على ذلك، انتشار الفساد في قطاع الشرطة وغياب التنسيق بين الجيش والشرطة في صد هجمات العصابات المسلحة.
ولفت الخبير الفرنسي، إلى أن طالبان التي تضم في صفوفها عشرات الآلاف تسيطر بشكل شبه كامل، على نحو ثلث المقاطعات الأفغانية، ويأتي تمويلها من أموال المخدرات، ومن الضرائب القسرية على المدنيين.
من جهة أخرى، فإن تنظيم "داعش" الإرهابي يسيطر على المقاطعات الشرقية لأفغانستان، كما يتمركز في بعض المناطق الشمالية للبلاد، ويأتي تمويله من تبرعات المهمشين من سكان البلاد.
ورغم أن حركة "طالبان" تعد الأقوى، إلا أنها تعجز عن إزاحة تنظيم "داعش"، الذي يزعزع استقرار أفغانستان بشن هجمات طائفية على الحدود الباكستانية الأفغانية، ما يولد توترات في المجتمع الأفغاني لاسيما في العاصمة كابول.
وعلاوة على ذلك فإن التنافس بين طالبان وداعش، يزيد من صعوبة المفاوضات المحتملة بين طالبان والحكومة الأفغانية، ما يؤدي إلى تكثيف هجمات كلا الفصيلين، للضغط على الحكومة الأفغانية.
السبب الثالث الذي أدى إلى الوضع الذي تعانيه أفغانستان في الوقت الراهن، هو فشل الاستراتيجية الأمريكية في القضاء على الجماعات الإرهابية المسلحة في البلاد، ما فاقم من حالة الفوضى.
كما أنه من المستحيل أن ترسل الإدارة الأمريكية الحالية مزيداً من القوات، حيث إن الرئيس دونالد ترامب، ورث حرباً خاسرة بالفعل، وهدفه في الوقت الراهن احتواء تمرد تلك التنظيمات لعدة سنوات، وهذا يتطلب إرادة سياسية ودبلوماسية، لتنسيق مفاوضات بين الحكومة الأفغانية وطالبان، بمشاركة باكستان للسيطرة على تلك الفوضى.