أفغانستان على حافة صراع أمريكي-إيراني-روسي جديد
أطراف الحرب الأفغانية التي اندلعت منذ مطلع الثمانينيات يعودون بقوتهم لتبادل الاتهامات لإعادة تقسيم مناطق النفوذ في البلد المنكوب
تتحضر الساحة الأفغانية لتعود مجددا في مقدمة محطات الصراع الدولي من بوابة تنظيم داعش الإرهابي، بعد الإعلان عن انتهاء التنظيم تقريبا في كل من سوريا والعراق.
ويتصدر أطراف المرحلة الجديدة من الصراع حول أفغانستان الولايات المتحدة وحليفها الناتو وروسيا وإيران وباكستان.
ويتهم كل طرف الآخر بأنه يدعم حركة طالبان أو تنظيم داعش لتبرير خلق موطأ قدم دائم له في البلد الذي مزقته سنوات الحرب الروسية- الأمريكية على أراضيه في الثمانينيات، ثم الحروب الأهلية والإرهابية منذ التسعينيات وحتى الآن.
التنافس الأمريكي-الإيراني
وفي هذا الصدد، جددت إيران على لسان مرشدها على خامنئي هجومها على الوجود الأمريكي في أفغانستان قائلا إن واشنطن تنقل إرهابيي داعش إليها لتبرير استمرار تواجدها هناك.
وأضاف خامنئي، الثلاثاء، أن بصمات داعش واضحة في الاغتيالات التي أودت بحياة مئات الأفغان خلال الأشهر الماضية، بحسب ما نقلته عنه وكالة "تسنيم" الإيرانية.
وعلى المنوال نفسه وفي اليوم ذاته، قال رئيس الجامعة العليا للدفاع الوطني الإيراني العميد أحمد وحيدي إن الأمريكيين ينوون بعد هزيمة داعش في سوريا والعراق، نقل عناصر التنظيم إلى أفغانستان وآسيا الوسطى.
وتشهد أفغانستان منذ منتصف العام الماضي وحتى الآن تصعيدا غير مسبوق منذ سنوات في أعمال العنف، بعضها استهدف مساجد وشيعة، وخاصة في ولاية وهرات غربي البلاد، وهو ما أعطى إيران مبررا جديدا للتدخل في الشأن الأفغاني تحت لافتة حماية الشيعة ومقدساتهم كما فعلت في سوريا والعراق.
وفي المقابل، اتهم زعيم الحزب الإسلامي الأفغاني، قلب الدين حكمتيار، إيران بأنها تعمل على نقل مقاتلي داعش عبر أراضيها إلى أفغانستان، بهدف تكرار لعبتها في العراق وسوريا، حين أرسلت مليشياتها للتوغل في البلدين تحت غطاء مكافحة الإرهاب.
كما اتهم إيران بأنها تتحالف مع باكستان والصين في جبهة جديدة لتعزيز نفوذهم في أفغانستان على حساب واشنطن.
وتقع أفغانستان شرق إيران وتربطهما حدود طويلة، وتعتبرها طهران عمقا استراتيجيا لها وبوابة على شرق ووسط آسيا.
كما تستغل الكثير من اللاجئين الأفغان، خاصة المنتمين للمذهب الشيعي، كمقاتلين في صفوف المليشيات الإيرانية التي تنشر الإرهاب والتدمير في سوريا والعراق، ومتوقع أن يكونوا سندا لها في أي شكل توجد به داخل أفغانستان مستقبلا.
الخلاف الأمريكي-الباكستاني
من ناحيتها اتهمت جريدة "نيويورك تايمز" الأمريكية إيران بدعم حركة طالبان لكسب مساحة من الأرض في أفغانستان.
وفي تقرير لها في أغسطس/آب الماضي، قالت إنها ساعدت طالبان في الهجوم الذي انتهى بسيطرة الحركة على مساحة جديدة في محافظة فرة الأفغانية، ووجد خلاله 4 جثث إيرانية، وتم نقل الجرحى الأفغان للعلاج في إيران المجاورة.
ولمَّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى تكثيف تدخل بلاده في أفغانستان بدعوته، السبت الماضي، للقيام بـ"عمل حاسم" ضد طالبان في أعقاب تفجير كابول الذي وقع في ذات اليوم وأودى بحياة 95 شخصا.
واعتبر أن هذا الهجوم قال ترامب، في بيان "هذا الهجوم الإجرامي يجدد عزمنا وعزم شركائنا الأفغان".
وسبق أن اتهم ترامب باكستان بدعم حركة طالبان الأفغانية، وندد بـ"أكاذيب" إسلام آباد و"ازدواجيتها" في مسألة مكافحة الإرهاب، متوعدا بتعليق مساعدات للحكومة الباكستانية تصل إلى ملياري دولار.
وردت باكستان على ذلك باستدعاء السفير الأمريكي، ديفيد هايل، مطلع يناير/كانون الأول الجاري لإبلاغه رفضها تصريحات ترامب، وقالت إنها قدمت الكثير للولايات المتحدة لتساعدها في القضاء على الإرهاب، ولم تجد سوى الذم وعدم الثقة.
الصراع الأمريكي- الروسي
وفي إطار الصراع القديم بين موسكو وواشنطن حول مناطق النفوذ في آسيا، اتهم وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ممولين خارجيين بتحويل شمال أفغانستان إلى قاعدة للإرهاب عبر إمداد المنطقة بآلاف الإرهابيين من عدة جنسيات لينضموا إلى داعش ليهددوا بلدان آسيا الوسطى المحاذية لروسيا.
وشمال أفغانستان محاذ للحدود مع دولتي أوزبكستان وتركمانستان الواقعتين في منطقة آسيا الوسطى بجنوب روسيا، التي تعتبرها موسكو منطقة نفوذ استراتيجي لها ولحدودها.
وفي كلمته التي ألقاها في جلسة مجلس الأمن الدولي الشهر الجاري لم يسمِ لافروف هؤلاء الممولين.
ولكن في يونيو/حزيران الماضي طلبت وزارة الخارجية الروسية من الغرب توضيحا على ظهور ما وصفتها بـ"الطائرات المجهولة" التي تدعم داعش في أفغانستان.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية ماريا زاخاروفا حينها إنه ورد في تقارير أن مروحيات لا تحمل أي علامات تنقل مسلحين من الجناح الأفغاني لداعش وأسلحة وذخيرة له.
كما نقلت المتحدثة عن النائب في البرلمان الأفغاني ظاهر قادر أن المروحيات المشار إليها تعود إلى القوات الأمريكية
في المقابل تتهم واشنطن موسكو بدعم حركة طالبان ضد الحكومة الأفغانية المؤيدة من أمريكا.
وفي فبراير/شباط الماضي قال قائد القوات الأمريكية في أفغانستان الجنرال جون نيكولسون إن روسيا تمنح طالبان "نفوذا ومشروعية" ما يتنافى مع خطط حلف شمال الأطلنطي "الناتو" في هذا البلد.
وفي مارس/آذار اتهم قائد قوات الناتو في أوروبا الجنرال كورتيس سكاباروتي في كلمته أمام الكونجرس الأمريكي موسكو بأنها "قد تكون" توفر إمدادات لطالبان.
وتنفي موسكو إمداد حركة طالبان بالأسلحة، وتبرر صلتها بالحركة بأنها لتعزيز مفاوضات السلام.
aXA6IDE4LjIyNC41NC42MSA= جزيرة ام اند امز