الذكاء الاصطناعي.. كيف يساعد شركات التأمين في مواجهة أزمة المناخ؟
مع كل عام، يصبح تحليل الصور أسرع وأرخص، مما يعني أن شركات التأمين يمكنها من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي، إنشاء مجموعات بيانات تسمح لها بالاستجابة بأكثر الطرق فاعلية للكوارث الطبيعية وتخصيص الموارد بأكثر الطرق كفاءة.
تداعيات أزمة تغير المناخ
اجتاحت أزمة المناخ جميع أنحاء العالم، حيث تسببت العواصف والفيضانات والحرائق في خسائر بقيمة 260 مليار دولار في عام 2022. وفي هذا الصدّد، صرح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأن الفيضانات وحالات الجفاف وموجات الحر والعواصف الشديدة وحرائق الغابات تسير من سيئ إلى أسوأ، وتحطم الأرقام القياسية بوتيرة مثيرة للقلق.' فعلى على سبيل المثال -في عام واحد- شهد عام 2022 وقوع 18 كارثة مرتبطة بالطقس في الولايات المتحدة، والتي تسببت في خسائر تزيد عن مليار دولار لكل منها. وامتدت هذه الكوارث من الجفاف إلى الفيضانات والعواصف الشديدة والأعاصير المدارية وحرائق الغابات والعواصف الشتوية.
هذا، وتحذر منظمة 'كلايميتوايز'Climatewise -وهي شبكة عالمية تتألف من 29 منظمة لصناعة التأمين- من أن التفاوت بين الأصول المؤمن عليها أو غير المؤمن عليها قد تضاعف أربع مرات على مدى السنوات الثلاثين الماضية، مما يشكل خطرًا كبيرًا على المجتمع. وتشير البيانات إلى أنه إذا تم التأمين على عدد أكبر من الأشخاص في وقت وقوع الكارثة، فإن التعافي يكون أسرع ويتم أخذ أموال أقل من دافعي الضرائب؛ حيث إنه ومع الخسائر على الأصول غير المؤمن عليها، تأتي فواتير كبيرة يجب على العملاء والشركات والحكومات تحملها.
هذا، ومن المتوقع أن تتجاوز المطالبات المتعلقة بالحوادث المتعلقة بالطقس 100 مليار دولار للعام الثالث على التوالي، مع تزايد تواتر الفيضانات والبرد وحرائق الغابات المرتبطة بتغير المناخ. وقدرت شركة ميونيخ ري إجمالي تكاليف التأمين العالمية لأحداث الكوارث الطبيعية في النصف الأول من عام 2023 بمبلغ 43 مليار دولار، في حين ربطتها شركة سويس ري بمبلغ 50 مليار دولار، وفقًا لتقرير صادر عن بلومبرغ للاستخبارات.
وكان أكثر من ثلثي الخسائر المؤمن عليها نتيجة للعواصف الرعدية الشديدة في الولايات المتحدة. ومن المرجح أن يتم تجاوز تلك الخسائر على الرغم من التأمين على 5 مليارات دولار فقط من أصل 40 مليار دولار من الأضرار الناجمة عن الحدث الأكثر تدميراً هذا العام - الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا وأودى بحياة ما يقدر بنحو 58 ألف شخص. وموسم الأعاصير الكامل في الولايات المتحدة، والذي يستمر حتى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني، لم يصل إلى نهايته بعد، بينما ذكرت شركة سويس ري في وقت سابق من هذا الشهر إنها شهدت بعض الخسائر التأمينية المحدودة المتعلقة بموجات الحرارة الصيفية في أوروبا والولايات المتحدة، والتي سوف سيتم احتسابها في نتائج الشوط الثاني.
ووفقًا لوكالة بلومبرغ للاستخبارات، بلغت خسائر التأمين ضد الكوارث الطبيعية 125 مليار دولار في عام 2022 مقارنة بمتوسط تكلفة قدره 81 مليار دولار على مدى السنوات العشر الماضية و110 مليارات دولار على مدى السنوات الخمس الماضية، وكلها بأسعار 2022 الثابتة. وتشمل سنوات الذروة للمطالبات عام 2017 (173 مليار دولار)، و2011 (158 مليار دولار)، و2005 (155 مليار دولار). — ومع ذلك، فإن ارتفاع المطالبات ليس بالضرورة خبرا سيئا لشركات التأمين؛ حيث ارتفع صافي دخل شركة Swiss Re في النصف الأول من العام، حيث قامت باحتواء خسائرها الناجمة عن الكوارث الطبيعية والكوارث الماضية مما أدى إلى زيادة الطلب على التغطية حتى مع رفع أسعار التأمين.
جدير بالكر، أن الذكاء الاصطناعي كان حليفًا لشركات التأمين في تضييق فجوة الحماية والبقاء في مواجهة التهديد المناخي.
الذكاء الاصطناعي أفضل صديق جديد لشركة التأمين
أحدث التقدم في الذكاء الاصطناعي -على وجه الخصوص- قفزة كبيرة إلى الأمام، وخاصة في مجال التحليلات التنبؤية لشركات التأمين. ونظرًا لأن الرؤية الحاسوبية قادرة على تحليل مجموعات أكبر من الصور أكثر من أي وقت مضى، فقد أصبح من الممكن الآن إنشاء واستخراج أنواع جديدة من السمات التي كان من المستحيل تتبعها في السابق. وهذا يعني أنه أصبح من الممكن فجأة عرض الصور الجوية على نطاق واسع. على سبيل المثال، يمكن لشركة التأمين الآن التقاط صور تاريخية منذ 20 عامًا وتحديد التغيير تلقائيًا. قد يكون القيام بذلك يدويًا مكلفًا للغاية، لكن الذكاء الاصطناعي يجعل هذا المستوى من التتبع ممكنًا لأول مرة.
فضلًا عن أنه لسنوات، كان الحصول على هذه المعلومات يتطلب من شركات التأمين إرسال مفتشين إلى العقارات السكنية أو التجارية. لكن اليوم، أصبح الوصول إلى المعلومات القيمة أمرًا رخيصًا وفوريًا. ويمكن للذكاء الاصطناعي أيضًا أن يجعل معالجة المطالبات أسرع وأسهل مع الحفاظ على الكفاءة والدقة. في الوقت الحالي، تستغرق معالجة الطلبات وتوزيع الشيكات أسابيع أو حتى أشهر، حيث تحتاج الفرق إلى فحص الأضرار فعليًا، وبدلاً من الاعتماد على فرق فردية للفحص المادي للأضرار التي لحقت بالممتلكات، يمكن لشركات التأمين استخدام الصور الجوية أو حتى لقطات من كاميرات الشوارع لتقييم الأضرار بعد الكارثة.
وباستخدام صور ما قبل الكارثة وما بعدها، يمكن لشركات التأمين، بمساعدة الذكاء الاصطناعي، فحص مدى الضرر الذي لحق بالممتلكات عن بعد وتحديد المطالبات المبالغ فيها. يمكنهم أيضًا تحديد ما إذا كان الضرر قد حدث بسبب حدث الطقس أو إذا كان موجودًا بالفعل في العقار. على سبيل المثال، يمكن لشركات التأمين الوصول إلى أدلة حول تآكل الخرسانة، أو الصدأ، مما يشير إلى أن الضرر كان موجود مسبقًا. وبالتالي، يمكن للذكاء الاصطناعي أتمتة العملية لمدة ساعات أو حتى دقائق، ومن ثَّم أصبح لدى شركات التأمين مزيد من المعلومات لتسعير الأقساط بشكل تنافسي. ويمكنهم أيضًا التواصل بشكل استباقي مع العملاء وإخبارهم بكيفية تقليل المخاطر.
هذا، بالنسبة لأولئك غير المؤمن عليهم أو المؤمن عليهم بشكل غير كاف، فإن انخفاض تكاليف المعاملات للتكنولوجيا الآلية يعني أيضًا أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يجعل التأمين ميسور التكلفة وسهل الاستخدام.
وعلى صعيد آخر، لدى شركات التأمين أيضًا الفرصة لمساعدة المجتمعات على الاستعداد للكوارث المناخية وتزويدها بشكل أفضل بالأدوات والمعرفة اللازمة للتطور مع أزمة تغير المناخ. وباستخدام البيانات المجمعة، تستطيع الشركات تقديم المشورة للمجتمعات ضد قرارات التخطيط السيئة، مثل إقامة المباني العالية بالقرب من مناطق الفيضانات الساحلية، أو من خلال تشجيع بناء بنية تحتية مرنة قادرة على التخفيف من ارتفاع مستويات سطح البحر. يمكن لشركات التأمين أيضًا الاتصال بأصحاب العقارات مباشرةً لإبلاغهم بالحالة الحالية لممتلكاتهم والمخاطر التي تواجهها.
- الرئيس التنفيذي لـ"AIQ" لـ"العين الإخبارية": الذكاء الاصطناعي مسار الإمارات لريادة اقتصاد المستقبل
- الذكاء الاصطناعي.. مفعول سحري مذهل في أسهم هذه الشركات
أهمية البيانات عالية الدقة
إن البيانات الموثوقة وعالية الجودة ستمنح شركات التأمين الميزة التنافسية التي تحتاجها للبقاء على قيد الحياة في ظل أزمة تغير المناخ. لن تكون جودة نماذج الذكاء الاصطناعي إلا بجودة البيانات التي تعمل عليها. إن أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تستخدم بيانات تاريخية قديمة، تُصبح غير مجهزة لمساعدة شركات التأمين في مواجهة التهديد المتطور باستمرار المتمثل في تغير المناخ. ولذلك فإن البيانات الدقيقة ضرورية لكي يعمل الذكاء الاصطناعي بفعالية وأن يكون دقيقًا بدرجة كافية لتستخدمها شركات التأمين. وبالتالي، فإن أحد أكبر الاتجاهات التي يمكن أن نتوقع رؤيتها هو الزيادة الكبيرة في دقة البيانات والتحرك نحو جعل البيانات أكثر دقة للسماح باتخاذ قرارات عمل أفضل في نهاية المطاف.
وهذا يعني دفعات أعلى لشركات التأمين، ومطالبات مختلفة مثل الأضرار التي لحقت بالممتلكات، وخسائر قد تصل إلى مليارات الدولارات. لذلك، من المهم أن تكون شركات التأمين على دراية بالمخاطر المحتملة المرتبطة بتغير المناخ وكيف يمكن أن تؤثر عليها.
التحديات التي تواجه صناعة التأمين في مواجهة تغير المناخ
إن التحديات التي تواجه صناعة التأمين في مواجهة تغير المناخ كبيرة. يواجه سكان فلوريدا -على سبيل المثال-ارتفاعًا متوقعًا بنسبة 40٪ في أقساط التأمين على الممتلكات هذا العام. وفي الوقت نفسه، توفر الابتكارات التكنولوجية بعض الأمل. ومن خلال سد فجوات البيانات باستخدام الذكاء الاصطناعي والصور الجوية، يمكن لشركات التأمين الاستمرار في حماية الأمريكيين من الاضطرار إلى دفع فاتورة تغير حياتهم بعد وقوع الكارثة.
aXA6IDE4LjIxOS4xNzYuMjE1IA== جزيرة ام اند امز