في يونيو من العام 2005، أراد أيمن الظواهري الرجل الثاني في قيادة تنظيم "القاعدة" آنذاك أن يقدم النصح إلى زعيم التنظيم في العراق في ذلك الوقت أبي مصعب الزرقاوي
في يونيو من العام 2005، أراد أيمن الظواهري الرجل الثاني في قيادة تنظيم "القاعدة" آنذاك أن يقدم النصح إلى زعيم التنظيم في العراق في ذلك الوقت أبي مصعب الزرقاوي، فبعث إليه برسالة جاء فيها قوله: "وتذكر دائماً يا أخي أن نصف معركتنا في الإعلام".
لم يكن من الممكن أن تنجح أنشطة الإرهابيين في تحقيق الفاعلية والاستدامة من دون دعم إعلامي، سبق أن وصفته مارجريت تاتشر رئيسة وزراء المملكة المتحدة في ثمانينيات القرن الفائت بأنه "أكسجين الإرهاب".
لقد وُفّقت السعودية والإمارات والبحرين ومصر في قرارها بحجب المواقع الإعلامية القطرية المسمومة التي وقفت ولا تزال في الصف الأول للدفاع عن الإرهاب والفوضى
لطالما لعب الإعلام دوراً كبيراً في تأجيج نزعات العنف والكراهية، وقد التفت الزعماء الفاشيون والعقائديون إلى أهميته مبكراً؛ إذ يقول هتلر في كتابه "كفاحي": "إن دور حاجز النار الذي تنفذه المدفعية، ستقوم به في المستقبل الدعاية، التي ستعمل على التحطيم المعنوي للخصم قبل أن تبدأ الجيوش عملها".
لم يكن للأعمال الإرهابية التي تضرب مناطق مختلفة في العالم أن تنجح في تهديد السلم العالمي من دون دعم صريح وواضح من شبكة "الجزيرة" الفضائية، التي عملت منذ انطلاقها على مناصرة العنف، وإشاعة الكراهية، وتأجيج نزعات التمرد، من خلال جهود إعلامية منسقة، توافرت لها موارد ضخمة وإمكانيات تقنية مبهرة.
يقول الكاتب الأمريكي فيليب سيب إن "الأساليب التقليدية لصنع السياسة الدولية قد تم تجاوزها بفعل تأثير الإعلام الجديد والبث الفضائي وأدوات أخرى عالية التقنية"، معتبراً أن "(الجزيرة) رمز لهذا العالم الجديد المتمركز حول الإعلام".
إذا كان العالم يعيش راهناً تحت وقع الضربات الإرهابية في أكثر من بقعة ساخنة، فإن الإعلام لعب دوراً مؤثراً في ذلك، و"الجزيرة" تأتي على رأس قائمة وسائل الإعلام التي تؤجج نزعات العنف والكراهية، ليس في منطقة الشرق الأوسط وحدها، ولكن في بقاع أخرى بعيدة أيضاً.
حين طوّرت قطر ذراعها الإعلامية النافذة "الجزيرة" في منتصف تسعينيات القرن الماضي، ظن البعض أنها سترفد الإعلام العربي والدولي بتجربة مهنية مثيرة، لكن سرعان ما ظهر أن تلك الشبكة التي تنفق بلا سقف، وتعمل بطموح لا حدود له، تتحول إلى منصة لبثّ رسائل الإرهابيين، وترويج ذرائعهم.
كانت اللقاءات مع قادة المنظمات الإرهابية تجد احتفاء كبيراً في برامج الشبكة، التي خصصت ساعات بث طويلة لإذاعة مشاهد العنف، وإثارة المشاعر، وتقصّي أسانيد الإرهابيين، وتمجيد أعمالهم.
لم يقتصر عمل "الجزيرة" على شاشة واحدة تبث منها تلك السموم، لكنها تطورت إلى حد التعملق، حين واصلت إطلاق القنوات، والمواقع الإلكترونية، والحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي.
أخضع الكثير من الباحثين المحتوى الذي تبثه "الجزيرة" للبحث والتحليل، وقد ظهر توافق كبير على أن تلك الوسيلة تمارس انحيازاً منهجياً في اختيارات القصص، وتأطيرها، وعرضها، بشكل يخدم أنشطة العنف والإرهاب.
وعبر جهود منسقة، ثبت لاحقاً أنها تخضع لإدارة مركزية، يتم ترويج تلك المواد الإثارية والتحريضية من خلال الوسائل المساعدة، التي تستخدم المحتوى نفسه، وتبذل جهوداً تقنية كبيرة في إعادة إنتاجه من خلال المنصات المختلفة.
لقد بات واضحاً لدى الكثيرين أن قطر تمول وتساند جماعات إرهابية في أكثر من بلد، وتوفر موارد ضخمة ودعماً سياسياً لأكثر من فصيل إجرامي، وهو أمر لم يكن لينجح ويتواصل من دون داعم إعلامي قوي ومؤثر أصبحنا نعرف أن اسمه "الجزيرة".
لقد وُفّقت السعودية والإمارات والبحرين ومصر في قرارها بحجب المواقع الإعلامية القطرية المسمومة التي وقفت ولا تزال في الصف الأول للدفاع عن الإرهاب والفوضى في مختلف بقاع الأرض، تنفيذاً والتزاماً بالأجندة الإيرانية التي تسعى إلى ضرب الأمن والاستقرار في منطقة الخليج العربي على وجه الخصوص والوطن العربي بشكل عام، وخير شاهد على ذلك ما تبثه قناة الفتنة والإرهاب وبشكل يومي من تحريض وأخبار ملفقة عن السعودية والإمارات والبحرين واليمن ومصر وليبيا.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة