تنازل عن استحقاق أم توريط للخصوم.. الصدر يتحرك في الوقت المميت
أجّج الزعيم العراقي مقتدى الصدر بإعلانه التنازل عن المشاركة في الحكومة المقبلة، الصراع السياسي الدائر منذ شهور نحو مسارات جديدة.
مسارات جديدة تحمل في طياتها الكثير من التناقض، تجمع ما بين الحلحلة، وتعقد الأزمة بين الفرقاء السياسيين في العراق، بشكل أكبر.
وجاءت تغريدة الصدر بعد تعثر مجلس النواب في عقد جلسة مكتملة النصاب القانوني في اختيار رئيس الجمهورية لأكثر من مرة، جراء الخلاف ما بين مشروعي الأغلبية الوطنية والتوافقية.
وكان الصدر قد طرح سابقاً عقب إعلان نتائج الانتخابات التشريعة موقفاً مشابهاً بإعطاء الفرصة لقوى الإطار التنسيقي لتشكيل الكتلة الأكبر، والمضي بتشكيل الحكومة خلال أربعين يوماً، إلا أنها لم تلقَ استجابة من قبل الفريق الآخر.
ويمضي الصدر مع حلفائه في "إنقاذ الوطن"، الذي يضم القوى السنية الأكبر والحزب الديمقراطي الكردستاني بالاقتراب من إمساك عصا الكتلة الأكبر وحصد رئاسة الوزراء.
وتباينت الآراء والمواقف السياسية إزاء تغريدة الصدر الأخيرة التي فهمها البعض تنازلاً للقوى الموالية لإيران، فيما يرى آخرون أنها أشبه برمي "كرة النار"، في ملعب "القوى الولائية".
وكان الصدر أعطى الضوء الأخضر لحلفائه في "إنقاذ الوطن" إلى الائتلاف والتوافق مع معسكر الإطار للاتفاق على رئيس الجمهورية شرط أن تتشكل "حكومة وطنية".
النائب السابق في برلمان كردستان، وعضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، عبدالسلام برواري، يشير إلى أن ذهاب البقية من تحالف إنقاذ وطن مع الإطار التنسيقي صعب جداً، في ظل الاتهامات التي وجهها الأخير لخصومه ضمن فريق الصدر.
ويوضح برواري، لـ"العين الإخبارية"، أن "قوى الإطار التنسيقي وصفت حلفاء الصدر من الكرد والسنة بالعملاء للغرب ولعدد من الدول الإقليمية، وبالتالي فإن توافقهم مع تلك القوى يفضح زيف ادعائهم ويسقطهم أمام جماهيرهم".
مهلة 40 يوما
وأمهل الصدر الذي أقصى كتلته من الاشتراك في تشكيل الحكومة المقبلة، القوى السياسية من الإطار والمتحالفين معها أربعين يوماً للانتهاء من انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة المقبلة.
وتقترب البلاد من الدخول في الفراغ الدستوري إذا ما تجاوزت الـ6 من أبريل/شباط الحالي، دون تمرير رئيس الجمهورية، ما قد يعيد المشهد إلى نقطة الصفر بحل البرلمان الحالي وتعيين موعد لانتخابات مبكرة جديدة.
وكان العراق قد أجرى انتخابات تشريعية مبكرة، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، استجابة لمطالب احتجاجية واسعة عمت أرجاء البلاد في خريف 2019، تنديداً بالمحاصصة والتوافق في تشكيل الحكومات المتعاقبة على إدارة الدولة ما بعد 2003.
ويحاول الإطار التنسيقي (القوى الولائية المقربة من إيران)، الضغط بورقة "الثلث المعطل"، على الصدر لإجبار الأخير على تشكيل الكتلة الأكبر بالتحالف معهم والمضي نحو حكومة توافقية يشترك فيها الفائز والخاسر.
الأكاديمي والمحلل السياسي، عبدالجبار أحمد، يرى أن "مبادرة الصدر تأتي في إطار تجاوز الانسداد السياسي وتغليب المصلحة العامة بإلقاء اللوم على الطرف المعطل وتعضيد موقفه الوطني أمام الشارع الجماهيري".
ويضيف أحمد، لـ"العين الإخبارية"، أن "دعوة الصدر جاءت مشروطة بحكومة أغلبية وطنية -وهو خلاف المشروع الذي يحمله الإطار التنسيقي- لتجنيب البلاد فشل سوء الإدارة الذي أصاب مؤسسات الدولة طيلة السنوات الماضية جراء التوافق والمحاصصة".
ويلفت أحمد إلى أن "هنالك جانبا آخر من ذلك التطور اللافت يدور بشأن مدى استعداد القوى السنية والحزب الديمقراطي الكردستاني بالتحالف مع الإطار التنسيقي وهو أمر مستبعد لطبيعة تعارض الرؤية في إدارة البلاد ما بين الفريقين".
ويعزز ذلك الرأي ما يذهب إليه المحلل السياسي نجم القصاب، الذي يرى أن " محمد الحلبوسي ومسعود البارزاني لديهما مشروع مشترك قد جمعهما بالصدر، وبالتالي فإن خيار الذهاب مع الإطار التنسيقي غير وارد وفق المعطيات الآنية".
ويحذر القصاب -خلال حديثه لـ"العين الإخبارية"- من أن "العودة إلى سيناريو التوافق والمحاصصة قد يعيد مشهد الأمس الذي أسقط حكومة عادل عبد المهدي ولكن سيكون وقعها هذه المرة بشكل أكبر وأقسى".
aXA6IDE4LjExOS4xMzMuMTM4IA==
جزيرة ام اند امز