أبرزها القمة العربية.. 4 رهانات دبلوماسية بأجندة الجزائر في 2022
حراك تغييرات شاملة ورهانات كبيرة تعيشها الجزائر على مختلف الأصعدة منذ 3 أعوام بعد سقوط النظام السابق.
مجابهة التحديات والتهديدات الأمنية المحيطة بالبلاد، ثم تجديد المؤسسات المنتخبة الموروثة عن عهد النظام السابق، إلى البحث عن حلول لإنعاش الاقتصاد، كل ذلك ميز الفترة الماضية، رغم أن بعضا منها لا يزال "التحدي المستمر".
بيد أن الأجندات الرئاسية بالجزائر توحي بـ"حراك دبلوماسي" ستشهده البلاد في 2022، وفق ما ذكره خبيران في تصريحات متفرقة لـ"العين الإخبارية".
الرهانات الـ4
وأشار الخبيران إلى الرهانات الأربعة التي تنتظر الجزائر خلال العام الحالي، على رأسها استضافة القمة العربية في مارس/آذار المقبل للمرة الرابعة في تاريخها، وبعد تأجيلها مرتين متتاليتين بسبب جائحة كورونا.
ويرى أحد الخبيرين أن انعقاد القمة العربية المقبلة سيكون أمام 3 سيناريوهات ستشكل تحديا كبيرا للدبلوماسية الجزائرية، خاصة بعد أن أكد الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون بأن بلاده تسعى لـ"قمة جامعة وشاملة".
أولها عقد القمة في موعدها المحدد في مارس، والسيناريو الثاني تأجيلها مرة أخرى لضمان التوافق العربي، حول عدد من القضايا الخلافية، أبرزها عودة سوريا إلى الجامعة العربية، بالإضافة إلى الخلاف الجزائري-المغربي الذي ألقى بظلاله كذلك على مجمل القضايا الخلافية على الصعيد العربي.
أما السيناريو الثالث -وفق الخبير الجزائري- فقد "يكون الأسوأ" بالنسبة للدبلوماسية الجزائرية وهو "نقل القمة العربية إلى بلد آخر بطلب من الجزائر"، في حال "استشعرت" الأخيرة وجود مؤشرات على فشل القمة، مثل استمرار رفض بعض الدول العربية عودة سوريا، خصوصاً أن الجزائر من رافع من أجل عودة دمشق إلى الجامعة العربية.
ويذهب بعض المراقبين إلى وضع السيناريو الثالث كخيار محتمل بعد أن اتبع الرئيس الجزائري تصريحه حول ضرورة نجاح القمة العربية بأن تكون "جامعة" أو أن يكون للجزائر "كلام آخر".
وفي تصريحات إعلامية أدلى بها في ديسمبر/كانون الأول الماضي، قال تبون: "نريد من القمة العربية المقبلة أن تكون قمة جامعة شاملة ولن نكرس التفرقة العربية، إما تكون قمة جامعة وإما سيكون لنا نظرة أخرى".
المصالحة الفلسطينية وأوراق الجزائر
الرهان الدبلوماسي الثاني الذي ينتظر الجزائر هو استضافة مؤتمر مصالحة للفصائل الفلسطينية، وسط تساؤلات عن الأوراق التي تملكها الجزائر لإحداث اختراق إيجابي في هذا الملف المعقد.
والرهان الدبلوماسي الثالث -حسب الخبيرين- هو "تفعيل الدبلوماسية الاقتصادية" للجزائر، خصوصاً في أفريقيا ومع الاتحاد الأوروبي، في محاولة للبحث عن أسواق جديدة للمنتجات الجزائرية لزيادة حجم الصادرات خارج قطاع المحروقات إلى نحو 10 مليارات دولار.
رهان رابع ذكره الخبيران الجزائريان، وهو قيام الرئيس الجزائري بجولات إلى عدة دول بعد عامين "من الاستقبال الداخلي" لرؤساء الدول، وكشف تبون في وقت سابق العام الماضي اعتزامه القيام بزيارات خارجية إلى روسيا والصين وإيطاليا وتركيا وألمانيا.
اختبار القمة العربية
الدكتور حسين قادري أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية أشار في حديث مع "العين الإخبارية" إلى جملة الرهانات الدبلوماسية وحتى تحدياتها التي تنتظر الجزائر في 2022.
وقال: "خلال العامين الماضيين اهتمت الجزائر بوضعها الداخلي وتبون تكلم في برنامجه الانتخابي عن أهمية الساحة الدولية وضرورة عودة مكانة الجزائر، وهذا الرجوع مرتبط أساساً هذا العام بالقمة العربية لكن في ظل وجود خلافات بين بعض الدول العربية، والمشكل يبدو من الآن في الاتفاق على بيانها (القمة) الختامي".
وذهب قادري أبعد من ذلك، عندما قال "إن هناك أطرافاً (لم يسمها) تسعى لإفشال القمة العربية، وفشلها يعني فشلا للدبلوماسية الجزائرية ولا أتوقع أن تحدث القمة العربية انتصارات كبيرة حتى في بيانها الختامي".
الزيارات الرئاسية
وأشار إلى أن من بين أهم الأجندات الدبلوماسية للجزائر "إمكانية قيام الرئيس تبون بزيارات خارجية، وكانت هناك انتقادات كبيرة في هذا الشأن، وحتى تكون لك مكانة دولية يجب عدم الاكتفاء بزيارات وزير الخارجية خاصة في ظل محدودية المكاسب التي استطاعت الخارجية تحقيقها".
وتابع قائلا: "على الجزائر أن تتحرك بوزنها وبرجلها الأول، وذلك يعني أنه يملك ملفات يستطيع من خلالها السير بدبلوماسية العصا والجزرة".
استعادة "الوجاهة" الدبلوماسية
أما الدكتور عبدالرحمن بن شريط فقط استشرف الرهانات الدبلوماسية التي تنتظر الجزائر في 2022، انطلاقاً مما اعتبره "تراجعاً لدبلوماسيتها منذ 4 عقود كاملة".
وأوضح في حديث مع "العين الإخبارية" أن الدبلوماسية الجزائرية "تراجعت منذ مدة، وتحديدا منذ رحيل الرئيس الأسبق هواري بومدين (1978)، وحجمها الدبلوماسي زاد تراجعاً بشكل كبير جدا خاصة خلال العشرية السوداء (تسعينيات القرن الماضي)، وحتى خلال مرحلة الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة".
وأرجع ذلك إلى أن الجزائر "انكفأت على نفسها وفي مشاكلها الداخلية، وهذا التقوقع كان في مصلحة العديد من الدول التي كانت تريد ألا تخرج الجزائر من صراعاتها وتمزقها الداخلي، وألا تسترجع تلك الوجاهة الدبلوماسية التي عرفتها في عصر بومدين".
وتابع قائلا: "لهذا أعتقد أن الجزائر عندما تعود في عهد تبون إلى سابق عهدها في الاهتمام أكثر بحضورها العالمي، خاصة في المنطقة في ظل التحديات الإقليمية الراهنة، أعتقد بأنها من خلال ذلك تسترجع تلك المكانة وتلك السمعة الطيبة التي كانت تتمتع بها من قبل".
ونبه إلى أن الجزائر تنتظرها في 2022 "ورشات دبلوماسية ضخمة جدا، الأولى هي العودة إلى العمق العربي والعمل على إيجاد حلول لتراجع الجامعة العربية، وحديثها عن رغبة في جمع الشمل العربي هي محاولة لإعادة ترتيب البيت العربي والاهتمام بالمشاكل الأساسية".
بالإضافة -يقول بن شريط- إلى "المشاكل في منطقة المغرب العربي، والأزمة الليبية التي لا تزال تراوح مكانها، والجزائر حريصة على حماية أمنها ليس من خلال حدودها المحلية فقط، ولكن بإعادة ترتيب الظروف المرتبطة بالامتداد الإقليمي للجزائر في عمقيها العربي والأفريقي ومنطقة الساحل من أجل التضييق على التغول الفرنسي في المنطقة".
ويرى الأكاديمي بن شريط أن "عودة الدبلوماسية الجزائرية أصبح يزعج العديد من القوى، والجزائر تعرف التحديات التي تنتظرها، والتضحيات التي يجب أن تقوم بها، وأعتقد أن الجزائر تملك الإمكانيات المادية والمعنوية من خلال تجربتها التاريخية والاحترام الدولي الذي يعتبر الجزائر لا تزال محتفظة بدبلوماسية أخلاقية وتحترم التشريعات الدولية وتلتزم بقوانين الأمم المتحدة".
وأضاف أن "هناك اهتماماً بالدبلوماسية الاقتصادية من خلال محاولة تلميع صورة الجزائر في الخارج لاسترجاع مكانتها التجارية داخل هذه الصراعات والتكتلات التي أصبحت تتنافس على أسواق جديدة".