الطاقة النظيفة.. حلم جزائري مؤجل وسط حزمة تحديات
تعكف الجزائر على تنفيذ حزمة مشروعات كبيرة للتوسع بالطاقات المتجددة بحلول عام 2030.
وبحسب دراسة حديثة صادرة عن مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، والذي يتخذ من أبوظبي مقرا لأنشطته، تهدف الجزائر لإنتاج ما لا يقل عن 22 ألف ميجاوات من الكهرباء عبر مصادر الطاقة المتجددة خلال السنوات العشر المقبلة.
من بين هذه الطاقات المستهدفة ما لا يقل عن 13.5 ألف ميجاوات من الطاقة الشمسية الكهروضوئية، أى أكثر من نصف الطاقات الإضافية المقررة.
- 40 مليار دولار استثمارات "سوناطراك" الجزائرية خلال 5 سنوات
- تراجع أسعار النفط يعصف بالجزائر.. كل الطرق تؤدي إلى الاستدانة
وأضافت الدراسة أن تحقيق هذه الخطة سيساهم بنسبة 27% من قدرات الطاقة الكهربائية بحلول عام 2030.
ووفق التقديرات الحكومية، يتراوح معدل الإشعاع الشمسي بالأراضي الجزائرية ما بين 2000 إلى 3900 ساعة سنويا، وما يعادلها بين 5.1 كيلووات في الساعة إلى 6.6 كيلو وات في الساعة، على نحو يجعل توليد الكهرباء عبر الطاقة الشمسية مجدياً من الناحية التجارية والاستثمارية.
ومن أبرز المشروعات الشمسية التي تعكف البلاد على تنفيذها مشروع "تافوك1"، الذي سيتألف من عدة محطات بقدرات 4 جيجاوات.
وبدأت السلطات بالفعل بالسنوات الأخيرة في تنفيذ بعض المشاريع ذات القدرات الإنتاجية المحدودة والمتوسطة في بعض أنحاء البلاد وبطاقة تقترب من 450 ميجاوات، كما تستهدف إضافة قدرات جديدة بنحو 1000 ميجاوات من الطاقة الشمسية قبل نهاية عام 2021.
عوامل التوسع في الطاقة المتجددة
لازالت الجزائر تعتمد بشكل مفرط على الوقود الأحفوري في تلبية احتياجات القطاعات الاقتصادية من الطاقة، وبساهم النفط والغاز الطبيعي بما نسبته 98.7% من إجمالي الاستهلاك الأوَلي للطاقة في البلاد في عام 2019.
ويعتمد قطاع الكهرباء والبالغ قدراته أكثر من 21 ألف ميجاواط سنويا، بنسبة لا تقل عن 95% على الوقود الأحفوري في تلبية احتياجاته من الطاقة، فيما تساهم الطاقة الشمسية والطاقة المائية وطاقة الرياح بالنسبة المتبقية.
ويتمثل التحدي الرئيسي بالنسبة للجزائر في أن الطلب المحلي على الكهرباء آخذ في الارتفاع في ظل النمو الاقتصادي والزيادة السكانية في البلاد.
وفي عام 2019، أنتجت الجزائر نحو 86.2 مليار متر مكعب، استحوذت السوق المحلية على قرابة 52% من هذا الحجم وبما قدره 45.2 مليار متر مكعب، ويمثل ذلك زيادة كبيرة من الاستهلاك البالغ 26.2 مليار متر مكعب في عام 2009.
وفي ضوء ذلك، فإن زيادة الطلب المحلي على الكهرباء، والحاجة لتقليل الانبعاثات الكربونية، يمثلان حافزا قويا للجزائر لتنويع مزيج الطاقة الكهربائية، وتعزيز الاعتماد على الطاقة المتجددة.
تحديات رئيسية
حدد مركز المستقبل في دراسته عدة تحديات تواجه الجزائر في تنفيذ خطة الطاقة المتجددة، إذ أوضحت أنه قبل عدة أعوام كانت بيئة الاستثمار غير ناضجة لحد بعيد، على نحو أدى إلى إحجام الشركات عن الاستثمار في البلاد، على الرغم من توقيع الحكومة عدة اتفاقات استثمارية أوّلية مع شركات كبرى مثل توتال الفرنسية" و"إيني" الإيطالية وغيرها.
وأضافت أن هذا الوضع دفع السلطات لإنشاء مكتب للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة في عام 2019 يسمى بـ"المحافظة للطاقات المتجددة والفعالية الطاقوية"، وهو مسئول عن تصميم الاستراتيجية المحلية لتطوير الطاقة المتجددة، ووضع السياسات اللازمة.
وفي العام نفسه أطلقت الجزائر أطلسا مكونا من 60 خريطة يحدد مواقع إمكانات الطاقة المتجددة في البلاد بما في ذلك الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الحرارية الأرضية وطاقة الكتلة الحيوية.
ورغم هذه التطورات الإيجابية، إلا أنه مع طرح لجنة تنظيم الكهرباء والغاز في عام 2019 مناقصة لتنفيذ مشروعات طاقة شمسية بقدرة 150 ميجاواط، لم يتأهل في ختام 8 شركات، وعرضت تنفيذ 50 ميجاواط فقط في منطقة بسكرة عند سعر 6.9 سنت/ كيلوواط في الساعة.
وتسلط النتائج المتواضعة للمناقصة السابقة الضوء على 4 تحديات تواجه مشروعات الطاقة المتجدد، حيث تفرض اشتراطات قواعد المناقصة قيودا تتعلق بهيكل ملكية وتمويل المشروع، من حيث ضرورة وجود مستثمر جزائري به، وتفضيل الحصول على تمويل من المؤسسات الجزائرية، بجانب اشتراطات محتوى المكون المحلي لتركيبات الألواح الشمسية.
وإلى جانب ما سبق، تبدو آليات مشاركة القطاع الخاص أو المستثمرين في مشروعات الطاقة المتجددة غير مشجعة، حيث تعتمد على المناقصات والعطاءات بصفة أساسية، وذلك بخلاف الممارسات المثلى في هذا المجال التي تكشف عن آليات متنوعة للمشاركة على غرار التشييد والتشغيل ونقل الملكية وتعريفات التغذية وغيرها.
وأكدت الدراسة أن البلاد بحاجة ملحة لتأسيس شراكات واسعة مع الشركاء الأجانب من الدول والمؤسسات الدولية ذات الخبرة في هذا المجال، ليس من أجل الاستفادة من خبراتها في الطاقة المتجددة فحسب، وإنما لتوفير التمويل للمشارع الكبيرة للطاقة الشمسية أيضا.
وأضافت أنه هذه الخطوة تخفف من حدة الضغوط المالية التي تتعرض لها الجزائر نتيجة تقلبات أسواق النفط والغاز في الفترة الأخيرة.
وشددjت الدراسة على أهمية مواصلة الحكومة تحرير أسعار النفط والغاز الطبيعي بالسوق، لكى تجعل أسعار الإنتاج من الطاقة الشمسية جاذبة وقادرة على المنافسة مع الوقود الأحفوري.