تراجع أسعار النفط يعصف بالجزائر.. كل الطرق تؤدي إلى الاستدانة
بعد كل الحلول المؤقتة، لا يوجد أمام الجزائر حل غير الاستدانة من الخارج بعد تراجع احتياطاتها من النقد الأجنبي.
وأكد خبراء الاقتصاد، أن اقتصاد الجزائر الذي يعتمد في عائداته الخارجية على النفط يحتاج إلى خطة إنقاذ لا خطة إنعاش، بعدما فقدت احتياطيات النقد الأجنبي 65% نتيجة تراجع أسعار النفط.
وبحسب الخبير الاقتصادي منصور قديدير، الأستاذ في المدرسة العليا للاقتصاد في وهران، فإن الجزائريين "يشعرون بمرارة" تباطؤ النشاط الاقتصادي والتجاري من خلال فقدان الوظائف وإغلاق المحال التجارية وتراجع دخل الأسر.
%90 من العائدات الخارجية
وحسب وكالة فرانس برس، يعاني أول اقتصاد في المغرب العربي من قلة التنوع واعتماده على ريع النفط، الذي يمثل أكثر من 90% من عائداته الخارجية، ما يجعله معرضا بشكل كبير للتقلبات في أسعار الأسواق العالمية التي تشهد انخفاضا منذ عام 2014.
عجز الموازنة الأعلى في المنطقة
وبسبب الأزمة الصحية، من المتوقع أن تشهد الجزائر ركودا بنسبة 5.2% في عام 2020، فضلاً عن عجز في الموازنة من بين أعلى المعدلات في المنطقة، حسب صندوق النقد الدولي.
وفي قانون المالية لعام 2021 (الموازنة العامة)، قدّرت الحكومة الجزائرية العجز عند 2700 مليار دينار (17.6 مليار يورو)، مقابل 2380 مليار دينار في 2020، أو ما يقرب من 14% من الناتج المحلي الإجمالي.
وأشار قديدير إلى أنه "من خلال رسم صورة قاتمة لمالية الدولة، لم يتمكن وزير المالية أيمن بن عبد الرحمن من تقديم آفاق للخروج من الأزمة، وهذا أمر مقلق".
وبالنسبة له فإن "الوضع لا يتطلب خطة إنعاش، لكن خطة إنقاذ للاقتصاد".
وقال "لا يمكن لأي مبادرة النجاح دون خلق مناخ من الثقة ورفع كل المعوقات".
انهيار الاحتياطيات
وينص قانون المالية لعام 2021، الذي لم يوقعه الرئيس عبد المجيد تبون الذي يتعافى في ألمانيا من إصابته بفيروس كورونا المستجد، على انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي إلى أقل من 47 مليار دولار في عام 2021، قبل الارتفاع التدريجي على مدار العامين التاليين.
وخلال الفترة بين 2014 و2019، تقلّصت هذه الاحتياطيات بنحو 65% حسب البنك المركزي.
ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى ما يقرب من 75% في عام 2021.
وقال منصور قديدير "كالعادة سوف نكرر نفس الممارسات: تخفيضات في الموازنة وقيود على الاستيراد وتجميد المشاريع الكبرى، إلخ.".
وأضاف أنّ هذه الإجراءات "يمكن في أحسن الأحوال أن تؤخر بروز الأزمة، ولكن لبعض الوقت فقط.. ولن يكون لها تأثير بدون إصلاح هيكلي للاقتصاد".
حل حتمي
واستبعد الرئيس تبون بشكل قاطع اللجوء للاستدانة من صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي باسم "السيادة الوطنية"، مذكرا بالتجربة السيئة للبلد الذي كان مديونا للصندوق في عام 1994.
ولكن الجزائر استنفدت الآن كل الاحتمالات المتاحة لتمويل العجز، بما في ذلك طباعة النقود.
وحذّر الخبير الاقتصادي محفوظ الكوابي في مقابلة مع صحيفة الوطن الناطقة بالفرنسية، بأن اللجوء إلى التمويل الخارجي سيكون "حتميا خلال 18 شهرا".
وقام وفد من صندوق النقد الدولي بمهمة "افتراضية" في نوفمبر/تشرين الثاني، الماضي "لتحسين إطار الاقتصاد الكلي ومناقشة الآفاق والأولويات بالنسبة للجزائر"، حسب وزارة المالية الجزائرية.
وبحث الطرفان "الوسائل التي يجب اعتمادها من أجل احتواء العجز في الميزانية وتحفيز النمو وترقية تنويع الاقتصاد الوطني".
"تجميد" مشاريع
من جهته أوضح الخبير الاقتصادي رابح رغيس، أنه من أجل خفض الإنفاق العام في الموازنة، اضطرت شركة النفط العملاقة "سوناطراك" إلى "تقليص نفقاتها واستثماراتها من 14 مليار دولار إلى 7 مليارات دولار من أجل الحفاظ على احتياطات النقد الأجنبي".
وقال إنه "نتيجة لذلك، تم تأجيل العديد من المشاريع وتأثر نشاط الحفر"، الأمر الذي قد "يجبر" سوناطراك على تحمل الديون لإنهاء العام وامتصاص العجز.
وأكد مصدر في وزارة الطاقة أن "تجميد" المشاريع وخفض مصاريف التشغيل والصيانة للمنشآت وخفض اليد العاملة بسبب الوباء، له تأثير سلبي على الإنتاج.
ورأى قديدير أن "أغرب شيء في السياسة الحالية هو أننا ما زلنا نعتمد على ارتفاع أسعار النفط لتمويل الموازنة في حين أن مستوى إنتاج المحروقات آخذ في الانخفاض".
aXA6IDE4LjIyNC41OS4xMzgg جزيرة ام اند امز