"تصفية حسابات".. تبون يتهم رجال أعمال بوتفليقة
تبون يأمر الأجهزة الأمنية والقضائية بعدم الاعتماد على رسائل التبليغ المجهولة عن الفساد، ويتهم أصحاب المال الفاسد بالوقوف وراءها
قرر الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، الجمعة، وقف العمل برسائل التبليغ المجهولة عن الفساد، وأخطر الأجهزة الأمنية والقضائية بـ"عدم الاعتداد بها في الملاحقات القضائية".
واتهم تبون "ضمنياً" رموز نظام الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة من رجال الأعمال بالوقوف وراء تلك الرسائل واصفاً إياهم بـ"الأطراف التي تحركها نوايا سيئة".
- إقالة 127 مسؤولا إداريا بالجزائر تحسبا لـ"ثورة مضادة"
- تبون "يُبعد" 5 من سفراء بوتفليقة.. ضخ دماء جديدة
وأشار تبون في السياق إلى وقوف "أصحاب المال الفاسد وراء شائعات تغذي هذا الجو العكر، وغايتهم المساس بأي ثمن كان، باستقرار الدولة وهياكلها والإفلات من مصيرهم المحتوم".
وأصدرت الرئاسة الجزائرية بياناً، حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه، أوضح من خلاله جملة من الأسباب التي دفعت إلى إلغاء عمل الأمن والقضاء برسائل التبليغ المجهولة عن الفساد.
وركزت الرئاسة على ثبوت عدم صحة ما ورد في تلك الرسائل، وأشارت إلى أن "التقارير الواردة إلى رئاسة الجمهورية أبرزت بأن عددا من إطارات الدولة والمسؤولين على مختلف المستويات تمت متابعتهم قضائياً بناء على مجرد رسائل مجهولة، غالباً ما كانت عارية من الصحة وأدى ذلك إلى حرمان عدد من هؤلاء من حريتهم".
أما السبب الثاني فيتعلق بالشلل الذي أصاب مشاريع تنموية نتيجة خشية المشرفين عليها من "رسائل كيدية" بشبهات فساد وفق بيان الرئاسة.
وأوضح أن "ذلك أدى إلى حالة من الشلل في نشاطات الإدارات والمؤسسات العمومية (الحكومية) بسبب الخوف والخشية من الوقوع تحت طائلة المتابعة بناء على مجرد رسائل مجهولة".
مضيفاً أن "عددا من المسؤولين الآخرين أصبحوا يقتصرون على الحد الأدنى من التزاماتهم ويمتنعون عن أي مبادرة، مما أسفر عن تأجيل معالجة ملفات هامة تكتسي أحياناً الطابع الاستعجالي إلى تواريخ لاحقة، متسببة في إلحاق أضرار بليغة بسير هذه المؤسسات".
ودعت الرئاسة الجزائرية إلى ضرورة التمييز بين ما أسمته "الأفعال التي خلفت خسائر اقتصادية ومالية للدولة بهدف منح امتيازات غير مستحقة للغير"، في إشارة إلى رموز نظام بوتفليقة المدانين بأحكام بالسجن تراوحت بين 3 سنوات سجناً و49 عاماً.
وبين "الأعمال الناجمة عن عدم الكفاءة أو سوء التقدير رغم طابعها المدان، والتي لا تنم عن أي نية أو إرادة للفساد الإيجابي أو السلبي" وفق البيان ذاته.
وطالبت الرئاسة من الأجهزة الأمنية والقضائية من الجزائريين "التبليغ عن الفساد إلى الأجهزة المختصة مقابل حمايته أمنياً وقضائياً، وأمر تلك الأجهزة "بعدم أخذ رسائل التبليغ المجهولة بعين الاعتبار من الآن فصاعداً".
ومنذ مارس/آذار 2019، فتحت الأجهزة الأمنية والقضائية بالجزائر ملفات فساد أركان نظام بوتفليقة، وتسارعت وتيرتها بشكل غير مسبوق، وتمت إدانة أكثر من 40 مسؤولا سياسيا وأمنيا وإداريا بالسجن ومصادرة الأملاك.
فيما تتواصل محاكمات شخصيات أخرى بارزة من وزراء سابقين ورجال أعمال في قضايا فساد، وسط تحرك رسمي لاستعادة الأموال المنهوبة من بعض الدول بينها فرنسا بعد صدور الأحكام القضائية النهائية.
قرار قانوني
وفي تعليقه على القرار، قال العضو السابق في المجلس الدستوري والمحكمة العليا بالجزائر الدكتور عامر رخيلة إن "الرسائل المجهولة لا يعتد بها في القانون الجزائري، خصوصاً أن كثيراً منها كان بها تضليل كبير ومتعمد لجهات التحقيق، والقانون يشترط أن يكون التبليغ عن حادثة باسم المخبر عنها وبمحضر أمني ويعتبر بعدها كشاهد".
وأوضح في تصريح لـ"العين الإخبارية" إلى أن "حوادث كثيرة تعرض خلالها المبلغون عن الفساد لكثير من التضييق والتهديد، أو عدم متابعة المتهمين قضائياً، لهذا لجأ الكثير منهم إلى الرسائل المجهولة".
ضمانات غير كافية
غير أنه تحدث عن "عدم وجود ضمانات كافية لحماية المبلغين عن الفساد، على الرغم من أن النصوص القانونية تعطي له كافة الضمانات من الجهات الأمنية والقضائية، والأمر وصل إلى متابعات قضائية ضد المبلغين عن الفساد خصوصاً بالمؤسسات الاقتصادية في جرائم اقتصادية، وصاروا متهمين بالتبليغ الكاذب".
ويرى الخبير القانوني والدستوري أن إلغاء العمل برسائل التبليغ المجهولة عن الفساد "لن يخدم محاربة الجريمة الاقتصادية والتجاوزات والتعسف الإداري، لأن السلطات الأمنية والقضائية ستفقد مصدراً مهماً من مصادر الإخطار والإشعار بالفساد".
وأكد أن خطوة الرئيس تبون تأتي في إطار "حماية الإجراءات وتخدم العدالة"، لكنه حذر في المقابل "من نتائجها العكسية قد تستغلها أطراف وتشجعهم على مواصلة التجاوزات، ولا يُنصح بأن يتحول القرار إلى نص قانوني يحرم التعامل بالرسائل المجهولة".
مضيفاً أن "هناك رسائل مجهولة تكون في مصلحة الأمن العام للدولة ومهمة جدا، لأن المواطن يتحمل مسؤولياته المدنية يرى فيها حماية لأمن بلده، لكنه يتفادى إجراءات التحقيق الأمني والقضائي بأن يلجأ إلى رسالة مجهولة أو مكالمة هاتفية من مجهول، وبالتالي فإن ضرر منعها أكثر من نفعها".
aXA6IDMuMTQ5LjIzOS43OSA= جزيرة ام اند امز