مصادر جزائرية لـ"العين الإخبارية": التحقيق مع مسؤولين رفيعي المستوى بتهم فساد
مصادر جزائرية كشفت أن التحقيقات الحالية مع رجال أعمال ومسؤولين سابقين "ما هي إلا بداية لقائمة طويلة من مسؤولين سابقين وحاليين".
علمت "العين الإخبارية" من مصادر جزائرية "مطلعة ومسؤولة" أن الأيام المقبلة "ستشهد زلزالاً سياسياً مرتبطاً بتحقيقات موسعة في قضايا فساد مع رؤوس وأسماء كبيرة".
وكشفت المصادر أن التحقيقات الحالية مع رجال أعمال ومسؤولين سابقين "ما هي إلا بداية لقائمة طويلة من مسؤولين سابقين وحاليين، بعضهم سيتم إلقاء القبض عليهم، وآخرون سيتلقون استدعاءات من القضاء ومن الأمن الجزائريين، وكل من في القائمة صدرت أوامر بمنعهم من السفر خارج الجزائر".
- توقيف أغنى رجلي أعمال بالجزائر واستدعاء أويحيى بتهم فساد
- استدعاء رئيس الوزراء السابق بالجزائر ووزير المالية للتحقيق بقضايا فساد
وذكرت المصادر ذاتها لـ"العين الإخبارية" أن الأمر يتعلق "بمسؤولين رفيعي المستوى سابقين وحاليين وأبنائهم، ومسؤولين في أحزاب سياسية، ورؤساء حكومات ووزراء ورؤساء أحزاب سابقين وحاليين، ومسؤولي وسائل إعلام".
وعن أسباب الحملة الموسعة الأولى من نوعها بهذا الشكل في الجزائر، أكدت المصادر المطلعة أن "الأمر متعلق بتحقيقات سابقة وملفات فساد تؤكد تورط عدد من المسؤولين، وأن الهدف من ذلك هو القضاء على شبكة الفساد الكبيرة المتغلغلة في البلاد".
ويتضح من "شبكة الفساد الكبيرة في الجزائر" ارتباطها الوثيق بـ"محيط الرئيس المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة" وبما يُعرف في الجزائر بـ"الدولة العميقة"، وهي الجهات التي أسماها قائد أركان الجيش الجزائري في وقت سابق بـ"العصابة المتحكمة في الجزائر".
وأشارت المصادر إلى أن "تحالف الجهتين والتقاء مصالحهما في العامين الأخيرين بات أكبر خطر يواجه الجزائر، خاصة في ظل ارتباطها بأطراف خارجية حاولت حمايتها".
وشهدت الجزائر في الأسابيع الأخيرة موجة اعتقالات وتحقيقات مع رجال أعمال حول شبهات فساد، بدأت برجل الأعمال علي حداد، المعروف بقربه من السعيد بوتفليقة، الشقيق الأصغر للرئيس الجزائري المستقيل، والموجود حالياً بسجن الحراش في العاصمة الجزائرية.
كما أصدر القضاء الجزائري أوامر بمنع عدد كبير من رجال الأعمال من مغادرة البلاد، وقرر فتح تحقيق معهم حول "مصدر ثرواتهم وتضخيم فواتير الاستيراد وتهريب الأموال خارج الجزائر".
وفي سابقة هي الأولى من نوعها، استدعى الدرك الجزائري رئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى، ووزير المالية الحالي محمد لوكال، باعتباره محافظ بنك الجزائر السابق، للتحقيق معهما في "قضايا فساد تتعلق بتبديد المال العام وامتيازات غير مشروعة".
وألقت قوات الدرك الجزائرية القبض على أغنى رجال الأعمال في الجزائر، وهم يسعد ربراب، وعائلة رجل الأعمال كونيناف المعروفة بقربها من شقيق الرئيس الجزائري المستقيل السعيد بوتفليقة.
وذكر التلفزيون الجزائري الرسمي، الإثنين، أن رجل الأعمال ربراب (ثروته تقدر بنحو 3 مليارات دولار) يواجه تهماً تتعلق بـ"التصريح الكاذب المتعلق بحركة رؤوس الأموال من وإلى خارج الجزائر، وفواتير استيراد تجهيزات، واستيراد عتاد مستعمل وحصوله على امتيازات جمركية".
كما ألقى الدرك الجزائري القبض على رجل الأعمال رضا كونيناف مع أشقائه عبدالقادر وعبدالكريم وطارق، وذلك بعد أسبوعين من صدور أمر قضائي بمنعهم من السفر وفتح تحقيق قضائي في مصدر ثروة العائلة التي تعتبر من أغنى العائلات في الجزائر.
ونفى ربراب عبر صفحته الخاصة على "تويتر" التهم الموجهة له، وقال في تغريدته: "في إطار العراقيل التي يتعرض لها مشروع إيفكون، توجهت من جديد هذا الصباح إلى فصيلة الدرك بباب جديد، سنواصل دراسة قضية المعدات المحجوزة في ميناء الجزائر منذ 2018".
وتتزامن التطورات الأخيرة التي فرضها الحراك الشعبي، الذي أسقط حكم عبدالعزيز بوتفليقة للجزائر، مع مواقف المؤسسة العسكرية الجزائرية التي أعلنت "حرباً على رموز الفساد" في البلاد.
ودعا الأسبوع الماضي قائد أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح، القضاء الجزائري لـ"الإسراع في محاسبة المتورطين في قضايا الفساد" خاصة أولئك "الذين استفادوا من "قروض بالمليارات بغير وجه حق وألحقوا الضرر بخزينة الدولة واختلاس أموال الشعب".
الجيش ينفذ تعهداته
وفي تصريح لـ"العين الإخبارية"، يرى المحلل السياسي الدكتور عبدالرحمن بن شريط أن "السياسات القانونية والردعية الحالية للفساد هي نتيجة طبيعية لموجة الحراك الشعبي السلمي للشعب الجزائري".
وأضاف أن "كل مشاكل الجزائر أسبابها سياسة الترقيع واستعمال أساليب وسياسات ارتجالية في الماضي".
وأوضح أن "هناك تقارباً بين المؤسسة العسكرية في الجزائر والإرادة الشعبية، خاصة عندما استعملت عبارة المرافقة، والحراك الشعبي يعتبر المؤسسة العسكرية هي المؤتمن الوحيد على مستقبله ومستقبل الجزائر، والقرارات الأخيرة مستمدة من الإرادة الشعبية ومن تفعيل المواد 102 و7 و8 من الدستور الجزائري، من خلال الانقضاض على الأسماء الكبيرة والمعروفة التي استفزت المجتمع الجزائري".
كما أكد أستاذ الفلسفة السياسية في جامعة الجزائر أن "قائد الأركان الجزائري يريد التغيير بالفعل، ونستبشر به خيراً، ولا ننسى أنه من الرعيل الأول للثورة الجزائرية ومن قدماء المحاربين ومن الأسرة الثورية".
المحلل السياسي الدكتور حسين قادري قدّم قراءة للحملة الواسعة التي تقودها السلطات الجزائرية حول قضايا الفساد، وقال إن "الجزائر دخلت في مرحلة حقيقية لمحاربة الفساد".
وأوضح أن "المؤسسة العسكرية الجزائرية لديها انحياز كلي ليس للحراك فقط بل للجزائر ككل ولمصيرها، وهناك نوع من الوفاء لدماء الشهداء ولتطلع الشعب الجزائري لبناء جزائر كما تمناها شهداء الثورة التحريرية".
وتابع قائلاً: "ومن ثمة نستطيع القول إننا أمام الإطاحة برأس وراء رأس والجميع سواسية أمام القانون، بمن كان رئيساً ونائباً وكل متسبب في نهب أموال الشعب، ولا حدود للمحاسبة والمساءلة، وهذا ما عبرت عنه الإجراءات الأخيرة خلال هذا الأسبوع، والقيادة العسكرية عندها استعداد للذهاب إلى أبعد الحدود في محاربة الفساد".
aXA6IDMuMTYuNDcuODkg جزيرة ام اند امز