وزير الثقافة الجزائري لـ"العين": سنستقدم خبراء مصريين لكشف أسرار أهراماتنا
عز الدين ميهوبي، وزير الثقافة الجزائري والكاتب والروائي المعروف، اختار بوابة "العين" الإخبارية؛ لإجراء أول لقاء صحفي له عقب إسدال الستار على طبعة هذا العام للصالون الدولي للكتاب.
اختار عز الدين ميهوبي، وزير الثقافة الجزائري والكاتب والروائي المعروف، بوابة "العين" الإخبارية؛ لإجراء أول لقاء صحفي له عقب إسدال الستار على طبعة هذا العام للصالون الدولي للكتاب. الوزير ميهوبي تحدث عن رؤيته للتبادل الثقافي بين الدول العربية، وأهداف افتتاح الجناح الجزائري في القرية العالمية بدبي، وكشف للمرة الأولى عن استقدام خبراء مصريين لاكتشاف أسرار الأهرامات الجزائرية، كما أجاب أيضا عما يثار عن التنافس الجزائري المغربي لتصنيف أغنية "الراي" في اليونيسكو، بالإضافة لموضوعات أخرى.. فإلى نص الحوار..
* باتت الجزائر تجلب الأنظار عربيا عبر العديد من التظاهرات الثقافية والفنية. كيف تقيمون مستوى التبادل الثقافي بين الجزائر والدول العربية الأخرى؟
هناك مستويات عديدة للتبادل الثقافي بين البلدان العربية، وفي اعتقادي فإن المستوى الرسمي من التبادل لم يصل بعد إلى السقف الذي تقتضيه العلاقات الثقافية بين الجزائر والبلدان العربية، وربما بين عديد البلدان العربية فيما بينها، فالتقارب والتمازج والتفاعل الثقافي بيننا يعود إلى عقود عديدة، ولا يزال مستمرا ومتواصلا في المستقبل، لكننا نسعى اليوم إلى خلق مناخ ثقافيّ متفاعل ومتكامل بالتنسيق مع مختلف المؤسسات الثقافية العربية، يسمح للفكر والثقافة العربيتين أن تتقدما خطواتٍ مهمة إلى الأمام، وفي اعتقادنا أنّه ما لم نسرع إلى خلق هذا المناخ الجديد المتفتح على كل الاختلافات والتنوع فإنّنا قد نجدُ أنفسنا أمام بيئة لا تناسب تطلعاتنا وأهدافنا.
وفي واقع الأمر، فإنّ التبادل الثقافي بيننا يعتمدُ أساسا على تثمين التنوع الثقافي والتاريخي وأشكال التعبير الفني المختلفة، ومن الجميل جدّا أن يتشكل هذا المناخ الثقافيّ الجديد ليؤكد العمق الثقافي المتمايز لكلّ بلد على حدة، ويسهم في تحفيز العقل العربي على إنتاجٍ أدبي وفنيّ أكثرَ فاعلية وحسما في مختلف القضايا الفكرية التي تؤرق الفرد العربي، وإننا في الجزائر لن ندّخر أي جهدٍ في تقديم الإضافة اللازمة لأشقائنا في الوطن العربيّ، ونؤكد وقوفنا إلى جانبهم ضدّ مختلف أشكال التطرف والعنف التي نتجت عن غفلةٍ وغفوةٍ من المثقف العربيّ الذي يجب أن يظل مستيقظًا للحفاظ على ذاكرة الأمّة وكينونتها.
* وماذا عن العلاقات الثقافية الجزائرية الإماراتية خاصة مع قرب افتتاح جناح الجزائر بالقرية العالمية في دبي؟
- نحن في الجزائر ننظر إلى تجربة هذا البلد الثقافية باحترام كبير، وهناك تفاعل ثقافي حقيقي ويومي بين البلدين، نسعى لأن نؤكده ونثمنه من خلال محطّات ثقافية رسمية على مدار السنة، على غرار الحدث الذي أشرتم إليه وهو افتتاح جناح الجزائر بالقرية العالمية في دبي بعد أسابيع، فالإمارات اليوم بلد منفتح على كل الثقافات والحضارات الإنسانية، وهي بلا شك تشكل منطقة استقطاب ثقافي بامتياز، وإن وجود جناح للجزائر بهذه القرية سيكون مدعاة للفخر والاعتزاز، يسمح بعرض المنتوج الجزائري المتميز.
* كيف تلقيت خبر فوز الطفل الجزائري محمد فرح بجائزة تحدي القراءة في دبي؟
ليس غريبا أن يظهر في الجزائر محمد فرح، أو أمثاله، فالجزائر ولود دائما، إذ أنها قدمت أول روائي في التاريخ وهو أبوليوس المداري، وقدمت القديس أوغستين المجدد في المسيحية، وقبله الأب دونا الموحّد في هذه الديانة، وبعدهم جاء كثير من النوابغ أبرزهم إبن معطي الزواوي صاحب الألفية السابقة لابن مالك.
أعتقد أن ما ورد في كلمة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للطفل النابغة محمد فرح لهو أكثر من رسالة لأي طفل، بقوله "تلقّيتُ بسعادة كبيرة خبر فوزك بالمرتبة الأولى في مسابقة تحدّي القراءة العربيّ، والمنظم من قبل دولة الإمارات العربية الشقيقة.. إنك لم تعد محلّ فخر والديك قط، بلْ إنّكَ فخر الجزائر كلّها، كيف لا وقدْ نبغتَ فأبدعت، وبرعت فأبهرت، وقرأتَ فكتبتَ واستكتبت.." هي تهنئة، تغني عن أي تعليق.
* أصبح الصالون الدولي للكتاب في الجزائر يحتل مكانة مهمة في المشهد الثقافي الجزائري والعربي.. ما تقييمكم وانطباعاتكم حول دورة هذا العام؟
- لن أبالغ إن قلت إنّ المعرض الدولي للكتاب الذي استقطب قرابة المليوني زائر يعتبر من أبرز الأحداث الثقافية في العالم العربي وحوض البحر الأبيض المتوسط، وهو يؤكد بما لا يدع مجالا للشكّ -ورغم ابتعادنا عن معدلات القراءة العالمية- يعدّ مؤشرا كبيرا يجعلنا نتفاءل بأنّ القارئ الجزائري خصوصا والعربي عموما لم يفقد علاقته بالقراءة كسلوك حضاري واع ومسؤول، بلْ دعني أقُل إنّه وبالرغم من المنافسة القوية للكتاب الورقي من قبل الوسائط التكنولوجية الجديدة، فإن مثل هذا الحدث يجعلنا متفائلين بِرَهاننا على سوق النشر التي نسعى لتنظيمها في الجزائر، ليس في الجزائر فقط بل بين مختلف البلدان العربية التي علينا أن نفكّر جديا في سبل جديدة تضمن حركة مرنة للكتاب لدى القارئ العربيّ داخل هذه البلدان، وتعزز قيمة التنمية الثقافية في مجتمعاتنا، كون الثقافة تبقى القوة الناعمة التي تعتمد عليها الشعوب في الحفاظ على هويتها ووجودها.
* باعتباركم روائيا إلى جانب منصبكم السياسي كوزير.. ما هي أهم الروايات التي لفتت انتباهكم في هذا المعرض سواء من الروائيين الجزائريين أو العرب؟
- سجلنا وجود أكثر من سبعين رواية جديدة للناشرين الجزائريين، وخاصة تلك التي شكلت باكورة أعمال عديد الشباب، فضلا عن الأسماء المعروفة في الساحة من أمثال واسيني والراوي وبوطاجين ومفتي وكاديك وغيرهم..
* شد المتابعين الإقبال الجماهيري الواسع على روايات أحلام مستغانمي بالتحديد.. ما تفسيركم لهذه الظاهرة؟
- الإقبال الجماهيري على أعمال أحلام مستغانمي ليس جديدا، فهي تحظى بإعجاب واهتمام الآلاف أينما حلّت، حتى في معارض خارج العالم العربي تظلّ صانعة للحدث، وفي اعتقادي أنّ هذا الأمر أصبح عاديا جدا مع أحلام، فالقارئ الجزائريّ ذكيّ ويدرك المستوى الفني الكبير للكاتبة أحلام مستغانمي، ومن حقنا الاعتزاز بهذه الأيقونة التي نهنئ أنفسنا والعرب باختيارها سفيرة للسلام لدى اليونيسكو، وترجمة أعمالها من قبل أهم دور النشر الإنجليزية، واختيارها لتكون صاحبة الكلمة الأولى في ذكرى وفاة شكسبير. أحلام شكرًا لما قدمت وتقدمين..
* ثمة توجس في الجزائر من انتشار أفكار تدعو لاعتناق مذاهب أو الانتماء لطوائف غريبة عن المجتمع الجزائري.. إلى أي مدى تساهم الكتب في انتشار هذه الأفكار؟ وهل الرقابة والمنع هي الإجراء المناسب في ظل العولمة واندثار الحدود الثقافية بين الدول؟
- أؤكد لكم أنّ الجزائر بلد يحمي الحريات الدينية والفكرية والعقدية، والدستور الجزائريّ يؤكد بما لا يدع مجالا للشكّ هذا الحقّ في الاختلاف والتنوّع، لكننا في الوقت نفسه نرفضُ التطرف تحتَ أيّ مسمى أو عنوان، هناك مؤسسات دينية رسمية في الجزائر لا يمكنُ تجاوزها ولا أعتقد أنه من المقبول أنْ تكون هناك طوائف وجماعات غريبة عن الجسد الجزائري خارجَ هذه المؤسسات الدينية.
وأعتقد أن الدكتور محمد عيسى وزير الشؤون الدينية والأوقاف نبّه الى هذا في مناسبات عديدة. نحن نقبلُ بالتعايش مع مختلف الأديان، لكننا لن نسمح أبدا للفرق والطوائف والمذاهب بأنْ تعيدنا إلى العشرية السوداء أو تُمارس إكراها على مجتمع جزائري قال في حقه الشيخ أحمد حماني المفتي وأحد أهم كبار المالكية في الجزائر "نحن عريقون في الإسلام والإسلام عريق فينا"، فلا فائدة من محاولة بيع بضاعة مغشوشة في سوق تحسن التمييز بين الغث والسمين، خصوصا ضمن دائرة الدين الواحد.
لا يوجد لدينا اعتراض على قناعات الأفراد أو خياراتهم الثقافية والفكرية والفلسفية، لكننا نعترض على أن يفرض هؤلاء موقفهم وقناعاتهم على الآخر باستخدام أساليب المغالطة والاستدراج العاطفي. إن دور مؤسسات الدولة المختلفة يتأسس على حرية الفرد في التفكير، مع حمايته أيضا من التكفير ومن أي إكراه ثقافي او فكري أو دينيّ، ونحن على ثقة من أنّ المجتمع الجزائري، يمتلك المناعة الكافية من محاولات التأثير عليه، بعد السنوات الصعبة التي دفع فيها فاتورة كبيرة، كان أفضل علاج لها هو إرساء ثقافة السلم والمصالحة التي بادر بها السيد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، مستفتيا فيها الشعب الجزائري.
* ما خلفيات تقدمكم بملف لتصنيف أغنية الراي ضمن التراث العالمي لليونيسكو؟ وهل كان لسعي المغرب المماثل لتبني أغنية الراي دور في حماية جزائرية هذا النوع الغنائي الذي تحول إلى العالمية؟
- إطلاقا.. لقد انطلقنا منذ تنصيبنا على رأس وزارة الثقافة في تجسيد مسعى رئيس الجمهورية الذي من بين أهم أهدافه حماية التراث المادي واللا مادي للجزائر، ومشروع تصنيف أغنية الراي ضمن الموروث اللا مادي الجزائري جاء وفق رزنامة معدّة سلفا ولا علاقة لما ورد في سؤالكم عن محاولة تبني المغرب الشقيق لأغنية الراي، ثمّ إنّ الراي طابع غنائي شعبي جزائريّ مئة بالمئة، صحيح هناك جوّ ثقافي متقارب بين مختلف بلدان المغرب العربيّ، لكننا في الجزائر دأبنا على تنظيم مهرجان سنوي لأغنية الراي ظلّ لسنوات عديدة. فالأمر لا يعدو أن يكون ملفا قدّم لليونيسكو ضمن رزنامة عمل معدّة سلفا، وسيتوصل العمل لتصنيف طلوع أخرى مثل السراوي السطايفي والأشويق القبائلي والآي آي الصحراوي.
* تسعون أيضا إلى تصنيف أهرامات جزائرية شبيهة بتلك الموجودة في مصر.. ما قصة هذه الأهرامات؟
- هناك أكثر من ثلاثة عشر (13) هرما رباعي القاعدة دائري القمة، يطلق عليها الاجدار (لجدار)، وهي تشبه قليلا ضريحي كليوباترا سيليني (تيبازة) وإيمدغاسن (باتنة) وتمت بعض البحوث بأهرامات لجدار، إذ تبيّن أنها أضرحة جنائزية تعود إلى القرن الخامس الميلادي، وطبيعتها كمعمار لا تختلف عن أهرامات الجيزة.. وهي لا تبعد عن مدينة تيارت بأكثر من عشرين كلم، ونحن بصدد إعداد ملف لتصنيفها أيضا ضمن التراث العالمي، وقد اتفقت مع الأستاذ حلمي النمنم وزير الثقافة المصري على استقدام خبراء أثريين من مصر للقيام ببحوث مشاركة مع نظرائهم الجزائريين، من أجل التعريف أكثر بأسرار هذه الأهرامات.
* كنتم قد أعلنتم عن اختيار الجزائر للإعلان عن المرشحين بالفوز بجائزة البوكر في نسختها العربية.. هل من تفاصيل أكثر عن هذا الموضوع؟
- كان الإعلان بعد لقائي بالسيدة فلور مونتانارو منسقة الجائزة العالمية للرواية "البوكر العربية"، وتمّ الاتفاق على أن يتمّ إعلان قائمة المرشحين القصيرة في شهر فبراير 2017. إن اختيار الجزائر لهذا الحدث الأدبي والثقافي من شأنه أن يمنحه قوّة وحضورا أكبر، فهذه الجائزة تحظى باهتمام من قبل الروائيين الجزائريين ومتابعة كبيرة من قبل الإعلام الجزائريّ والعربي والعالمي أيضًا.
aXA6IDE4LjIyNS41NS40MiA= جزيرة ام اند امز