مثقفون عرب لـ"العين": "قانون القراءة" يعيد المجد للكتاب وأمته
كتاب عرب لفتوا في حديثهم مع "بوابة العين الإخبارية" إلى أن "قانون القراءة"، يضع الإمارات ضمن الفلك الثقافي العميق الذي يراهن على الإنسان القادر على إنتاج اقتصاد المعرفة.
رأى كتاب عرب أن القانون الذي أصدره أخيراً رئيس دولة الإمارات المتحدة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، الذي يعد أول قانون للقراءة في العالم العربي، يضع الإمارات ضمن الفلك الثقافي العميق الذي يراهن على الإنسان القادر على إنتاج اقتصاد المعرفة واستدامة التنمية.
ولفتوا في حديثهم مع "بوابة العين الإخبارية" إلى أن أهمية هذا القانون، في هذا الوقت تحديداً، تأتي لتبني الغرب القراءة كمنهج وثقافة دائمة بينما هجرها العرب وابتعدوا عنها، فجاء لينعش الآمال باستعادة "أمة اقرأ" لمجدها التليد الذي يجري إحياؤه من خلال هذا القانون بطريقة جذّابة تعيد للكتاب مجده الغابر.
كما تحدثوا عن دور دولة الإمارات الكبير واللافت بتبني المشاريع الثقافية الضخمة وطرحها بحلة تسويقية مبهرة ومحترفة، مما يسهل على الجمهور فهم هذه المبادرات والتفاعل معها.
دولة التنوير
الكاتب والشاعر السوري هاني نديم رأى أن دولة الإمارات بإصدارها قانوناً يحيط بتنمية القراءة وغرسها في ثقافتنا لهو أمر مثير للاحترام والدهشة، مؤكداً أن هذا ما عودتنا عليه الإمارات التي ركبت باكراً مركب التقدم والمدنية.
وأضاف صاحب كتاب "نحات الرياح": "كلنا نعلم أن القراءة هي جزء أصيل من تعاليمنا الدينية والاجتماعية منذ القدم، فالجاهلية كانت ترد أولادها للبادية لأجل أن يقرأ ويكتب، والإسلام ابتدأ وامتد بكلمة اقرأ التي جاء بعدها ما أكد عليها، وللمفارقة فإن الغرب تبنى القراءة كمنهج وثقافة دائمة بينما هجرناها نحن وابتعدنا عنها.. ومن هنا تأتي أهمية تلك المبادرة في الزمان والمكان، والموضوع واللافت هنا أيضا أن الإمارات كعادتها بتبني تلك المشاريع الضخمة تطرحها بحلة تسويقية مبهرة ومحترفة، مما يسهل على الجمهور فهم هذه المبادرات والتفاعل معها".
وخلص: "أن نقرأ يعني أن نتخلص من الجهل وما يحيط به من مشاكل وآفات أصابت مجتمعنا للأسف بسبب ابتعادنا عن الاكتساب المعرفي والقراءة.. إنه مشروع من أجمل المشاريع التي سمعت بها منذ زمن طويل وأتمنى أن يكتب لها النجاح والتوفيق".
الإمارات تقرأ
أما أستاذ الإعلام في الجامعة الأمريكية بدبي الكاتب الأردني موسى برهومة، فيرى أن دولة الإمارات أدركت مبكراً أن الحداثة لا تكون بالأبراج الشاهقة وناطحات السحاب العملاقة وحسب، بل لا بد لهذه الشواهق أن يرفدها عقل مستنير يضمن ديمومة هذه الإنجازات التي وضعت الدولة في زمن قياسي على سكة منافسة كبريات الحواضر المدنية في العالم.
وعن إقرار قانون القراءة، وجعل عام 2016 عام القراءة، ورصد ميزانية ضخمة لتحويل هذا الطموح إلى واقع يقول برهومة: "يضع قانون القراءة الإمارات ضمن الفلك الثقافي العميق الذي يراهن على الإنسان القادر على إنتاج اقتصاد المعرفة واستدامة التنمية، فالنفط في طريقه إلى النضوب من المنطقة، ولا بد أن يحافظ المسار التحديثي على وتيرته، وقد أدرك الإماراتيون ذلك بالطبع، فراحوا يبحثون عن مصادر لتعويض النفط من خلال استنهاض همة الإنسان، ودفعه إلى ناصية التحدي بالعلم والابتكار الذي لا يتحقق من دون قراءة وبصيرة ثاقبة".
وحسب برهومة فإن هذا الحدث الثقافي التوعوي الكبير ينعش الآمال باستعادة "أمة اقرأ" لمجدها التليد الذي يجري إحياؤه بطريقة جذابة، فمبجرد ذكر كلمة قراءة وترديدها وتنظيم الفعاليات المحفزة لها، يعني أن الكتاب استعاد مجده الغابر، ونفض الغبار عن صفحاته.
وتابع برهومة في حديثه للعين: "المشوار طويل في اتجاه خلق جاذبية جديدة للقراءة، لا سيما أن مناهج التعليم دمرت هذا الأمر وأفقرته، وأفرغته من محتواه المعرفي، فغدت الكتب عبئاً ثقيلاً على الطلبة، وغدت اهتمامات الأجيال مفارقة لسنن التطور الذي يضمن البقاء في عالم المنافسة. إذاً، لا بد من استدراك ما فات، وتعويض الخسائر والنقص وإصلاح الخلل. لا بد أن ينهض المجتمع من كبوته ويلتحق بركب الذين غيروا وجه التاريخ بالمعرفة والعلم والثقافة النقدية التحليلية التي كانت محرك العقل وهو يروض المستحيل".
ويختم صاحب كتاب "التراث العربي والعقل المادي" بإشارته إلى أن في الإمارات العربية إرادة سياسية خلاقة وعزم لا يلين للحاق بقطار العصر وهو يسير مسرعا إلى آفاق غير متخيلة، ولدى العقل الإستراتيجي الإماراتي إحساس بهذه التحول ووعي كثيف بمآلاته، وهو يدرك أن العلم الذي يبني بيوتاً لا عماد لهم أمر حقيقي، لا مجرد شعار، لأنه يدرك، على الضفة المقابلة، أن الجهل يهدم بيت العز والكرم!".
رسالة مشرقة
الكاتبة والروائية المصرية ضحى عاصي تؤكد أن الثقافة حق لكل الشعوب، وهو حق ضروري وأولي كسائر الحقوق الأخرى، فالشعوب التي تقرأ هي شعوب قادرة على الدفاع عن نفسها وأصالتها وتكوين هويتها الذاتية والجمعية، وهذا ما يؤكده قانون القراءة الذي أصدره مؤخرا رئيس دولة الإمارات المتحدة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، الذي يعد أول قانون للقراءة في العالم العربي نتمنى أن تكون مثالا تنتهجه باقي الدول العربي، وهي بالضرورة تعاني من تدني ملحوظ في مستوى القراءة عند مختلف الفئات والطبقات.
وتعتبر مؤلفة رواية "104 القاهرة"، اهتمام دولة الإمارات العربية المتحدة بالقراءة ووضعها قوانين وتشريعات تدفع المواطن للقراءة هي قبل كل شيء رسالة واضحة ستسهم في تكوين وجدان وعقل مواطنيها، لتصير الثقافة والقراءة جزءاً من أبجديات حياته.
وتخلص قائلة: "ربما يتعجب البعض من جملة تشريع للقراءة، ولكن إذا تساءلنا ولماذا لا.. إذا كانت كل قيم العدل والحريات صدر لها تشريعات؟ وهل القراءة والمعرفة ليسا في حد ذاتهما قيمة تقود إلى إدراك ووعي وفهم كل القيم التي تقام من أجلها التشريعات".