خبراء: مبادرة المعارضة الجزائرية للصلح مع السلطة" إفلاس"
الدكتور حسين قادري قال: المبادرات أعطت انطباعا بأن هذه الأحزاب تبحث لها عن موقع ودور في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
قال خبراء ومختصون في الشأن الجزائري إن مبادرة أحزاب المعارضة للصلح السياسي مع السلطة ركوب موجه وإفلاس سياسي وتهدف إلى تحقيق مصالح في الانتخابات الرئاسية المقبلة 2019.
كان رئيس حزب طلائع الحريات المعارض علي بن فليس، غريم الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة "التقليدي"، فاجأ المراقبين بطرح مبادرة صلح مع السلطة رأى فيها كثيرون أنها جريئة في طرحها وتوقيتها.
- الجزائر.. المعارضة تكشف عن مرشحها "التوافقي" لرئاسيات 2019
- الجزائر.. "التأديب" بحق برلماني مساند لبوتفليقة
وسماها ابن فليس "مقاربة جماعية لإخراج البلد من الأزمة"، تتلخص في "جلوس السلطة والمعارضة معا إلى طاولة واحدة لمناقشة الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية"، مع ترك الخلافات بينها على الهامش.
وذكر علي بن فليس، رئيس الوزراء الجزائري الأسبق، أن مبادرته تهدف إلى "تجنيب البلاد محنة أخرى، على أن يكون الجيش مرافقا وضامنا لها"، تضمن بحسبه الخروج بحلول "سلمية وتوافقية وتدريجية".
وعلى عكس مبادرة رئيس حركة مجتمع السلم (الإخوانجية) التي تتقاطع مع مبادرة "طلائع الحريات" في غالبية مضامينها، باستثناء "أولوية الرئاسيات"، اشترط ابن فليس، الذي عمل أيضا مديرا للحملة الانتخابية للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في عام 1999، إسقاط هدف الانتخابات الرئاسية المقبلة من الحسابات السياسية الحالية كأولوية، والالتفات إلى "ما هو مستعجل".
وفيما يشبه مضمون مبادرة زعيمة حزب العمال، لويزة حنون، دعا علي بن فليس في ندوة صحفية بمقر حزبه، الأسبوع الماضي، إلى "تشكيل حكومة وحدة وطنية"، توكل لها مهمة "وضع خطة للخروج من الأزمة الحالية"، من خلال "دستور توافقي وإنشاء هيئة مستقلة تشرف على تنظيم الانتخابات".
كما اقترح المرشح الرئاسي السابق في انتخابات 2004 و2014 في مبادرته "وثيقة تعهد سياسي"، تُوقع عليها مختلف القوي السياسية في البلاد، والشركاء الاجتماعيون من النقابات والمجتمع المدني، سماها "وثيقة تعهد بالتحول الديمقراطي"، تضمن بحسبه "تجنيب البلد الوقوع في أزمات".
"موضة المبادرات الحزبية" كما وصفها كثيرون من متابعي الشأن الجزائري، لم تتوقف عند حزب طلائع الحريات، فقد طرح رئيس حركة مجتمع السلم (الإخوانية)، عبد الرزاق مقري، مبادرة "للدخول في عام كامل من العسل مع السلطة"، تكون "رئاسيات 2019 أرضية لها".
وتتزامن هذه المبادرات مع موجة الإضرابات التي تضرب الجزائر منذ عدة أسبايع ووصلت إلى العديد من القطاعات والنقابات والتي تعيش على صفيح ساخن، خاصة بعد انسداد قنوات الحوار بين النقابات والوزارات وتصميم النقابات على مطالبها.
ركوب الموجة
وفيما يري محللون أن مبادرات الصلح لأحزاب المعارضة الجزائرية جدية وضرورية فرضتها حساسية ودقة الوضع الحالي في الجزائر، اعتبرها آخرون أنها دليل جديد على حالة الإفلاس السياسي التي وصلت إليها الطبقة السياسية في الجزائر.
كما أن هناك طرف ثالث من المحللين رأى أن هذه المبادرات تؤكد حالة الانقسام التي تعيشها المعارضة الجزائرية، خاصة بعد طرح فكرة "المرشح التوافقي للمعارضة"، وهي الفكرة التي يتوقع كثيرون أنها لن تلقى الصدى المطلوب لدى المعارضين.
- 2018 بالجزائر.. عام الحسم في ترشيح بوتفليقة لولاية خامسة
- الجزائر 2017.. عزوف سياسي وزخم انتخابي وتعدد حكومي
ومن جانبه اعتبر الدكتور حسين قادري، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر، هذة المبادرات بمثابة "صرخة في واد".
وقال قادري في تصريحات خاصة لـ" العين الإخبارية" إن التعمق في هذه المبادرات يحيلنا إلى القول إن لها حسابات انتخابية، والكل يتطلع في هذه المرحلة إلى الرئاسيات المقبلة، على أساس أنها بداية لتهيئة الرأي العام.
وأضاف أن الملاحظة الثانية "تؤكد أن المبادرات تعبر عن حالة التخبط والتفكك الذي يشهده بيت المعارضة العاجزة أصلا عن الوصول إلى أرضية مشتركة وطرح نفسها كبديل ديمقراطي مثلما هو الأمر في الديمقراطيات العالمية، والتأسيس لمرحلة أكثر استقرارا عل الجبهة الاجتماعية".
ويرى المحلل السياسي أن "المبادرات أعطت انطباعا بأن هذه الأحزاب تبحث لها عن موقع ودور سواء بإرضاء السلطة بالشكل الذي يجعل الأخيرة تعترف بموقع لها في الرئاسيات المقبلة".
وفيما يتعلق بالإضرابات يقول الدكتور قادري: "إن النقابات لم تطلب مساندة الأحزاب لأنها ترفض تسييس مطالبها، والأحزاب تحاول استغلال الحراك الاجتماعي دون أن تتبناه، رغم أن الوضع متحكم فيه".
وأضاف قادري أن الالتزام والامتثال إلى أحكام العدالة وقرارات مؤسسات الدولة هو بداية حل حالة الانسداد الحاصلة مؤخرا فى البلاد، كما أن إفشال مؤسسات الدولة كما حدث في وقت سابق لن ينفع أي طرف سواء النقابات أو الأحزاب".
أما المحلل السياسي، الدكتور عبد الرحمن بن شريط، قال لـ"العين الإخبارية" إن مبادرات أحزاب المعارضة هي "بمثابة المساعي المشروعة والصحية لمستقبل غير واضح المعالم، ومحاولة منها لاسترجاع الدولة الجزائرية ومؤسساتها".
وعن مسألة تزامنها مع الإضرابات، قال إن "الأزمة الحالية سابقة للإضرابات، واستغلالها من قبل المعارضة ممكن، لكن قد تستغلها السلطة أيضا من خلال المماطلة في حل مشاكل القطاعات المُضربة، مشيرا إلى أن ما وصفه بـ"الاستثمار في مآسي الشعوب" يعد من أساليب السياسة المكيافيلية المعروفة في كثير من دول العالم".
كما توقع المحلل السياسي فشل مبادرات المعارضة، مبررا ذلك "بانغلاق اللعبة السياسية في الجزائر"، إضافة إلى محاولات بعض الدول التدخل في الشؤون الداخلية للجزائر بهدف دفع البلاد نحو "أزمة مقصودة".
aXA6IDMuMTQ1Ljc5LjIxNCA= جزيرة ام اند امز