شخصيات معارضة تكشف عن اسم مرشح لرئاسيات 2019 لم يسبق له تولي مناصب حكومية لمواجهة مرشح السلطة.
كشفت شخصيات معارضة في الجزائر عن اسم مرشحها الذي سيدخل غمار الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها ربيع 2019، بعد أن توفرت فيه الشروط التي حددتها تلك الشخصيات، بأن يكون شخصية "لم يسبق لها أن شغلت أي منصب حكومي، ولها مواقف مشرفة من مختلف الأحداث والأزمات التي عاشتها الجزائر".
وبعد أكثر من شهر من التشاور، قررت الشخصيات المعارضة ترشيح الحقوقي والمحامي مصطفى بوشاشي، الذي ستسعى المعارضة الجزائرية لأن يكون "الورقة الرابحة والقوية" أمام مرشح السلطة، وأن يكون المرشح التوافقي لجميع قوى المعارضة الجزائرية.
- الجزائر.. "التأديب" بحق برلماني مساند لبوتفليقة
- 2018 بالجزائر.. عام الحسم في ترشيح بوتفليقة لولاية خامسة
ويعد الحقوقي مصطفى بوشاشي، من أقدم الحقوقيين في الجزائر الذين كان لهم باع طويل في مجال حقوق الإنسان، وسبق له أن دخل قبة البرلمان الجزائري في تشريعيات 2012 كنائب عن حزب جبهة القوى الاشتراكية، وهو أقدم حزب معارض في الجزائر.
وبعد سنتين، فاجأ بوشاشي حزبه والمتابعين باستقالته من البرلمان ومن الحزب، ليكون أول نائب برلماني يقدم استقالته في تاريخ البلاد، مبرراً قراره بعدم قدرة البرلمان الجزائري على حل مشاكل الجزائريين، وبأنه "أداة طَيِّعة في أيدي السلطة"، كما قال في تصريحات صحفية.
واللافت في الشخصيات المعارضة التي قدمت مرشحاً عنها، أنها نفسها التي قاطعت رئاسيات 2014، وأسست الحركة التي عرفت حينها بـ"حركة بركات"، التي دعت الجزائريين إلى مقاطعة الانتخابات، وجهرت بمعارضتها للعهدة الرابعة للرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة.
ويؤكد أصحاب المبادرة أن الهدف من طرح اسم المرشح والسعي لأن يكون توافقياً بين جميع أطياف المعارضة في البلاد، هو لتوحيد صفوف المعارضة، والدخول بمرشح واحد قادر على مواجهة مرشح السلطة، مهماً كان اسمه أو وزنه في الساحة السياسية.
ويرى المحلل السياسي الدكتور عبدالرحمن بن شريط، في حديث مع بوابة "العين الإخبارية" أن الاسم غير متوقع بالنظر إلى وزن الرئاسيات، وتحرك المعارضة يعتبر إيجابياً وصحياً في اللعبة الديمقراطية، وأرى أن هذا المسعى هو لاستباق الأحداث ومحاولة تهيئة الرأي العام وتقبل اسم المرشح، خاصة وأن فكرة العهدة الخامسة تخدم أصحاب المبادرات من المعارضة".
وأضاف: "أن هناك حالة من الغموض حول هوية الرئيس المقبل للجزائر، ومصلحة الجزائر تستدعي الدخول بمرشح توافقي بين جميع تيارات المعارضة، لكن اسم بوشاشي أعتقد أنه شخصية غير عمومية، والرئاسيات تتطلب كاريزما معينة".
الإسلاميون يفسدون التوافق
كما يرى عدد من المراقبين في الجزائر، أن الكشف عن أوراق المعارضة يعني اتخاذها قراراً بعدم مقاطعة الانتخابات الرئاسية القادمة، رغم ترجيح البعض أن التيارات المعارضة لن تتفق على أي مرشح مهما كان الاسم المطروح، خاصة مع ما يقول المراقبون إن المعارضة اختلفت وهي موحدة في تنسيقية الانتقال الديمقراطي التي تشكلت في 2014، وانقسمت مع اقتراب تشريعيات 2017، وهو ما يعني بحسبهم أن "المعارضة توحدها الظروف وتفرقها المصالح".
أول من ترجم هذه "القاعدة السياسية" في الجزائر، هي حركة مجتمع السلم الإخوانية، التي كشف رئيسها، عبدالرزاق مقري، عن أن حركته "غير معنية بأي فكرة مرشح توافقي لقوى المعارضة، وأن "الأولوية الآن الاهتمام بالمشاكل والتوترات الاجتماعية والتحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد".
وهو الموقف الذي فسره المراقبون بأن الأحزاب الإسلامية لا تستهويها فكرة المرشح التوافقي "حتى فيما بينها"، خاصة في ظل الصراع على "الزعامة" الذي "تشتهر به الأحزاب التي توصف بالإسلامية في الجزائر، والذي كان واحداً من أهم أسباب تراجعها في مختلف المواعيد الانتخابية التي جرت منذ 2012.
موقف الحركة بحسب المتابعين أيضا لم يكن مفاجئا أو غريباً، بل كان منتظراً، خاصة وأن الأحزاب الإسلامية في الجزائر هي أول "من يدعو إلى لملمة صفوف المعارضة خارج أوقات الحسابات الانتخابية، وأول من يخرج عنها عند اقتراب المواعيد الانتخابية"، كما يرى كثيرون، وتشريعيات 2017، كانت الحجة على إخوان الجزائر، الذين عبروا أكثر من مرة "عن عدم اعترافهم بشرعية السلطة"، لكنهم سارعوا للمشاركة في انتخابات تشرف عليها السلطة ذاتها.
ولم يستبعد المراقبون أن ترشح الحركة رئيسها عبدالرزاق مقري لرئاسيات 2019، للمرة الأولى منذ 1995، عندما واجه رئيسها الراحل محفوظ نحناح، الرئيس السابق اليامين زروال في أول انتخابات رئاسية تعددية تجرى في البلاد.
صراع لمواجهة صراع
من مفارقات السياسة في الجزائر، أنه رغم حساسية الوضع الذي يتزامن مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، إلا أن الأخيرة كشفت عن حالة "التبعثر" الذي يعيشه بيت المعارضة والموالاة معا، أو كما يصفه البعض "بطغيان الأنا السياسي"، خاصة في المواعيد الانتخابية، الذي وَلَّد صراعاً في المعارضة في مقابل صراع داخل الموالاة.
فمن جهة، تتفق المعارضة على أن البلاد تعيش حالة انسداد سياسي تتطلب بحسبها ضرورة إحداث التغيير الجذري والوقوف صفاً واحداً في وجه السلطة من خلال صناديق الاقتراع، إلا أنها تفضل المواجهة متفرقة.
وأعلن التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (معارض) استعداده لطرح مرشحه في الرئاسيات القادمة، إضافة إلى حديث داخل أروقة حزب طلائع الحريات المعارض، عن احتمال ترشح رئيسه، علي بن فليس، وهو الغريم التقليدي للرئيس الجزائري في الرئاسيات، وسبق له أن ترشح في انتخابات 2004 و2014.
إضافة إلى وجود أسماء من المعارضة لم تُخفِ نيتها في الترشح أو الظهور في مناسبات سابقة على "أنها البديل المحتمل"، من بينها رئيس الوزراء الجزائري الأسبق مولود حمروش، ورئيس الوزراء الأسبق أحمد بن بيتور.
كما لا يختلف حال المعارضة عن ذلك الموجود في "دهاليز الأحزاب المقربة من السلطة"، فمن جهة، يؤكد الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي (رئيس الوزراء الحالي)، أحمد أويحيى، أن حزبه يدعم ترشح بوتفليقة لعهدة خامسة، "و(إذا) لم يترشح فإنني سأترشح"، ومن جهة أخرى، تقول جبهة التحرير الوطني (الحزب الحاكم) إنها ستدعم بوتفليقة (إذا) قرر الترشح لعهدة خامسة.
وهو ما يعني أن قرار أحزاب السلطة أصبح مرتبطاً بـ"إذا الشرطية"، التي إما توحدها على المرشح بوتفليقة أو تفرقها على مرشحين اثنين، وهو ما يعد سابقة في تاريخ السياسة الجزائرية.
وما يزيد حالة الغموض لدى أحزاب السلطة، ما ذكرته بعض وسائل الإعلام الجزائرية، بأن الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، الرئيس الشرفي للحزب الحاكم "أمر قيادة الحزب بالتوقف عن حملة الترشح لعهدة خامسة"، خاصة في ظل ما أكدت أن "بوتفليقة انزعج من الاستغلال الفاضح لاسمه في تبني حملة رئاسية من قبل رجال أعمال وبعض الهيئات الدينية المتمثلة في الزوايا".
وأمام هذا المشهد المعقد، يقول المحلل السياسي عادل زغار، لبوابة "العين الإخبارية": "إن الرئاسيات المقبلة ستكون من بين أكثر الرئاسيات إثارة في البلاد، خاصة مع المؤشرات التي تؤكد عدم مقاطعة المعارضة لها، رغم حالة الانقسام التي تعيشها".
وأضاف: "إن المعطيات الحالية تؤكد أن المعارضة والموالاة في حالة لا تحسد عليها، فالمعارضة منقسمة ومترددة وبحاجة إلى أسماء ثقيلة تقنع الناخب الجزائري الذي لا يرى أن المعارضة قادرة على التغيير، وأحزاب الموالاة رهنت مصيرها السياسي بترشح بوتفليقة، وعدم ترشحه سيؤدي إلى انقسام الموالاة، وهو ما يضع المشهد السياسي أمام حالة جديدة وهي صراع في مواجهة صراع على كرسي الرئاسة".
aXA6IDE4LjIyMy4yMzcuMjQ2IA==
جزيرة ام اند امز